مقالات مختارة

هل هي صفقة الرئيس الأمريكي الذكية؟: يوسي بيلين

 

من الصعب على المرء أن يكون متهكمًا أمام خطاب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي اعترف بالقدس عاصمة إسرائيل. لعل هذا هو الضعف الخاص لأبناء جيل الدولة: الأبناء الذين أخذهم أهاليهم في الإجازة الكبرى إلى القدس، وصعدوا معهم إلى سطح مجلس العمال في شارع شتراوس، ورفعهم الآباء على أكتافهم وأمروهم بأن ينظروا إلى الطرف الأردني من المدينة المنقسمة في محاولة لرؤية المبكى. ولكنهم لم ينجحوا إلا في أن يروا القوات العسكرية .

بعد أن سلمت أمم العالم بحدود الخط الأخضر في قرار 242 لمجلس الأمن في تشرين الثاني 1967 كان ينبغي لها منذ زمن بعيد أن تعترف بالقدس الغربية التي احتلها الجيش الإسرائيلي في عام 1958 ـ كعاصمة إسرائيل. عمليا، حتى السفير الكندي، الذي رفض لقائي في مكتبي في شرق القدس كان مستعدا لأن يلتقي في دار الحكومة في غرب المدينة. ولكن لم تعترف أية دولة بالقسم الغربي من المدنية كعاصمتنا، بل ولم تقترح أي منها أن تنفذ الآن قرار التقسيم وتدويل القدس الآن. من المحزن وغير العادي أن تكون إسرائيل هي الدولة الوحيدة في العالم التي لم يعترف بعاصمتها حتى وقت أخير مضى، ولا تنزل أية سفارة فيها (منذ تشريع «قانون القدس» لإيئولا كوهين، والذين الحق ضررا زائدا بالمدينة). كان خطاب ترامب مهما ومؤثرا، ولكن إذا لم يكن انتقال للسفارة إلى القدس (حتى وإن كان لمبنى مؤقت) قريبا جدا؛ وإذا لم يسجل مواليد القدس كمواليد إسرائيل؛ وإذا لم تشر الوثائق الأمريكية الرسمية إلى القدس كعاصمة ـ سيبقى إعلان الرئيس بادرة طيبة مهمة لإسرائيل، ولكن ليس كخطوة تُغيّر الواقع.

قبل بضعة أسابيع فقط شرح ترامب بوسائل الإعلام لِمَ لن ينقل السفارة، وقال: إن من شأن الأمر أن يمس بمساعيه لتحقيق اتفاق بين إسرائيل والفلسطينيين. معقول الافتراض أن يكون غير رأيه لأنه كان يفترض به أن يوقع على معارضته نصف السنوية لنقل السفارة إلى القدس، ومن أجل تحلية القرص المرير، قرر إعلان الاعتراف بالقدس كعاصمة إسرائيل من دون أن يحدد حدودها. لقد سعى ترامب لأن يبقي مسألة الحدود للاتفاق المستقبلي، وأعاد حل الدولتين إلى البحث. الرسالة كانت واضحة: هو لا يكرر الفكرة الشوهاء عن الدولة الواحدة، التي تقام بدلا من إسرائيل.

يُحتمل أن تكون هذه خطوة أكثر ذكاء. في مرحلة مبكرة من رئاسته عرض ترامب حل النزاع الإسرائيلي ـ الفلسطيني كالتحدي المركزي بالنسبة لإدارته، واعلن أن في نيته أن يحقق في الشرق الأوسط «الصفقة المطلقة». ولا حاجة لأن يكون المرء مليارديرا كي يفهم أنه عندما يجري الحديث عن صفقة، سيتطلب الأمر تنازلات من الطرفين. كان بوسع ترامب ظاهرا أن يترك الاعتراف بالقدس كإنجاز إسرائيلي يتم مقابل التنازلات، ولكن يحتمل أن يكون قرر اتخاذ خطوة يمنح فيها إسرائيل إنجازا مسبقا، ويطلب مقابله عندما يعرض خطة سياسية.

يمكن لحكومة نتنياهو بالطبع أن ترفض كل ما يعرض عليها، ولكن سيكون من الصعب عليها أن ترفض اقتراحا يأتي من طاولة من وصف بأنه الرئيس الأفضل لإسرائيل منذ قيام الدولة، وبالتأكيد ليس بعد إعلان رئاسي ذكر في نفس واحد مع تصريح بلفور.

اسرائيل اليوم

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى