مقالات مختارة

هناك لعبة تلميحات وإشارات بين الحركة وإسرائيل في محاولة منهما لاعادة وضع ميزان الردع مجددا: عاموس هرئيل

 

أحداث إطلاق النار في حدود القطاع ـ يوم أمس ـ تعكس التصعيد الاكثر خطورة منذ انهاء الحرب الاخيرة بين إسرائيل وحماس في نهاية آب 2014. ولكن هناك أهمية اخرى للتطورات في غزة. لأول مرة منذ الحرب يبدو أن الذراع العسكري لحماس يقف من وراء اطلاق القذائف واطلاق النار من السلاح الخفيف على قوات الجيش الإسرائيلي. الاحداث في الميدان لم تنته بعد، لكن يبدو أن هذه محاولة من حماس لوضع خطوط حمراء لإسرائيل على خلفية جهود الجيش الإسرائيلي للكشف عن الانفاق الهجومية التي حفرتها حماس تحت الحدود إلى داخل المناطق الإسرائيلية.

خلال أكثر من سنة ونصف بعد الجرف الصامد، عاد المتحدثون الإسرائيليون وأكدوا، سواء في الارشادات والتوجيهات للجيش أو عبر الميكروفونات، نفس الموقف: حماس تلقت من الجيش الإسرائيلي ضربة لم يسبق لها أن تلقتها، لهذا فان حماس مرتدعة، وهي ليس فقط لا تطلق بنفسها إلى داخل إسرائيل منذ انتهاء الحرب، بل إن عدد الحوادث الاجمالي في حدود القطاع هو الأقل منذ أكثر من عقد. وعندما يقوم احد التنظيمات السلفية الصغيرة باطلاق النار، فان الاجهزة الأمنية في حماس تبادر بسرعة إلى كبحها.

هذا التحليل ـ الذي كان تعبيره الاخير بتصريحات رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو بعد زيارته أول أمس نفق تم الاعلان عنه في نهاية نيسان ـ كانت صحيحة إلى أن أصبحت غير صحيحة. رمزت حماس مؤخرا عن مسؤوليتها عن احداث اطلاق النار. وايضا قوتها النسبية مثل حقيقة أن النار وجهت نحو قوات الجيش الإسرائيلي التي تهتم بالبحث عن الانفاق القريبة من الجدار ـ أمام حي الشجاعية في شرق غزة وفي منطقة كيبوتس حوليت التي اكتشف فيها النفق الاخير ـ هذا يشير إلى مسؤولية حماس عن اطلاق النار. ويصعب القول إن خمس احداث متواصلة يمكن أن تحدث في يوم واحد دون أن يرغب المسيطر الوحيد في القطاع بذلك.

إن ما يحدث هنا هو لعبة تلميحات متبادلة بين الطرفين في محاولة منهما لوضع ميزان الردع من جديد. وكما كتب هنا أمس فان حماس تعرف أن إسرائيل قد كشفت عن نفق هجومي واحد، وترى اعمالا اخرى يتم بعضها غربي الجدار في داخل اراضي القطاع وتسمع تصريحات حول الحل التكنولوجي الكامل للكشف عن الانفاق وتدميرها، الذي قد يصبح جاهزا خلال عامين. في هذه الظروف، قيادة حماس متأرجحة بين التهديد المستقبلي وبين الخطر الفوري. التهديد المستقبلي هو أن تسحب إسرائيل من حماس بشكل منهجي ورقة الانفاق. والخطر الفوري يكمن في قرار المبادرة والعمل، الامر الذي سيجر الطرفين بيقين إلى جولة عسكرية اخرى تكلف حماس ضحايا كثيرة. والمدنيون في غزة سيواجهون كارثة انسانية رابعة (الرصاص المصبوب، عمود السحاب والجرف الصامد).

لا توجد لدينا صورة كاملة عن الاحداث، لكن يبدو أن حماس تمتنع إلى الآن عن الحسم. اطلاق النار من القطاع ما زال اشارة تحذيرية وليس دعوة إلى حرب شاملة. وفي الخلفية تقف المنطقة العازلة الأمنية بين الرصاص المصبوب في 2009 وبين عمود السحاب في 2012، حيث اتفق الطرفان بوساطة مصرية على حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها داخل اراضي القطاع، في المنطقة العازلة وحتى مسافة 500 متر غرب الجدار. بعد عمود السحاب، بناء على طلب من مصر، وافقت إسرائيل على تقليص المسافة إلى 100 متر فقط. ولا شك أن هذا القرار قد سهل على حماس حفر 33 نفق هجومي اكتشفها الجيش الإسرائيلي قرب الجدار اثناء عملية الجرف الصامد. والآن يبدو أن حماس تحاول احباط عمل الجيش في عمق 100 متر.

إن إسرائيل مدركة لابعاد اعمالها المحتملة في الآونة الاخيرة، لكنها لا تستطيع الصمت على التهديد إذا اكتشفت وجود انفاق تم حفرها. وفي الخلفية هناك ظروف الحياة التي تزداد خطورة في القطاع.

في الشهر الاخير أوقف الجيش الإسرائيلي نقل الاسمنت إلى القطاع بعد أن تبين مرة اخرى أن حماس تستغل جزءا كبيرا منه في بناء الانفاق. وهناك تأثيرات اخرى لذلك: توقفت عملية اعمار آلاف المنازل وتوقف عمل آلاف الغزيين الذين يعتمدون على البناء، حيث أصبحوا بدون عمل. هذه ايضا اسباب من شأنها أن تُسرع اندلاع المواجهة العسكرية القادمة.

هآرتس

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى