مقالات مختارة

مصالحة فلسطينية هشة: الون بن دافيد

 

يبدو اتفاق المصالحة الذي وقع أمس في القاهرة أكثر جدية مما في الماضي، ولكن لا يزال لا يلمس سلسلة الألغام التي يمكن لكل واحد منها أن تفجره: السيطرة الأمنية في غزة، إجراء الانتخابات، إعادة انعقاد البرلمان وانخراط حماس في داخل م.ت.ف. المذهل هو أن من قدم التنازلات في اتفاق المصالحة هذا هي حماس فقط. أبو مازن لم يتنازل بعد عن أي شيء ولم يقرر بعد إذا كان ينوي رفع العقوبات التي فرضها على غزة أو ما هي تلك التي سيرفعها .

يبدو أن المصريين أيضا لم يصدقوا أنه سيكون هناك توافق بعيد الأثر كهذا: فقد خافوا المفاجآت ولم يسمحوا ببث حي لتوقيع الاتفاق. كل شيء صور، سجل وبث فقط بعد أن كان واضحا بأن أحدا لا يحرجهم.

ما هو مختلف في الاتفاق الحالي عن اتفاق المصالحة السابق في عام 2011 هو الجداول الزمنية التي تظهر فيه: في 21 من هذا الشهر بحث إضافي، في بداية تشرين الثاني تسليم المسؤولية عن المعابر وفي بداية كانون الأول تسليم الوزارات الحكومية.

حماس، التي فقدت في السنة الأخيرة كل أسيادها، قطعت شوطا طويلا نحو السلطة الفلسطينية. فقد تنازلت عن السيطرة في المعابر وعن الإدارة المدنية للقطاع. ولا تزال، كان بود حماس أن تبقي النموذج القائم اليوم في المعابر، حيث يقف رجال فتح في المقدمة ومن خلفهم توجد سيطرة من حماس. وفي غزة وزعوا منذ أمس البقلاوة، ولكن غزة لم تر بعد دولارا واحدا كنتيجة للاتفاق.

في اللقاء التالي تكمن بذور الانفجار. من يسيطر أمنيا في غزة. لا أمل في أن تتنازل حماس في هذه النقطة ومن الصعب أيضا أن نرى أبا مازن يتراجع عن إعلانه سلاح واحد في الضفة أو في غزة. والطرفان يعدان منذ الآن حجة الغيبة لاتهام الطرف الآخر بالفشل.

في المدى القصير، يعزز اتفاق المصالحة لجم حماس في غزة، التي أطلقت الرصاصة والصاروخ الأخيرين نحو إسرائيل قبل أكثر من ثلاث سنوات. في المدى البعيد، ليس لإسرائيل أية مصلحة في خلق صلة كهذه بين القطاع ويهودا والسامرة. فالعزلة بين المنطقتين الأمنيتين اللتين تسيطران عليهما على أي حال حكومتان مختلفتان تخدم فقط إسرائيل. لو كانت هنا زعامة، لكان بوسعها أن تستخدم هذه القطيعة التي سادت في السنوات الأخيرة كي تقضي على أسطورة شعب فلسطيني واحد.

من يقف في الخلفية وينتظر فشل المصالحة هو محمد دحلان، الخصم اللدود لأبي مازن. وهو يعرف كم هو هذا الاتفاق هش وسيسره أن يكون في دور المخلص بعد أن ينهار الاتفاق. ولعل هذه على الاطلاق كانت نية المصريين منذ البداية.

معاريف

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى