مقالات مختارة

في ذكرى النكبة: مَنْ المسؤول عن مأساة الشعب الفلسطيني حميدي العبدالله

 

لا شك أنّ مأساة الشعب الفلسطيني المستمرّة منذ عام 1948، عام إعلان قيام الكيان الصهيوني على حساب الشعب الفلسطيني الذي شرّد في كلّ أصقاع الدنيا، كان المسؤول عنها منذ بدء هذه المأساة الدول الغربية الاستعمارية وعلى رأسها بريطانيا الدولة التي احتلت فلسطين بعد سقوط السلطنة العثمانية، والتي مكّنت الحركة الصهيونية من تكثيف الهجرة إلى فلسطين، وشنّ حرب إرهابية ضدّ غالبية الشعب الفلسطيني وأرغمت هذه الغالبية على ترك وطنها خوفاً من إرهاب الصهاينة.

لكن المسؤول الآن عن بقاء المأساة الفلسطينية ليس الكيان الصهيوني الغاصب والدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة الذين يقدّمون كلّ أشكال الدعم للعدو الصهيوني للحفاظ على تفوّقه، ويمدّونه بكلّ وسائل القوة التي تجعله في وضع يصمد في مواجهة أيّ ضغوط ولا سيما ضغوط مقاومة الشعب الفلسطيني لنيل جزء، ولو كان بسيطاً من حقوقه المسلوبة، ليس العدو الصهيوني وداعميه وحدهم المسؤولون عن هذه المأساة، بل إنّ الحكومات العربية، في الماضي والحاضر، تتحمّل قسط كبير من هذه المسؤولية، فهذه الحكومات لم تقدّم للشعب الفلسطيني أيّ دعم يتناسب مع الدعم الذي يحصل عليه العدو الصهيوني من الحكومات الغربية، بل إنّ غالبية الحكومة العربية لا تجد أيّ غضاضة في التحالف والتعاون مع العدو الصهيوني، حتى وإنْ كان هذا التحالف والتعاون على حساب الشعب الفلسطيني، ويشرع وجود الكيان الصهيوني، ويمكنه من تعزيز احتلاله وتوسيع استيطانه في كافة أنحاء فلسطين.

بهذا المعنى فإنّ أيّ رهان على تحرير فلسطين في ظلّ الوضع العربي السائد، وفي ظلّ تقديم غالبية الحكومات العربية الدعم للكيان الصهيوني وليس للشعب الفلسطيني، هو رهان في غير محله.

كذلك فإنّ التنظيمات الفلسطينية تتحمّل قسطاً كبيراً من مسؤولية المأساة التي يعاني منها الشعب الفلسطيني، وذلك لأنّ استمرار الانقسام الفلسطيني يضعف إرادة الفلسطينيين في القتال ضدّ الاحتلال، ويتسبّب في حال من الإحباط واللامبالاة. كما أنّ التنظيمات الفلسطينية الرئيسية تتحمّل قسطاً كبيراً من مسؤولية المأساة التي يعاني منها الفلسطينيين نظراً لعلاقاتها وتحالفاتها التي لا تنطلق من معيار وحيد، هو معيار مدى الجدية في تقديم الدعم للشعب الفلسطيني في نضاله ضدّ الكيان الصهيوني، وتغلب حساباتها المصلحية والإيديولوجية على حساب مصلحة الشعب الفلسطيني في تحرير أرضه كأولوية تعلو على أيّ أولوية أخرى.

طالما استمرّ الواقع المحيط بالقضية الفلسطينية على ما هو عليه الآن فإنّ مأساة الفلسطينيين مستمرة، بل يخشى أن تشتدّ وتسوء حالهم أكثر مما هو عليه الحال الآن، لا سيما أنّ الأوضاع العربية مرشحة إلى مزيد من التفتت والضياع وتبدّد عناصر القوة، وطالما أنّ الفلسطينيين، أو بالأحرى، تنظيماتهم الأساسية، ربطت مصيرها بمصير الكثير من الأنظمة العربية، فإنه من غير المتوقع أن تنهض مقاومة جدية في فلسطين قادرة على دحر الاحتلال وإنهاء هذه المأساة.

(البناء)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى