مقالات مختارة

حكومة نتنياهو تجرنا إلى الحرب عميرام لفين

 

ما أكتبه قاس، ومهم لي أن تقرأوه حتى النهاية. حتى وإن قض مضاجعكم، على أمل أن يدفعكم إلى أن تفعلوا شيئا ما .

أسمح لنفسي أن أعرض الأمور بكامل خطورتها لأن مجتمعنا قوي بما يكفي ليواجه الواقع كما هو. أعتقد أن لكل تحدٍ يوجد حل، وفي كل صعوبة توجد فرصة أيضا.

كما تبدو الأمور في الأسابيع الأخيرة، فإن رئيس الوزراء لا ينشغل في السياسة، بل أساسا في العلاقات العامة. في مكان آخر لعل هذا يمر بسلام، أما في دولة إسرائيل فمن شأنه أن ينتهي بالحرب. حرب زائدة سيقتل فيها جنود ومدنيون، أبناؤنا وبناتنا ممن لا ينبغي لهم أن يموتوا.

عند فحص محيط رئيس الوزراء، أعضاء حكومته والكابنت السياسي الأمني فيها، يكون القلق حتى أكبر. فانعدام التجربة الأمنية، انعدام التفكر السياسي وانعدام التوازن السياسي، إلى جانب الغرور والاستخفاف بأعدائنا، مثلما تعلمنا في الماضي، هو وصفة للمصيبة.

لقد رسم الرئيس الأمريكي اتجاهًا جيدًا لإسرائيل حين أعلن أن في نيته أن يمنع عن إيران القدرة للوصول إلى سلاح نووي ويتخذ خطوات ضد الحرس الثوري والإرهاب الذي تنشره إيران في العالم.

لإسرائيل كشريك جدي وهادئ من خلف الكواليس توجد مساهمة مهمة للمساعدة في تحقيق خطته. فلإسرائيل قدرات استخبارية وعملياتية مميزة مساهمتها في مساعي الولايات المتحدة مهمة ومجدية عشرات الأضعاف أكثر من خطاب حماسي، مهما كانت إنجليزيته لامعة. وبالفعل ليس خيرا لنا أن تتثبت إيران في سورية، فهذا تهديد يتطلب موقفا، ولكن ليس هكذا يعمل سياسي مسؤول.

عندما يعلن رئيس وزراء إسرائيل بصوت عال «لن نسمح لإيران بالتثبت في سورية»، فما هي المضاعفات؟ أفليس في ذلك بداية تدهور؟ إذا كانت إيران تتثبت في سورية، فما الذي يعتزم عمله؟ أن يعلن الحرب؟

لأسفي الشديد، يفضل رئيس الوزراء عناوين وشعارات فارغة بدلا من العمل على استراتيجية منطقة. يعرف رئيس الوزراء أن العنوان سينسى بسرعة جدا، وبعد لحظة سينشغل الجميع بالعنوان التالي. ولكن في السياسة لا ننسى بهذه السرعة، ولا سيما تصريحات رؤساء الوزراء.

ان ردود فعل عسكرية مدروسة ترافقها دبلوماسية هادئة مع اللاعبين في الساحة الشمالية هي الفعل الصحيح. لا سيما عندما توجه نحو منع تعاظم حزب الله وليس مباشرة ضد إيران وسورية. ولكنها عندما تترافق وتصريحات حماسية وشعبوية فإنها تصبح خطيرة.

يحتمل أن ما رأيناه هذا السبت في هضبة الجولان لم يعد تسللا للنار، بل رد سوري مدروس على الهجمات المبررة لسلاح الجو في أراضيها. كما أن الرد السريع من الجيش الإسرائيلي صحيح. ولكن قيادة حكيمة ومتوازنة لا ينبغي أن تضيف كلمات حماسية إلى النار. نحن الدولة الأقوى في المنطقة ولا حاجة وليس حكيما أن نصرخ بذلك من فوق كل منصة. في كل ما يتعلق بجبهة الشمال من الأفضل لنا أن نعمل وفقا للجملة التوراتية من سفر عاموس: «والعاقل في ذاك الوقت يسكت». وها هو العنوان الجديد ـ حكومة إسرائيل توقف المفاوضات مع السلطة الفلسطينية ردا على اتفاق المصالحة بين حماس والسلطة.

بينا توجد حماس في ضائقة وتتوجه إلى السلطة الفلسطينية، نحن نضرب السلطة ونعزز حماس وادعاءاتها. من الصعب أن نتصور رد فعل أغبى من هذا.

حذار أن نقع في الأوهام، فحماس هي خصم شديد. ولكن لِمَ لا نضعها ونضع السلطة قيد اختبار النتيجة؟ لِمَ لا نلقي الكرة إلى ملعبهم ونعلن أنه إذا ما ثبت عمليا على مدى الزمن أن وجهتهم نحو الهدوء والتسويات، فإن إسرائيل ستتخذ خطوات عملية لتحسين مستوى معيشة سكان غزة؟ لِمَ لا نقول إنه إذا ما استعادت السلطة بالفعل السيطرة في القطاع وتبين أن وجهتها نحو الهدوء والتسويات وليس العنف والنار نحو إسرائيل، سيكون ممكنا الحديث حتى عن ميناء ومطار لغزة؟

تصوروا وضعًا تضعف فيه حماس وتضطر للخضوع لإمرة السلطة الفلسطينية بينا إسرائيل هي التي تحسن شروط معيشة سكان غزة.

لِمَ نمس بالرئيس المصري السيسي الذي يقف خلف خطوات المصالحة واستثمر في ذلك جهدا ومكانة، فما معنى ذلك؟ رئيس عطوف وودي لإسرائيل، في الدولة الأكبر والأقوى التي تحاذينا وتحاذي غزة.

نعم، على حماس أن تفهم جيدا أنه إذا كان الاتفاق يستهدف السماح لها بتعزيز قوتها قبيل جولة إطلاق نار أخرى نحو إسرائيل، فإن الجيش الإسرائيلي سيوقع عليها ضربة قاضية. هذا لا يفعله المرء بصراخ حماسي، بل يفعله بسياسة حكيمة وباستعدادات جذرية وهادئة.

وها هو مرة أخرى يخضع نتنياهو للمتطرفين في حكومته وتكون إسرائيل مرة أخرى هي الرافضة التي تعوزها كل رؤية وسياسة، مرة أخرى تفضل الحكومة العناوين الحماسية على السياسة والعمل السياسي.

إن وقف المفاوضات مع السلطة الفلسطينية ردا على اتفاق المصالحة بين حماس والسلطة والحماسة حيال إيران كردود الفعل الوحيدة لحكومة إسرائيل لا تدع مجالا للشك ـ الحكومة فقدت الطريق السياسي ولا يمكنها ولا تريد حلا سياسيا للنزاع.

يدور الحديث عن خيانة للمسؤولية الأساسية الملقاة على الحكومة ورئيسها ـ أي العمل أولا وقبل كل شيء وبكل سبيل لتقليص احتمالات الحرب.

ولتعلم كل أم عبرية ـ رئيس الوزراء، الكابنت والحكومة تجرنا إلى الحرب.

في هذا الواقع تنتقل الكرة إلى الجيش الإسرائيلي، الراشد المسؤول الذي مهمته تقليص ثمن الحرب.

على الجيش الإسرائيلي أن يكون قادرا على فرض الهزيمة على حزب الله في عدة أيام في حملة ساحقة جريئة ويزيل بسرعة تهديد الصواريخ عن مواطني إسرائيل. من ناحية عسكرية فإن إلحاق الهزيمة له تفسير واحد فقط ـ نزع إمكانية العدو للقتال أو نزع رغبته في القتال.

لقد عرفنا كيف نفعل ذلك في حرب الأيام الستة وفي حرب يوم الغفران عندما انتقلنا إلى الهجوم في سورية وعندما قررنا اجتياز قناة السويس. وبالفعل، يدور الحديث عن شروط أخرى وزمن آخر، ولكن حيال أعداء أقوى بأضعاف.

في حرب لبنان الثانية وفي حملة «الجرف الصامد» لأسفي هذا لم يحصل. فالقيادة السياسية لم تحدد أهدافا واضحة، وقادة الأركان لم يعدوا الجيش كما ينبغي، وبعد ذلك استخدموه بتعقيد وتردد. ليس هكذا تبنى القوة والردع المهمين جدا لإسرائيل في الشرق الأوسط وفي الساحة الدولية بشكل عام.

ولكن هذا ممكن، هذا في أيدينا، والجيش الإسرائيلي بالتخطيط وبالإعداد السليمين سيعرف كيف ينفذ ذلك. وبطبيعة الأحوال ليس صحيحا أن نكتب هنا أكثر، ولكني أقف مع كل تجربتي خلف أقوالي.

لا توجد حروب سهلة، وكل الحروب أليمة، ولهذا يجب أن نستعد.

مهم لي أن أوضح أني لا أدعو إلى الحرب، بل العكس هو الصحيح، وأنا مثلكم جميعا أفضل أن تصحو الحكومة وتعود إلى سواء العقل وإلى الطريق السياسي لتحقيق مسؤوليتها في منع أو تقليص فرص الحرب. ولكن إذا لم تفعل ذلك، فإن كل من لديه عينان في رأسه وقوة في متنه يجب أن يتجند كي ينهي ولاية الحكومة قبل وقوع الحدث، وطالما أن أيا من هذين الأمرين لم يحصل علينا أن نعتمد على الجيش الإسرائيلي الراشد المسؤول.

يديعوت 22/10/2017

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى