ترامب ونتنياهو.. أسطورة القيصر ومستشار الخفايا: تسفي برئيل
يتفاخر بنيامين نتنياهو بالجدار الذي قام ببنائه على طول الحدود مع مصر. بتسيده يربت على كتف دونالد ترامب ويباركه على تبني الفكرة الاسرائيلية اللامعة التي منعت على الفور دخول آلاف اللاجئين ومهاجري العمل من افريقيا الى اسرائيل. ولكن خلافا لترامب، رئيس الحكومة هو شخص انساني ايضا. ففي الوقت الذي تقوم فيه يده باغلاق الحدود تقوم يده الاخرى بالسماح بدخول مئة ولد من أولاد اللاجئين السوريين. هذا على الرغم من خطر هؤلاء الاولاد الذين سيتم استيعابهم في الوسط العربي، الذين سيتحولون الى أعداء لاسرائيل مثل هذا الوسط كله.
إلا أنه بدل أن يخرج الجمهور الى الشوارع لمباركة رئيس الحكومة الممتاز، وأن يتفاخر بأن رئيس العالم نفسه قد تبنى الفكرة الاسرائيلية، هو يتثاءب. هنا ليس امريكا، هناك يخرج عشرات الآلاف الى الشوارع والى المطارات وتتفجر الشبكات الاجتماعية بالغضب والتنديد. واعضاء في الحزب الجمهوري ايضا يصرخون ضد هذا الجنون الذي سيطر على البيت الابيض. في اسرائيل هناك صمت مطبق. وفقط وسائل الاعلام البلشفية التي لا تعرف تمييز العبقرية التي تعتبر الصداقة بين الاشخاص هي فساد، وتقوم بدق إسفين بين أمن الدولة وأمن قادتها الاقتصادي، ما زالت تستمر في النباح.
صحيح أن نصف الجمهور في الولايات المتحدة، حسب الاستطلاعات الاخيرة، يؤيد اجراءات ترامب التي تقشعر لها الأبدان. وناخبوه لا يريدون رؤية الهسبانيين والليبيين والمغاربة والعراقيين واليهود والاسرائيليين. وكل من هو اجنبي، لينصرف. فهم يقولون إن امريكا للامريكيين، ويفضل أن يكونون من لون واحد ولهجة واحدة، وملابس موحدة ايضا، البني أو الابيض. ولكن النصف الآخر لا يتنازل بسهولة. صحيح أنه لم “يربح” 30 مقعدا، ذلك الشيك المفتوح الذي تبنته ميري ريغف هو بمثابة مرارة سوداء بسبب الكارثة التي نزلت عليه، لكنه لا يصمت. فهو يتأثر مما يسمعه ويراه ويتصرف وكأنه يوجد “ربيع عربي” يخرج الى الخارج ويجند ويتظاهر ويرفع الشعارات ويقدم دعاوى للمحكمة. هذا هو نصف الجمهور غير المستعد لأن يترك القيم الامريكية التي تربى عليها. عندما يقول ممثلو الجمهور عن المرسوم الرئاسي الفظ إنه “ليس امريكيا”. فهم يقصدون التناقض بين ما يرمز اليه تمثال الحرية في نظر كل امريكي وبين جدار الفصل الذي سيقيمه ترامب.
وماذا عنا؟ هنا لن يخرجون الى الشوارع في الجو البارد في كانون الثاني. وفقط في الدول العربية تتم الانقلابات في شهر كانون من اجل القيم. والمظاهرة الوهمية الوحيدة هي الجلوس أمام الشاشات بين الثامنة والتاسعة مساء بانتظار قضية الفساد اليومية. إن الدعاوى ضد سياسة حكومة التهديد القومي سيتم تقديمها في أفضل الحالات من قبل منظمات حقوق الانسان “الذين يحبون العرب” و “كارهي اسرائيل”. وكل ذلك رغم حقيقة أن نصف المصوتين في اسرائيل على الأقل هم ممن يعارضون نتنياهو. وفي الليكود ايضا لا ينقص الاشخاص العقلانيون الذين لديهم قيم، حيث ينظرون كل يوم في المرآة ويذرفون دمعة. هل سيخرج أحد منهم وهو يحمل لافتة؟ هل سيكتب تغريدة؟ لقد تطوع اليسار للجلوس مكتوف الأيدي والبكاء على خراب البيت. ولكن أين تفاخر الليكود القومي الذي تم جره مثل “الممسحة” وراء القضايا السياسية والاخلاقية لزعيمه؟.
ترامب هو توأم نتنياهو، باستثناء لون الزجاج. فهما لهما قيم متشابهة، وهما يؤمنان بأن لديهما الوصفة السحرية التي ستعيد مجد دولتيهما، وهما على يقين بأن وسائل الاعلام هي منظمات ارهابية وأن الجمهور لا يعرف حجمها الحقيقي. ورغم ذلك لا يزال ترامب متأخرا عن نتنياهو. وعندما سيدرك مثل نتنياهو، أنه لا أهمية للجمهور سيتم استكمال الاندماج بينهما.
هآرتس