مقالات مختارة

المساومة على جثث النفق: تسفي برئيل

 

بضاعة ثمينة وقعت في أيدي إسرائيل في أعقاب تفجير النفق في غزة. خمس جثث لنشطاء الجهاد الإسلامي توجد الآن على الرفوف، محفوظة بأكياس بلاستيكية، سيتم استخدامها ورقة مساومة في المفاوضات على إعادة جثث الجنود الإسرائيليين. جثث مقابل جثث، قالت إسرائيل، أسرى وجثث مقابل جثث، قالت التنظيمات في غزة .

الجثث كما هو معروف لا يوجد لها موعد انتهاء صلاحية. قيمتها في رمزيتها، ولها أهمية حقيقية فقط في نظر الأهالي وأبناء العائلة الذين فقدوا أبناءهم. ولكن كون الجثث ورقة مساومة يحولها إلى ذخر وطني، الذي بناء عليه تقاس قيمة كل طرف. هذه منافسة فظيعة، في إطارها يتم فحص من هو الطرف الذي أهمية الجثث أكثر في نظره.

إذا أرادت إسرائيل الظهور دولة أكثر أخلاقية وتهتم بشهدائها مثل الجنود الأحياء فهي ستضطر إلى «الخسارة» في المساومة مع التنظيمات الإرهابية. وإذا أرادت «الربح» في المنافسة فسيكون عليها الاعتراف بأنها ليست متسرعة، وتبادل الجثث سيكون فقط حسب شروطها، حتى لو كان عليها الانتظار إلى نهاية العام.

الحقيقة هي أنه لا يوجد أي أساس إنساني وأخلاقي أو قيمي لهذه التجارة الفظيعة. الطرفان يجب عليهما إعادة الجثث التي توجد لديهما، وليس أن يحملوها اختبارات الترف. التعقيد يبدأ عندما ترفع التنظيمات الفلسطينية الثمن وتطلب مخربين أحياء أيضا. افتراضهم هو أنه توجد لإسرائيل حساسية أخلاقية أعلى، لهذا فهي توجد في حالة ضغط أكبر.

دولة سليمة كانت ستتفاخر بهذه الصفقة، وكانت ستعمل على الحفاظ على صفة كهذه. ولكن إسرائيل لا ترى أمام ناظريها ألم العائلات أو الرمزية الكامنة في إعادة جثث الجنود، وهي تتمسك بالمبدأ الذي يمنع الخضوع للإرهاب أو إجراء مفاوضات مع التنظيمات الإرهابية. برغم أن المبدأين تم اختراقهما في السابق.

فإسرائيل قامت بإجراء مفاوضات مع تنظيمات إرهابية ومع حزب الله من أجل إعادة جثث جنودها، أو الجنود الأحياء. كما أنها قامت بإطلاق سراح آلاف الأسرى في صفقات التبادل هذه. عدد من هؤلاء الأسرى عادوا للعمل في الإرهاب، ولكن أيضا من دونهم فإن صفوف التنظيمات كانت ستكون مليئة بـ «المخربين المحبطين» والمخربين اليائسين»، وأثناء وجودهم في السجن أيضا لم تتوقف العمليات.

إسرائيل ليست لاعبة جديدة في ملعب الجثث. ففي شهر تموز أجبرت محكمة العدل العليا الدولة على إعادة جثث المخربين الذين نفذوا عمليات قاتلة في منطقة الحرم لعائلاتهم. التبرير كان إجرائيا كما يبدو: لا توجد للشرطة صلاحية قانونية للاحتفاظ بالجثث واشتراط إعادتها بالموافقة على ترتيبات الجنازات. في استئناف آخر متعلق بإعادة جثث مخربين (في أيلول) تساءل القاضي، اسحق دنسيغر، «هل من الصحيح أن دولتنا، الدولة اليهودية والديمقراطية، تتفاخر بأنها تعمل بناء على قيم أخلاقية وتتصرف بهذه الطريقة في موضوع إعادة جثث المخربين؟». قيم أخلاقية؟ ليس عندما يديرون منافسة ليّ الأذرع مع حماس والجهاد الإسلامي، حيث أن شرف الدولة وليس أخلاقها، يقف هنا في الاختبار. العزة والأخلاق هي مثل الماء والزيت. ومحاولة المزج بينهما محكوم عليها بالفشل مسبقا.

يمكن فقط التساؤل ماذا كانت إسرائيل ستفعل لو لم تكن في أيديها الجثث الخمسة من أجل المساومة؟ هل كانت ستكون مستعدة لإطلاق سراح الأسرى مقابل جثث الجنود؟ إذا كان الجواب نعم فليس في الاحتفاظ بالجثث ما من شأنه أن يغير الوضع، وعلى إسرائيل إجراء المفاوضات على العدد. هل في المقابل هي مستعدة للإعلان أنها تتنازل عن المفاوضات وعن جثث الجنود لأنها غير مستعدة لإطلاق سراح أسرى؟ إذا كان الأمر كذلك فيجب عليها الإعلان من الآن أنه ليس هناك ولن تكون مفاوضات مستقبلا. لذلك ستقوم بإعادة جثث المخربين إلى عائلاتهم. لأنه من دون أسرى أحياء ليس للجثث قيمة تجارية. وكل احتمال آخر هو مناقض للمنطق والأخلاق.

هآرتس

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى