مقالات مختارة

مؤتمر الغضب هبط عن حصانه؟!: اليكس فيشمان

 

بدا هذا كمؤتمر طوارئ هدفه كسر الأواني القديمة وإقرار استراتيجية فلسطينية جديدة. تنعقد اليوم في رام الله اللجنة التنفيذية لـ م.ت.ف، التي تضم كل قادة فتح في الضفة ـ رؤساء التنظيم، رؤساء «الشبيبة»، رؤساء المناطق، وكل من هو شيء ما في المنظمة. وإلى جانبهم يجلس قادة الفصائل الأخرى في م.ت.ف، وهناك اعتقاد بأنه سيدعى إلى المؤتمر أيضا مندوبون من حماس والجهاد الإسلامي .

أبو مازن، الذي تجوّل في أسبوع الاضطرابات في الضفة خارج البلاد، عاد أمس إلى رام الله وقرر على ما يبدو أنه انتهى له الحصان. كل الأدوات القديمة ـ اتفاقات أوسلو، اتفاقات الأمن مع إسرائيل، الريادة الأمريكية للمسيرة السياسية ـ شطبت. من ناحيته، هذه استراتيجية فشلت. إذا قررت القيادة الفلسطينية السير في اتجاه جديد، فإن الزعيم الشيخ، عليل الصحة، لن يكون هو من يقودها على ما يبدو.

أبو مازن عاد إلى رام الله بعد أن نفذ عدة إجراءات استهدفت تجنيد الصينيين، الروس والفرنسيين ليوفروا له مظلة سياسية حيال إسرائيل والولايات المتحدة. في الماضي ما كان ليخاطر بانعقاد اللجنة التنفيذية لـ م.ت.ف، التي هي الهيئة المخولة بأن تقرر تغييرات استراتيجية، ويخاطر بقرارات مثل إلغاء اتفاقات أوسلو. والقرارات التي ستتخذ في المؤتمر كفيلة بأن تكون لها آثار فورية. فمثلا، هل سيلتقون نائب الرئيس الأمريكي بنس أم لا. إذا كانوا سيلتقون، فمن سيلتقيه. وإذا كان لا، فإن هذا عمليا إعلان الانقطاع عن الإدارة الأمريكية الذي يعني خسارة 500 ـ 600 مليون دولار في السنة وأزمة مع السعوديين ـ ضربة مالية بحد ذاتها. في مثل هذا المؤتمر فإن الدول المانحة الأوروبية لن تعطي المال أيضا.

أحد لا يعرف بالضبط ماذا ستكون الاستراتيجية الفلسطينية الجديدة بعد مرحلة التنفيس في المؤتمر. فالتهديدات سبق أن انطلقت في الماضي، بما في ذلك على لسان أبي مازن. المؤكد هو أن الأجواء في فتح في نقطة غليان. فقادة المنظمة ينثرون تلميحات حول اتجاهاتهم. البارز بينهم، محمود العالول، نائب رئيس اللجنة المركزية لفتح ورئيس التنظيم، وعمليا رقم 2 في فتح بعد أبي مازن، تحدث في نهاية الأسبوع صراحة عن انتهاء عصر أوسلو وعن أن فتح ستتخذ كل أنواع المقاومة الشرعية. وفي اللغة الفلسطينية، فإن «كل أنواع المقاومة» تعني أيضا العودة إلى المقاومة المسلحة.

ردا على أقواله نشر منسق أعمال الحكومة في المناطق، اللواء فولي مردخاي بيانا حادا على نحو خاص يدعوه إلى التراجع إذ أنه يحرض على الإرهاب والى الصدامات الدموية. ولكن الضوء الأخضر قد صدر. ففي المرة الأولى منذ سنوات لا تستبعد فتح، بقيادة أبي مازن استخداما آخر للسلاح الناري في المواجهة مع إسرائيل.

تنبع التصريحات المتطرفة أولا وقبل كل شيء من الاحباط. فالأسبوعان الماضيان منذ تصريح ترامب حول القدس لم يؤديا إلى المقاومة الشعبية التي توقعوها. فلم ينفجر أي بركان ولم تفتح بوابات الجحيم مثلما وعد أبو مازن. واتخذت قيادة فتح الميدانية على عاتقها قيادة الاحتجاج في الشارع بنجاح جزئي جدا. كان لها موضوع جيد ـ القدس ـ ومع ذلك بقي الناس في البيوت. فقد حاولوا انتاج إحساس بالطوارئ، وانتقل التلفزيون الفلسطيني إلى البث الحي المباشر على مدار الساعة من بؤر المواجهة، ولكن الشارع لم يشتعل. تبين لهم أنه لا يوجد توافق بين النشاط في الشارع والخطاب في القيادة. هناك قطيعة واغتراب. في الحوار مع النشطاء الفلسطينيين يقولون: «أولا لنرى ابني أبي مازن الفاسدين يتفجران على حواجز الجيش الإسرائيلي، قبل أن يبعث بنا لفتح بوابات الجحيم».

المخابرات، الجيش والشرطة الإسرائيلية استعدت لأيام الغضب أفضل مما في الماضي، مما شكل عاملا مركزيا في الحفاظ على مستوى اللهيب. وحددت المخابرات أكثر من 500 ناشط، لا سيما من التنظيم، من شأنهم أن يقودوا الاضطرابات. ولكن الاعتقالات الجماعية لم تدفع العالم العربي نحو المتاريس، ولا الشارع الفلسطيني أيضا.

ولا يزال، محظور علينا أن نكون غير مكترثين: فالسبب للاضطرابات أصيل. وزيارة بنس إلى إسرائيل هي إشارة حمراء من ناحية الفلسطينيين. والتقرب بين نشطاء فتح ونشطاء حماس في الضفة في الاضطرابات الأخيرة تقلق إسرائيل. وعليه، فان الاضطرابات ستستمر، بل وربما ستحتدم، في أثناء زيارة نائب الرئيس الأمريكي.

يديعوت

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى