مقالات مختارة

العرب في الجيش الإسرائيلي: ناحوم برنيع

 

لن أكشف هنا سرا إذا ما اشرت إلى ان ميكي مخلوف زوهر، عضو كتلة الليكود في الكنيست ليس قلم الرصاص الاكثر حدة، أو كما اعتدت على القول اليوم ليس المنديل الأكثر نعومة في الرزمة. فالحل الذي اقترحه للنزاع، لضم الضفة دون إعطاء سكانها حق الترشيح والاقتراع جرب في الماضي في دول مختلفة، ولم يفلح. وكانت التجربة الفاشلة الاخيرة في جنوب افريقيا. وقد سموها أبرتهايد. «أوكي» قال النائب. فهمت المشكلة. عندي حل بديل: إذا تجندوا للجيش أو للخدمة الوطنية، فيمكنهم الاقتراع. ولكن ثقوا بي، سيفضلون التنازل عن حق الاقتراع على أن يساهموا في الدولة.

أغرقت أقوال زوهر الشبكات بوابل من ردود الفعل، من المدائح الحماسية حتى السباب والشتائم. وعلى مدى يوم أو يومين كان يخيل أن زوهر يهزم زميله اورن حزان في الصراع على أصابع ناقري الشبكة. أما أنا فقد شغل بالي شك آخر، لا يقل ازعاجا: هل تحت كومة هذه الترهات توجد ذرة حقيقة.

أخشى أن تكون توجد.

نبدأ بقول زوهر ان حل الدولتين مات. لشدة الاسف، هذا القول صحيح. وهو بالتأكيد صحيح بتعابير الكلفة/المنفعة: فالثمن السياسي الذي سيجبيه التوقيع على الاتفاق من رؤساء الحكم في الطرفين أعلى بلا قياس من المقابل الذي سيحصلون عليه. فليس بين النهر والبحر زعيم مستعد لان يدفع.

الجدال الحقيقي في الساحة السياسية في إسرائيل يدور بين من يقول كفى للغموض، حان الوقت للضم، وبين من يتمسك بكل قوته بالوضع القائم. بينيت في مواجهة نتنياهو. هذا جدال تكتيكي وليس أيديولوجيا. أي منهما لا يريد أن يعيد احتلال نابلس ورام الله. بينيت يريد أن يؤطر في القانون السيطرة الإسرائيلية على معظم الضفة؛ نتنياهو يفضل أن يفعل ذلك بالغمز. في هذه النقطة كان زوهر مختصرا للطريق. فعندما تضم إسرائيل الضفة، يضيف ويقول، ستعرض على المضمومين صفقة: حق الاقتراع للكنيست مقابل خدمة عسكرية أو وطنية.

لتحليل هذه المسألة علينا الرجوع إلى الوراء، إلى إسرائيل في سنواتها الاولى. فقد اتخذ بن غوريون في تلك الفترة اياها سلسلة من القرارات التاريخية، نتمتع بثمارها حتى اليوم. ولكن كانت له أيضا قرارات تبينت في المدى البعيد بائسة. أحدها كان التجنيد الجزئي: فقد أعفى من التجنيد البنات المتدينات، البنين الاصوليين والعرب (أمر بتجنيد البنين المتدينين، البنين الدروز والبنين البدو). رفع هذا التقسيم الاسوار بين الفئات المختلفة، وابقى أجزاء كبيرة من المجتمع الإسرائيلي خارج الخيمة المشتركة.

هذا الوضع لا يمكنه أن يبقى إلى الابد. والاوائل اللواتي تمردن كن البنات في الوسط الديني ـ الصهيوني. فهن يتجندن للجيش الإسرائيلي، بما في ذلك للاسلحة القتالية، باعداد آخذة في الازياد، ويلقين باحتقار التسيد الزائف، المتعالي، للحاخامين ومتفرغي الدين. بعدهن جاء الشباب الاصوليون، الذين ملوا العزلة المادية والقيمية التي فرضها عليهم الحاخامون. بعدهم جاء العرب المسيحيون، أقلية في أقلية، وهناك مسلمون أيضا.

هؤلاء الشباب والشابات يكافحون ببطولة ضد ائتلاف هائل، يسير من الاجنحة الاصولية الاكثر تطرفا عبر يهدوت هتوراة، شاس وحاخامي البيت اليهودي وحتى القائمة العربية المشتركة. الصراع ضد التجنيد علني، فظ وعنيف. في كل دولة سليمة كانت الحكومة ستوفر ريح اسناد لمن يطلبون التجند. ليس عندنا.

قبل أن يضم النائب زوهر ورفاقه سكان الضفة يجدر بهم أن يسألوا أنفسهم ماذا فعلوا من أجل مواطني إسرائيل في الناصرة، سخنين وأم الفحم. بقدر ما يتعلق الامر بهم، فان هذه الاماكن حكمها أن تصبح أرضا محتلة، تحت حكم عسكري. سلسلة من القوانين التعسفية، ثمرة فكر الساعين إلى طرد ممثلي الوسط العربي من الكنيست، أو ـ للاسف ـ ابقائهم فيها بمثابة الزومبيين. العرب سيكونون ملزمين بالقسم لدولة إسرائيل اليهودية كل يوم؛ اليهود سيكونون معفيين من القسم لدولة إسرائيل الديمقراطية. «هناك ستسود الوفرة والسعادة بين ابن العربي، ابن المسيحي وابني»، وعد زئيف جابوتنسكي في نشيد بيتار. ليس في مدرستهم.

يديعوت

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى