مقالات مختارة

كيف سلحت الولايات المتحدة الجهاديين السوريين؟: اليستر كروك

 

تحدث مسؤول سابق في “غرين بيرت” عن برامج أميركا السرية وتدريب وتسليح المتمردين السوريين، فقال: إن “أحدا لا يؤمن بهذه المهمة او هذا الجهد”، “يعرفون تماما أننا ندرب الجيل القادم من الجهاديين، حتى إنهم يقولون، “اللعنة عليهم، من يهتم؟”، “نحن لا نريد أن نكون مسؤولين عن رجال النصرة”، والطرف الاخر يقول “انهم يتدربون على ايدي الأميركيين “.

في تقرير مفصل، نجد ان القوات الامريكية الخاصة استخدمت سياسة البيت الأبيض بشكل كارثي من خلال تقديم خدمات سرية للمتمردين في سوريا، يروي ضابط الاستخبارات السابق جاك ميرفي، أن مدير وكالة الاستخبارات المركزية جون برينان … هو الذي نفخ الروح في “فرق العمل السورية”… فجون برينان أحب فكرة التغيير“.

في الخلاصة، يحكي ميرفي قصة القوات الخاصة الامريكية التي تعمل تحت سلطة الرئاسة الواحدة، لتسليح القوات الخاصة بمكافحة داعش، في حين أن وكالة الاستخبارات المركزية، كان هاجسها إسقاط الرئيس بشار الأسد، وكانت تعمل تحت سلطة رئاسية منفصلة، وتضع برامج منفصلة وموازية لتسليح المتمردين المناهضين للأسد.

ويوضح تقرير مورفي ازدراء وكالة الاستخبارات المركزية لمكافحة داعش، (ويعود التغيير إلى حد ما لجريمة قطع رأس الصحفي الأميركي جيمس فولي في أغسطس 2014): “كانت لدى وكالة الاستخبارات المركزية رغبة بسيطة للقيام بعمليات ضد داعش لأنها كانت تركز بشكل كبير على اسقاط نظام الرئيس الأسد، ركلت وكالة الاستخبارات المهمة الى المجموعة الخامسة من القوات الخاصة التي تأتي من الأردن وتركيا – والتي تعمل تحت “سلطة الأنشطة العسكرية “، وليس في إطار عمل وكالة الاستخبارات المركزية السرية المغطاة بـ “50 سلطة“.

وقال ميرفي: ” ان سوء المعاملة، فضلا عن الاقتتال الداخلي البيروقراطي، أسهما في إدامة الصراع السوري“.

لكنها ليست “حلبة سباق”، ولا “سوء معاملة “، ولا حتى طبيعة متناقضة تهزم نفسها بنفسها بسبب أهداف الولايات المتحدة المتتابعة. بدلا من ذلك، يحكي لنا التقرير بوضوح تام لماذا فشلت محاولة وقف إطلاق النار (على الرغم من أن هذا لا يعتبر معالجة صريحة للتحليل)، ويساعدنا في تفسير سبب رفض بعض اركان الإدارة الأمريكية (وزير الدفاع آشتون كارتر ومدير وكالة المخابرات المركزية برينر) الامتثال لإرادة الرئيس أوباما – كما جاء في الاتفاق الدبلوماسي (وقف إطلاق النار الأخير) مع الاتحاد الروسي.

القصة أسوأ بكثير مما هي عليه في عنوان مورفي: فالأمور تكمن وراء الفوضى التي تحكم العلاقات بين الولايات المتحدة وروسيا، وانهيار وقف إطلاق النار.

المعتدلون في “الجيش السوري الحر كانوا الشريك الاقوى الممكن لوكالة الاستخبارات المركزية، فهم مناهضون للنظام، وظاهريا لديهم نفس الهدف أي الإطاحة بالرئيس الأسد.

ولكن كما يقول مورفي بصراحة: “التمييز بين الجيش السوري الحر وجبهة النصرة، أمر مستحيل، لأنهم تقريبا نفس المؤسسة”، في وقت مبكر من العام 2013، كان قادة الجيش السوري الحر ينشقون للانضمام لصفوف النصرة، وكان الجيش الحر مجرد صورة، لاضفاء المظهر العلماني على المجموعة حتى يتمكنوا من الحصول على الأسلحة التي تقدمها الاستخبارات الاميركية والسعودية، والحقيقة هي أن الجيش السوري الحر هو أكثر من مجرد غطاء لتنظيم القاعدة وجبهة النصرة. …

الحقيقة هي أن الجيش السوري الحر حصل ببساطة على الأسلحة الاميركية وقدمها لجبهة النصرة وهذا الفعل لم يفاجئ وكالة الاستخبارات المركزية.

التعاطف مع تنظيم القاعدة

عمل القوات الخاصة كان ينطلق من تركيا: “وكان يدقق في قاعدة البيانات والمقابلات”. الثوار يعرفون كيفية بيع انفسهم للأمريكيين خلال هذه المقابلات، ولكن لا زالوا يجعلون الأشياء تنزلق في بعض الأحيان. وقال احد المتمردين للجنود الأميركيين “أنا لا أفهم لماذا الناس لا يحبون النصرة”، على الرغم من ان العديد منهم كانوا يتعاطفون مع الجماعات الإرهابية: مثل داعش والنصرة.

وقال ميرفي: “البعض الآخر ببساطة لم يكن مناسبا ليكون جنديا، هم لا يريدون أن يكونوا محاربين، هم جميعا جبناء، هؤلاء هم المتمردون المعتدلون“.

واضاف: “منصات الأسلحة والشاحنات التي تم تسليمها إلى تركيا لتقديمها للجماعات المتمردة التي ترعاها الولايات المتحدة اكلها الغبار بسبب الخلاف حول السلطات [أي السلطات الرئاسية] ومصادر التمويل، في حين كان تدريب الميليشيات ينشط ويزول بحسب النزوات، بعض التابعين للقوات الخاصة الاميركية يرجع ذلك لتردد البيت الأبيض تجاه أعضاء الميليشيات والجماعات المتطرفة “.

وكتب ميرفي: “وقد استمرت اللعبة، على الروح المعنوية لرجال القوات الخاصة في تركيا، التي غالبا ما تكون مستترة في الزي العسكري التركي، واحد من “الغرين بيرت” قال وظيفتنا” “بان نجلس في الغرفة الخلفية، ونشرب الشاي أثناء مشاهدة الأتراك وهم يدربون إرهابيي المستقبل” …

وقال مسؤول في غرين بيرت انه “من بين المتمردين الذين كانت تدربهم القوات الخاصة الاميركية والقوات التركية كان هناك 95 % منهم إما يعمل مع المنظمات الارهابية أو كان متعاطفا معها، مضيفا ان أغلبيتهم اعترفوا بأنه ليس لديه مشاكل مع داعش وانما قضيتهم مع الأكراد والنظام السوري“.

الاستنتاج المذهل من هذه الاسطر هو: انه بعد هزيمة داعش، تبدأ الحرب الحقيقية. بين عناصر الجيش السوري الحر المدعوم من وكالة الاستخبارات المركزية التي أصبحت علنا جبهة النصرة، وبين عناصر الجيش السوري الحر المدعومة من القوات الخاصة والتي تحارب الجيش السوري. ثم ميليشيات وكالة الاستخبارات المركزية وميليشيات القوات الخاصة “التي سوف تقتل بعضها البعض“.

حسنا، هذا يوضح كل شيء: الولايات المتحدة خلقت “الوحش” الذي لا يمكن السيطرة عليه حتى إذا أرادت (وأشتون كارتر وجون برينان ليس لديهم مصلحة في “السيطرة عليه” – فهم لا زالوا يسعون لاستخدامه).

أهداف الولايات المتحدة في سوريا

البروفيسور مايكل برينر، حضر مؤتمرا رفيع المستوى حول أمن الولايات المتحدة في ولاية تكساس الأسبوع الماضي، ولخص أهدافه الواضحة في سوريا، في جملة أمور، على النحو التالي:

•          منع روسيا من التغلغل في سوريا.

•          الاطاحة بالأسد.

•          تهميش وإضعاف إيران عن طريق كسر “الهلال الشيعي“.

•          تمكين الكيان السني في الانبار وشرق سوريا، ودراسة كيفية منع وقوعه تحت سيطرة تنظيم القاعدة؟ الإجابة: نأمل أن يتمكن الأتراك من “ترويض ” النصرة.

تفتيت داعش ببطء… النجاح في هذه المسألة يمكنه أن يغطي فشل الآخرين امام الرأي العام المحلي.

شرح جاك ميرفي بإيجاز لماذا هذا “الوحش” لا يمكن السيطرة عليه: “في ديسمبر العام 2014، استخدمت جبهة النصرة-صواريخ TOW الاميركية الصنع لهزيمة النظام من قواعد وكالة الاستخبارات المركزية في محافظة إدلب.

استحواذ النصرة على صواريخ TOW من الجبهة الثورية السورية المتوقفة لم يكن مفاجئا، إلا أن نفس الأسلحة المضادة للدبابات التي تزودت بها هيئة الرقابة المالية انتهت في يد النصرة مما يثير الدهشة عندما يفهم المرء الديناميات الداخلية للصراع السوري، أي الاقتتال الداخلي بين القوات الأمريكية المتباينة. وكانت النتيجة أن “العديد من المتدربين لدى الولايات المتحدة اتلفوا البرامج مع العلم أنه كان من المفترض تدريب المتمردين العلمانيين بينما في الواقع تم تدريب إرهابيي           النصرة “.

فكيف يمكن الفصل بين “المعتدلين” وبين “جبهة النصرة” – كما هو مطلوب من قبل اثنين من قرارات وقف الأعمال العدائية في (فبراير وسبتمبر 2016)؟ ويبين ميرفي أن “المعتدلين” وجبهة النصرة، لا يمكن تمييزهم عن بعضهم البعض، لأنهم تقريبا هم نفس المنظمة.

الروس على حق: وكالة الاستخبارات المركزية ووزارة الدفاع لم يكن لديهما نية الامتثال للاتفاق – لأنهم لا يستطيعون ذلك. الروس أيضا لديهم الحق إن لم يكن للولايات المتحدة نية لدحر تنظيم جبهة النصرة – كما هو مطلوب بموجب قرار مجلس الامن 2268 (2016).

كيف وصلت الولايات المتحدة الى هذه الفوضى “اليد اليسرى / اليد اليمنى” – فبينما كان الرئيس الاميركي يجيز الاتفاق مع الاتحاد الروسي، كان وزير الدفاع يرفض الامتثال لذلك، وقد اشار مورفي إلى “التردد” في برامج تدريب الميليشيات حيث كان البيت الأبيض يعتقد أن معظم أفراد الميليشيات تابعة للنصرة وغيرها من الجماعات المتطرفة.”

شكوك أوباما

كان يبدو من هذا ان البيت الأبيض متشكك من “وحش الجهاديين” الناشئين في سوريا – على الرغم من أنه مفهوم ومعروف لمعظم المدربين على أرض الواقع في سوريا. كان اوباما مقتنعا بأن هناك “معتدلين” يمكن فصلهم، هل كان مقتنعا بالذهاب من أجل إعطاء “وقت مستقطع” لوكالة الاستخبارات المركزية لإعادة إمداد القوات المتمردة التابعة لها؟. ( CIA ارسلت 3000 طن من الأسلحة والذخائر للمتمردين خلال فبراير 2016 لوقف إطلاق النار، وفقا لشركة IHS جينس ).

الدعم لفرضية أن أوباما قد لا يكون على علم تام بهذه الحقيقة يأتي من يوتشي دريزن وشون نايلور (كبار الكتاب في السياسة الخارجية في مجال مكافحة الإرهاب والاستخبارات)، حيث لاحظا (مايو 2015) أن أوباما نفسه اطلق النار على وكالة الاستخبارات المركزية ووكالات الاستخبارات الأخرى في أواخر العام 2014، عندما قال ان المجتمع بشكل عام “يستهين” بالفوضى الكبيرة في سوريا التي ادت الى ظهور داعش.

هذا واوضح نايلور موقف وكالة الاستخبارات المركزية المتميز داخل المؤسسة بالاقتباس من هانك كرامبتون الذي كانت لديه حياة مهنية طويلة في وكالة الاستخبارات المركزية قبل أن يصبح منسق وزارة الخارجية لشؤون مكافحة الارهاب.

قال كرومبتون عندما “اعلن المدير تينيت، “الحرب” على القاعدة بقدر يعود إلى العام 1998،” لم يكن لديه [حرب معلنة]. لم يكن لديه مدير مكتب تحقيقات فيدرالي أو أي شخص آخر في اجهزة الاستخبارات قد يأخذ هذا النوع من الدور القيادي“.

الحالة ربما تؤكد – بحسب أوباما – ان وكالة الاستخبارات المركزية عادة ما تحصل على ما تريد.

ربما فعلت: تجريح بوتين، (ورقة رابحة)، القاعدة “الوحش” – هي الآن قوية جدا بحيث لا يمكن هزيمتها بسهولة، ولكن أضعف من أن تنجح تماما – معلقة حول رقبة روسيا وإيران، واللعنة على الأوروبيين الذين سيشهدون على موجات من اللاجئين. الشفقة على السوريين.

ترجمة: وكالة اخبار الشرق الجديد-ناديا حمدان

اليستر كروك دبلوماسي بريطاني سابق لعب دورا بارزا في الاستخبارات البريطانية والاتحاد الأوروبي. وهو مؤسس ومدير منتدى الصراعات الذي يروج لفكرة الشراكة بين الإسلام السياسي والغرب.

https://consortiumnews.com/2016/09/29/how-the-us-armed-up-syrian-jihadists/

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى