مقالات مختارة

هل يتّعظ أردوغان؟ حميدي العبدالله

 

الهجمات التي استهدفت مطار أتاتورك في اسطنبول تختلف عن غيرها من الهجمات التي تشنّها التنظيمات الإرهابية، سواء تلك الهجمات التي استهدفت بلدة القاع في لبنان، أو هجمات باريس أو بروكسل أو الأردن، حتى وإنْ كان عدد ضحايا بعض الهجمات، مثل هجمات باريس أكبر من حجم ضحايا هجوم مطار أتاتورك.

في لبنان لم تعد هناك بيئة شعبية حاضنة للتنظيمات الإرهابية، والإجراءات الأمنية الاحترازية أو من قبل الجيش اللبناني والأجهزة الأخرى بالتعاون مع المقاومة نجحت في تفكيك عشرات، بل مئات الخلايا الإرهابية، وثمة مراقبة دقيقة لبعض الأحياء والبلدات التي قد تكون بشكل أو بآخر بيئة حاضنة قد يلجأ إليها الإرهابيون. في أوروبا، يمثل المسلمون أقلية وغالبيتهم لا تؤيد خيارات الجماعات الإرهابية، وفي ظلّ مراقبة دقيقة للتجمّعات والأحياء التي يقطنها مسلمون من الصعب على الإرهابيين تنفيذ هجمات بشكل متواتر، ولعلّ هذا ما يدفع بعض الحكومات الغربية للاستثمار في الإرهاب لإضعاف أعدائها في المنطقة، ولا سيما في سورية والعراق، وأماكن أخرى، ويصحّ على هذه المناطق والدول، أيّ الدول الغربية، مقولة إنّ خطر الإرهاب خطر تكتيكي، أيّ أنّ الإرهاب قد ينجح في تنفيذ هجمات منفردة، ينثر الكثير من القلق ولكنها لا تشكل تهديداً وجودياً للدول الغربية.

الوضع في تركيا يختلف جذرياً عن الدول الأخرى، ولعلّ الوضع في تركيا لا يشبه إلا وضع الأردن، ونسبياً وضع المملكة العربية السعودية.

داخل تركيا ثمة بيئة شعبية متعاطفة مع التنظيمات الإرهابية، سواء كانت هذه التنظيمات تنتمي إلى «داعش» أو إلى تنظيمات القاعدة الأخرى وفي مقدّمتها «جبهة النصرة».

بعض أجهزة الدولة التركية التي حرصت حكومة حزب العدالة والتنمية على وضع عناصر في مواقع حساسة فيها من الذين يتعاطفون مع التنظيمات الإرهابية، لتسهيل التعاون مع هذه التنظيمات في مواجهة خصوم نظام الحكم التركي في سورية والعراق، يشكلون رافعة تستفيد كثيراً منها التنظيمات الإرهابية.

إضافة إلى ذلك أنّ حدود تركيا مع سورية العراق التي تتجاوز ألف كيلو متر أصبحت حدود تستوطنها جماعات إرهابية تحوز على التدريب والسلاح المتطوّر والإمكانات المادية. هذه العوامل مجتمعة تجعل وضع تركيا وضعاً فريداً في مواجهة الإرهاب. بمعنى آخر أنّ خطر الإرهاب على تركيا، مثلما هو على الأردن وإنْ كان بدرجة أقلّ، خطراً وجودياً وليس خطراً تكتيكياً كما هي حال أوروبا، وربما دول أخرى في المنطقة.

هل يستخلص أردوغان العبر من هذه الهجمات ويعيد النظر بسياساته، ولا سيما سياسة التعاون مع القوى المتطرفة والاستثمار في الإرهاب، ويتعاون مع سورية والعراق لاستعادة السيطرة على المناطق الحدودية؟

(البناء)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى