مقالات مختارة

العنوان كان على الصاروخ: لن نسمح بوجود ميليشيات شيعية قرب الحدود: يوسي ميلمان

 

إذا كانت صحيحة المنشورات، فقد كان هجوما في ليل السبت ضد قاعدة سورية في الكسوة، على مسافة 13 كيلو مترا جنوب دمشق، عزي لإسرائيل، مثابة محاولة حازمة من إسرائيل لنقل رسالة لروسيا، بقدر لا يقل عنها للرئيس السوري بشار الأسد وإيران. والرسالة هي أن إسرائيل جادة حين تقول إنها لن تسمح بإقامة قواعد عسكرية إيرانية في سوريا. وهكذا تكون إسرائيل اجتازت ظاهرا من مرحلة نقل الرسائل في هذا الموضوع في القنوات الدبلوماسية إلى العمل العسكري .

يبدو حاليا أن أخذ المخاطر البنيوية في سياسة الهجمات الإسرائيلية في سوريا، يترافق والتخوف من التصعيد، يثبت نفسه. فالأسد لا يمكنه أن يسمح لنفسه بأن يرد على خرق السيادة من جانب إسرائيل بما يتجاوز النار غير الناجعة من منظومة الدفاع الجوي لديه، لأنه سيأتي حينها رد مضاد أشد أكثر من إسرائيل. والأمر الأخير الذي هو معني فيه في هذه المرحلة، وهو ينجح في إلحاق الهزيمة بأعدائه ـ لا سيما الدولة الإسلامية المطرودة من أراضيه ـ هو أن يفتح جبهة جديدة ضد إسرائيل.

ليس واضحا ما هي الأهداف التي هوجمت. وحسب بعض التقارير، فقد قصف مخزن سلاح. ولكن ما هو مهم حقا هي حقيقة أن الحديث يدور عن قاعدة نشرت صور جوية عنها قبل بضعة أسابيع. فقد نقلت جهة غير معلومة هذه الصور إلى خدمة البث البريطاني (هناك من يقدر أن الاستخبارت الإسرائيلية وقفت خلف هذا النشر)، في ظل تشديد حقيقة أنه في القاعدة تقام مبان تستهدف استيعاب جنود إيرانيين ومرتزِقتهم ـ المليشيا الشيعية الدُّولية التي تقاتل في سوريا. وكان نشر الصور إشارة تحذير، ولكن السوريين لم يأبهوا بها وواصلوا البناء. وعليه، ففي ليل السبت احتدت رسالة التحذير. إذا كانت التقارير صادقة، فإن القاعدة لا تزال في مراحل البناء ولا يوجد فيها إيرانيون أغلب الظن.

في الأحوال جميعها، يبدو أن إسرائيل تزيد ما تصفه «خطوط حمر» او مصالحها في سوريا. وبذلك فإنها تصبح عمليا جهة متدخلة عميقًا جدًا في الحرب لدى الجارة من الشمال. على مدى بضع سنوات، تلخصت الخطوط الحمر في أربعة، مثلما حددها وزير الدفاع السابق موشيه يعلون: عدم التدخل في الحرب الأهلية، الحفاظ على الهدوء على الحدود، رد مقنن على كل نار بالخطأ وخرق للسيادة الإسرائيلية واستغلال الفرص للهجمات في سوريا لمنع نقل الصواريخ الدقيقة إلى حزب الله في لبنان.

ولكن في النصف سنة الأخير أضيفت ثلاث مصالح أخرى: منع اقتراب قوة عسكرية لإيران، حزب الله أو المليشيا الشيعية الدُّولية من الحدود في هضبة الجولان، لمسافة 40 كيلو مترا على الاقل، إحباط بناء ميناء وقاعدة جوية إيرانية في سوريا ومنع مس منظمات الثوار بالدروز.

حاولت وسائل الإعلام في إيران التقليل من أهمية الهجوم، وعرضوه حدثا هامشيا لا يتعلق بدولتهم. ولِمَ يفعلون ذلك؟ فقبل أسبوع فقط ادّعى وزير الدفاع افيغدور ليبرمان أنه منذ تسلّم مهام منصبه ليس هناك وجود عسكري إيراني على مقربة من الحدود مع إسرائيل. ولكن لا شك أنهم في طهران يفهمون أن قصف القاعدة كان موجها لهم أيضا. مشكوك جدا أن يوقف هجوم إسرائيلي إيران من تحقيق أهدافها الاستراتيجية، التي تتضمن الوجود في سوريا وإقامة هلال بري شيعي عبر إيران وسوريا وصولا إلى لبنان، وانتشار بحري من الخليج الفارسي إلى المحيط الهندي، إلى البحر الأحمر وإلى البحر المتوسط.

لن تتنازل إيران بسهولة عن مكسبها الحربي في سوريا. ففي هذا الموضوع تشجعها أيضا أقوال وزير الخارجية الروسي، سيرجيه لافروف، الذي دعا إلى صرف كل القوات الأجنبية التي لم تستدع من نظام الأسد إلى الأراضي السورية، أي الولايات المتحدة وتركيا.

ويفهم من أقواله أن القوات الإيرانية والسورية وحدها هي التي يحق لها أن تكون فيها.

وحسب التقارير في وسائل الإعلام السورية والدُّولية، فقد أطلق الجيش الإسرائيلي صواريخ أرض ـ أرض من إحدى القواعد في هضبة الجولان، وبالتوازي أطلقت طائرات سلاح الجو صواريخ جو ـ جو نحو الهدف. مشوق أن نعرف إذا كانت الطائرات أطلقت الصواريخ من الأراضي السورية أم اللبنانية.

يوجد هنا فارق جوهري. فإذا تم هذا من الأراضي اللبنانية، يمكن لروسيا أن تغمض العين. وإذا لم يكن ذلك، فإن هذه ستكون قصة أخرى. وعليه، فيجب أن ننتظر لنرى ماذا سيكون الرد الروسي. إذا اكتفت روسيا بالجدب العادي، مثلما حصل في الماضي، فسيكون ممكنا القول إنها ترفع العتب، تسلم بالهجوم الإسرائيلي وتتفهمه. ولكن إذا جاء هذه المرة ردا حادا أو نقلت رسائل كهذه في قنوات دبلوماسية وعسكرية، فستضطر إسرائيل إلى إعادة حساب سياستها في سوريا.

معاريف

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى