مقالات مختارة

صفقة أم لا صفقة: زلمان شوفال

 

إن بيان الرئيس دونالد ترامب عن اعتراف بلاده بالقدس كعاصمة إسرائيل، أثارت في الولايات المتحدة ردود فعل من كتّاب الافتتاحيات أساسا، والتي أعطت صداها في المواقف المعتادة لمن كانوا مسؤولين عن سياسة الشرق الأوسط في عهد أوباما. وفي «نيويورك تايمز» بالذات غير العاطفة على الرئيس ترامب، أيدوا القرار بشكل لا لبس فيه. وفي الجمهور اليهودي على اختلاف ألوانه أيضا كان مؤيدون أكثر مما كان معارضون، بما في ذلك الإصلاحيون والمحافظون. أحد الشخصيات قال على مسمعي بانفعال: «هذه لحظة ترومان لترامب ».

في هذه المرحلة، ليس واضحا إذا كان إعلان القدس يقف بذاته، أم ربما في أعقابه سيطرح الرئيس أيضا خطته الكاملة بالنسبة للنزاع الإسرائيلي الفلسطيني، ولكن تتعاظم المؤشرات على أنه سيوسع يراع اقتراحاته. رئيس الوزراء هو الآخر تناول ذلك في معهد البحوث «تشتام هاوس» في لندن، حين اقترح على الحاضرين «عدم الاستخفاف» بتصميم ترامب على تحقيق «صفقة من خارج العلبة».

تفاصيل الصفقة ليست معروفة بعد، ولكن لن نتفاجأ إذا ما كان رئيس الوزراء، الذي أجرى في الأشهر الأخيرة اتصالات مكثفة مع طاقم السلام الأمريكي، على علم بخطوطها العريضة. فالأمريكيون يفهمون أن من ناحية إسرائيل يجب على كل خطة أن تكون أولا وقبل كل شيء على أساس فرائض الأمن الإسرائيلي، وعلى رأس ذلك الحدود القابلة للدفاع في غور الأردن، الوجود الأمني لمدى طويل في يهودا والسامرة، تجريد السلطة الفلسطينية من السلاح، الرقابة على المجال الجوي والحظر على الارتباطات الأمنية الفلسطينية مع جهات خارجية.

وعلى أية حال، فإن موضوع الأمن ليس مثابة كل شيء، ناهيك عن مواضيع مثل المستوطنات التي خارج الكتل الاستيطانية، التي يبدو أن مستقبلها لن يندرج في الخطة في هذه المرحلة. ستتناول خطة ترامب أيضا صيغة الدولتين كهدف نهائي، ولكن من دون جدول زمني محدد. ومن تصريحات ترامب في الماضي يمكن أن نقدر أن نهجه يستند بالعموم إلى التوافقات حول كتل المستوطنات الكبرى بين الرئيس جورج بوش ورئيس الوزراء شارون، إضافة إلى البناء في القدس.

عندما يعلن الرئيس الأمريكي أفكاره في الموضوع الإسرائيلي ـ الفلسطيني، فإن هذه تصبح البنية الأساسية للمسيرة، مثلما كان الحال بالنسبة لمبادئ كلينتون. وهكذا كما ينبغي الافتراض سيكون أيضا عندما يعلن ترامب أفكاره. لقد أخذ نتنياهو هذا بالحسبان منذ يوم ترامب الأول في البيت الأبيض، وعمل بموجب ذلك. إسرائيل كفيلة بأن تعلن تأييدها العام والمبدئي للخطة، ولكن ليست تفاصيل. وهي ستبقي ملحوظاتها المفصلة للمفاوضات مع الفلسطينيين، إذا ما وعندما تبدأ.

سيشرك ترامب في مبادرته السعودية أيضا وأجزاء أخرى من العالم العربي السنّي أيضا، سواء كمن يعطي حقنة مالية مهمة للاقتصاد الفلسطيني أم كغطاء سياسي للخطوات اللازمة من جانب الفلسطينيين. ومع ذلك، وخاصة بعد إعلان الرئيس عن القدس، لا توجد الآن مؤشرات حقيقية بأن المذكورين أعلاه استوعبوا المعاني المختلفة التي كانت في واشنطن منذ عهد أوباما؛ بل العكس.

على أية حال، بقيت مسألة كيف سيرد ترامب إذا تبين له بأنه لا توجد إمكانية عملية للوصول إلى تلك الصفقة والى «السلام المطلق» الذي يكثر من الإعلان عنه. أن يجتهد ألا يكرر أخطاء وزير الخارجية كيري، الذي من كثرة الاقتراحات التي نثرها على الملأ واتخاذ مواقف غير متوازنة، منع كل احتمال للتقدم، وإن كان رمزيا، في الاتصالات بين إسرائيل والفلسطينيين. من الصعب أيضا ان نرى كيف سيتغلب نهجه على الرفض الفلسطيني والخلافات الشاسعة في مواضيع مثل حق العودة، القدس، الاعتراف بإسرائيل كدولة الشعب اليهودي وما شابه. هل سيتخلى في حينه عن كل الموضوع أم ربما يفضل اتخاذ نهج براغماتي من التسويات الجزئية والعملية، التي لعله بالفعل يمكن الدفع بها إلى الأمام؟

معاريف

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى