مقالات مختارة

صراع السعودية ضد إيران من شأنه أن يورط إسرائيل في حرب في لبنان: عاموس هرئيل

 

خلال أقل من 24 ساعة، في نهاية الأسبوع الماضي، قامت العائلة المالكة في السعودية بعدة هزات في الشرق الأوسط، التي صعدت معركة السيطرة الإقليمية الجارية مع إيران. المخطط السعودي، لم يتم الكشف عنه بعد. ولكن التطورات رفعت مستوى التوتر في عواصم الدول المجاورة وأدت إلى موجة من التوقعات بشأن الخطوات المقبلة للسعودية .

في البداية جاء إعلان استقالة سعد الحريري من رئاسة الحكومة اللبنانية. في الساعات الأولى تم تبرير استقالته بخوفه من مقامرة لتصفيته من جانب حزب الله بأوامر إيرانية. ولكن كلما مر الوقت فإن الأمر يبدو كأنه إملاء من الرياض التي لم تكن راضية عن الطريقة التي أجبر فيها الحريري على التعاون السياسي مع حزب الله في الحكومة. جهات في حكومة لبنان ادّعت أنه محتجز في الرياض برغم أنفه. أمس أمرت السعودية والكويت مواطنيهما بمغادرة لبنان فورًا.

بعد بضع ساعات أعلنت السعودية عملية اعتقالات واسعة النطاق لأمراء ورجال أعمال بتهمة الفساد. في حين أن الأمراء كان يتم جمعهم في معتقل خمسة نجوم في فندق «ريتز كارلتون» في الرياض، حدثت حادثة جوية غريبة على الحدود الجنوبية للسعودية. في غداة ذلك اليوم تبين أن الأمير الذي كان في الطائرة المروحية حاول الهرب إلى خارج حدود المملكة، وتم إسقاط طائرته على أيدي سلاح الجو السعودي. الركاب التسعة وطاقم الطائرة قتلوا. المتمردون الحوثيون في اليمن المدعومين من إيران أطلقوا في هذه الأثناء صاروخا نحو مطار الرياض تم اعتراضه بنجاح بصواريخ أمريكية. وردا على ذلك قامت السعودية بفرض حصار بحري وبري على اليمن. ولكن هذه لم تكن التطورات الوحيدة المرتبطة بالسعودية هذا الأسبوع. رئيس الولايات المتحدة ترامب غرد بأقوال داعمة للخطوات التي اتخذها الملك سلمان والرجل القوي في المملكة ولي العهد محمد بن سلمان.

(صهر ترامب، جارد كوشنر، زار السعودية وإسرائيل قبل أيام قليلة من موجة التطهيرات في المملكة)، في إسرائيل، كما جاء في القناة 10، أرسلت وزارة الخارجية لسفاراتها رسائل توافقت تماما مع التفسيرات السعودية لاستقالة الحريري وألقت على إيران كامل المسؤولية عن الأزمة في لبنان، ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس سافر في زيارة مستعجلة إلى مصر والسعودية. وفي بروكسل ورد نبأ مفاجئ، عن رغبة وفد سعودي رفيع المستوى في الوصول في الأسبوع المقبل لإجراء عدة مباحثات حول طرق محاربة الإرهاب، التي دعيت إليها قبل عشرة أشهر.

هل يوجد خط واحد يربط بين كل هذه النقاط ـ والأزمة المختلقة التي افتعلتها السعودية واتحاد الإمارات ومصر مع قَطر المارقة في الصيف الماضي؟ هل ترتبط أيضا بعملية المصالحة بين فتح وحماس التي بدأ تنفيذها في غزة الأسبوع الماضي، بقيادة القاهرة؟ الحكمة المقبولة في أوساط رجال الاستخبارات والخبراء الأكاديميين تقول إن الأمر يتعلق بخطوات استهدفت تثبيت سيطرة ولي العهد محمد بن سلمان تمهيدا لنقل الحكم من والده (82 سنة).

ليس من الواضح أن السعوديين سيكتفون بذلك. العائلة المالكة قريبة بشكل خاص من إدارة ترامب ـ السعودية هي إحدى الدول القلائل إضافة إلى إسرائيل التي استقبلت بحماسة فوزه في الانتخابات الرئاسية، في مثل هذا الأسبوع قبل سنة. في السنة الأخيرة يتم نشر تقارير متزايدة في وسائل الإعلام العالمية عن تنسيق سياسي متزايد بين الرياض والقدس، يقترن أيضا بالتعاون الاستخباري. إسرائيل والسعودية تعتبران إيران عدوا مشتركا، وهما محبطتان من عدم قدرة الغرب على مواجهة زيادة نفوذ إيران في المنطقة، التي تسمى «الهلال الشيعي».

هذه الأحداث المتواصلة التي بدايتها من الأزمة القَطرية، تعزز التقدير أن أمامنا عملية سعودية أوسع ـ محاولة طموحة لإنشاء نظام إقليمي جديد. جزء منه هو المصالحة الداخلية الفلسطينية، التي تحتاج إلى دعم اقتصادي من السعودية واتحاد الإمارات، وهو لا ينتهي عند هذا كما يبدو. في جهاز الأمن وفي المستوى السياسي مستعدون للاحتمالية المعقولة، وهي أن تقوم إدارة ترامب بطرح وثيقة سياسية جديدة على إسرائيل والسلطة الفلسطينية، في محاولة لتحريك العملية السلمية المتوقفة. عملية كهذه يجب أن تكون منسقة بين واشنطن والرياض.

ولكن من المحتمل أن تكون لطموحات السعودية نتائج أخرى أيضا. عنوان المقال الذي نشره في بداية هذا الأسبوع سفير الولايات المتحدة السابق في إسرائيل، دان شبيرو، في النسخة الإنكليزية لصحيفة هآرتس، «سؤال: هل السعودية تدفع إسرائيل إلى حرب مع حزب الله وإيران؟». شبيرو الذي كان أيضا مستشارا لبراك أوباما لشؤون الشرق الأوسط يطرح احتمالية أنه إزاء نجاح نظام الأسد في البقاء بعد الحرب الأهلية في سورية، تريد السعودية نقل ميدان القتال مع الإيرانيين من سورية إلى لبنان ـ ومعنيين بأن تقوم إسرائيل بهذا العمل القذر لمصلحتهم. هنا يمكن حدوث ردود فعل متسلسلة لهذه الخطوة. وحسب تقدير شبيرو تأمل السعودية بأن تجبر استقالة الحريري حزب الله على مواجهة تداعيات الأزمة السياسية والاقتصادية في لبنان ـ والمنظمة الشيعية بدورها يمكن أن تبادر إلى مواجهة عسكرية مع إسرائيل من أجل توحيد الجمهور اللبناني حولها. لقد حذر شبيرو من أنه «يجب على إسرائيل أن لا تكون أداة لعب في أيدي السعودية لإدخالها إلى مواجهة مبكرة جدا».

شبيرو ليس الوحيد الذي يطرح سيناريو كهذا. دوف زكهايم، الذي شغل مناصب رفيعة المستوى في البنتاغون في إدارة ريغان وبوش، كتب هذا الأسبوع في مقال نشر في مجلة «فورين بوليسي» عن التحالف بين الولايات المتحدة والسعودية والإمارات وإسرائيل، وذكر بأن زيارة كوشنر للرياض كانت هي الثالثة منذ دخول ترامب البيت الأبيض. وحسب أقواله، على ضوء الربط بين القادة الثلاثة، ترامب ونتنياهو وابن سلمان، فإن كل الاحتمالات مفتوحة. «هؤلاء الثلاثة يخططون لشيء ما ـ وهذا يبدو أنه مخطط من أجل الضغط على إيران».

إسرائيل كما كتب هنا في السابق، تتصرف الآن في الشرق الأوسط في ظروف حساسة جدا. نجاح معسكر الأسد في الحرب الأهلية ووجود روسيا المتزايد في سورية والتأثير الكبير لإيران، خلقت وضعا جديدا غير واضح. وبالذات بسبب ذلك، حسب رأي هيئة الأركان العامة، هناك حاجة إلى تحديد قواعد اللعب التي يجب أن تحافظ على حرية عمل إسرائيل العسكرية في الجبهة الشمالية. من هنا كما يبدو، تأتي التقارير الكثيرة عن هجمات سلاح الجو في سورية. ولكن هذه الظروف أيضا تزيد بصورة دراماتيكية مخاطرة التدهور غير المخطط له، نتيجة لحادثة معينة تخرج عن السيطرة. إذا كانت السعودية حقا تزيد من اشعال النار بين الطرفين بصورة متعمدة، فهذا سيتحول إلى خطر ملموس.

في الجيش الإسرائيلي يتحدثون عن أن كل عملية ترتكز على الاستخبارات الدقيقة والتفكير المعمق، قبل تقديمها للمستوى السياسي للمصادقة عليها. وحتى الآن يبدو أن هذه فترة متوترة، حتى بالمقارنة مع احداث السنوات الماضية، التي تميزت بالتغيرات السريعة التي سيطرت على المنطقة منذ اندلاع الثورات العربية في كانون الأول قبل سبع سنوات.

هآرتس

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى