مقالات مختارة

إسرائيل تتذرع بقرار «اليونسكو»: لا يمكن الوثوق بفرنسا ومبادرتها حلمي موسى

 

التقى رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو أمس في القدس المحتلة وزير الخارجية الفرنسي جان مارك أيرولت الذي وصل لإقناع إسرائيل بقبول مبادرة التسوية الفرنسية. غير أن الرد الإسرائيلي غير المباشر كان أنه لا يمكن الوثوق بفرنسا، فيما قال نتنياهو إن تصويت فرنسا إلى جانب قرار منظمة «اليونسكو» بشأن الحرم القدسي «يلقي ظلاً على نزاهة كل مؤتمر تحاول فرنسا عقده».

وبعد اللقاء بين الرجلين، أعلن نتنياهو أنه أبلغ وزير الخارجية الفرنسي أن دعم حكومته لقرار «اليونسكو» بشأن الحرم القدسي يجعل متعذراً على إسرائيل التعاطي مع مبادرة السلام الفرنسية بوصفها «خطوة نزيهة». وأشار نتنياهو إلى «أنني قلت له (للوزير الفرنسي) إن القرار الفضائحي المتخذ في اليونسكو، وبدعم من فرنسا، والذي لا يعترف بالعلاقة التي عمرها ألفي عام بين الشعب اليهودي وجبل الهيكل، تلقي ظلالاً على نزاهة كل المؤتمرات التي تحاول فرنسا عقدها». وفي مستهل جلسة الحكومة، قال نتنياهو إن وزير الخارجية الفرنسي أبلغه أن التصويت في اليونسكو «نَبَع من سوء فهم، وهو يتعهد شخصياً بأن لا يتكرر».

وشدد نتنياهو على أنه أوضح لوزير الخارجية الفرنسي أن السبيل الوحيد لتحقيق السلام بين إسرائيل والفلسطينيين هو المفاوضات المباشرة من دون شروط مسبقة. وأضاف أن «التجربة التاريخية تظهر أنه فقط بهذا السبيل حققنا السلام مع مصر ومع الأردن. وأن كل محاولة أخرى، فقط تُبعد السلام وتمنح الفلسطينيين طريقاً للهروب والامتناع عن مواجهة جذر النزاع، وهو عدم اعترافهم بإسرائيل كدولة قومية للشعب اليهودي».

وقال نتنياهو أيضاً إنه تحادث أمس مع وزير الخارجية الأميركي جون كيري الذي يبدو محتاراً هذه الأيام إن كان سيؤيد المبادرة الفرنسية ويحضر لقاء وزراء الخارجية الذي قرر الفرنسيون عقده بعد أسابيع عدة. ولم يوضح نتنياهو إن كان تطرق مع كيري إلى المبادرة الفرنسية أم لا، لكنه قال إنه تحدث معه حول مسابقة الكاريكاتير في إيران حول إنكار المحرقة.

وقد التقى أيرولت مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس في رام الله، وقال في مطار اللد قبيل مغادرته الأراضي المقدسة: «جئت برسالة واضحة. الصداقة مع إسرائيل دوماً في قلبي». وأضاف أن «أمن إسرائيل في قلب اهتمامات فرنسا. قلت هذا لنتنياهو، لإسرائيل الحق في العيش بسلام وأمن إلى جانب دولة فلسطينية». وبحسب وزير الخارجية الفرنسي، فإن «هناك خطراً على هذا الوضع ينبع من انعدام الحوار، واستمرار (بناء) المستوطنات، والعنف ضد السكان من كلا الجانبين. هناك خطر من الإحباط، وهو يتزايد ويجر إلى الغضب ويقتل الأمل. ينبغي تجديد الأمل». وشدد آيرولت على أن «الوضع الراهن يشكل إغراء خطيراً، ولذلك ينبغي العمل قبل أن يفوت الأوان».

وقال الوزير الفرنسي إن «موقف فرنسا من القدس لم يتغير: القدس مدينة تقف في أساس الديانات التوحيدية الثلاث، وهي تخص كل المؤمنين، اليهود والمسيحيين والمسلمين. وفرنسا ملتزمة بحرية الوصول والعبادة في القدس. والصياغات المهينة في غير مكانها، يمكن وكان ينبغي تجنبها، وقد أحدثت سوء فهم. وفرنسا تأسف لذلك. ورئيس الحكومة الفرنسي مانويل فالس كان واضحا جدا بشأن ذلك فوق منبر الخطابة في البرلمان ومجلس الشيوخ».

وكانت الخارجية الفرنسية أعلنت بعد لقاء أيرولت مع نتنياهو أن «فرنسا تعمل بشفافية تامة في كل ما يتعلق بإسرائيل»، وأن وزير الخارجية «يجري حواراً وثيقاً مع محاوريه الإسرائيليين». وفضلاً عن ذلك، قالت الخارجية الفرنسية إن «إسرائيل كانت بين أولى الدول التي زارها المبعوث الخاص بيير فايمن. الوزير سجل بنفسه أسئلة الإسرائيليين وقدم إيجازاً عن التحضيرات للقاء وزراء الخارجية في باريس». وشدد بيان الخارجية الفرنسية على «أنه ليس في نيتنا أن نحدد سلفاً نتائج المباحثات المباشرة بين الطرفين»، وأن «المشكلة هي أنه لا توجد الآن أي مفاوضات». وشدد البيان على أن «غاية المبادرة الفرنسية هي إعادة تحريك الأسرة الدولية حول أهداف مشتركة، هي تجديد الالتزام بحل الدولتين وخلق الظروف المناسبة لاستئناف المحادثات المباشرة بين الطرفين».

ويمكن القول إن إسرائيل لم تستقبل وزير الخارجية الفرنسي بالترحاب، وهي ترى في زيارته السنونوة الأولى للحملة الدبلوماسية الدولية التي تخطط لها فرنسا ولا تروق لها. ومن المقرر أن يصل في الأسبوع المقبل رئيس الحكومة الفرنسية في زيارة سياسية رسمية تستغرق أربعة أيام وهي تهدف إلى تليين المعارضة الإسرائيلية للمبادرة الفرنسية. لكن هناك ما يشبه الإجماع في إسرائيل حول أن فرص نجاحه في مهمة التليين تكاد تكون معدومة.

في كل حال، ورغم الرفض الإسرائيلي الواضح والمبطن، لا يبدو أن الفرنسيين في وارد التراجع عن مبادرتهم. صحيح أنهم في الأسابيع الأخيرة بذلوا جهوداً هائلة لتليين الموقف الإسرائيلي، إلا أن اعتمادهم الأساسي هو على الولايات المتحدة. وتأمل فرنسا من وراء عقد المؤتمر الدولي أن تخلق رافعة تساعد على استئناف المفاوضات وتحريك العملية السياسية. وهم لا يستبعدون أنه من أجل نيل دعم أميركا، سيتم إدخال تعديلات على بنود المبادرة وتأجيل مواعيدها. وكان الفرنسيون، في البداية، اقترحوا عقد مؤتمر دولي في الصيف لكن الموعد تأخر. وفي البداية، قالوا إنه إذا لم ينجح المؤتمر فسوف تعترف فرنسا من طرف واحد بالدولة الفلسطينية، وعادوا ليقولوا إن الأمر ليس بشكل تلقائي.

(السفير)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى