مقالات مختارة

تهديد صهيوني ملائم: تسفي برئيل

 

إن بطن ليفنغستون، رئيس بلدية لندن السابق، مليئة على اليهود وعلى إسرائيل. وجيرمي كوربين، زعيم حزب العمال البريطاني، لا يشعر بالحب الكبير لليهود وإسرائيل. وقد كانت للاثنين في الآونة الاخيرة وفي السابق ايضا، تصريحات خاطئة وسيئة وتحريضية. إن تعهد كوربين باقتلاع أي تعبير للاسامية والعنصرية من حزبه والعمل ضد النشطاء الذين يتحدثون، ولو بالتلميح، بطريقة لاسامية، من خلال طردهم من الحزب أو محاكمتهم داخل الحزب، هو رد ملائم وصحيح. ويمكن للحزب الحاكم في إسرائيل أن يأخذه كنموذج ومثال.

إن الرد الإسرائيلي بالتحديد هو الذي يجب أن يُقلق. لأن هناك جهات في إسرائيل تقول إنه لا فرق بين معارضة سياسة إسرائيل في المناطق ومعاملة مواطنيها العرب وبين اللاسامية. وهم بذلك يطلقون النار على أقدام المناهضين للسامية.

إن تأييد سياسة إسرائيل حتى لو كانت خاطئة، حسب رأيهم، هو تأييد حقيقي للصهيونية. وتأييد الصهيونية لا يمكنه أن يكون لاسامية، والعكس صحيح. فمعارضة السياسة تساوي معارضة الصهيونية. وبالتالي فهو لاسامية.

ليس بنيامين نتنياهو، بل رئيس حكومة بريطانيا ووزير الخارجية في حينه، اللورد آرثور جيمس بلفور، هو الذي كتب في مذكرة من العام 1919 أن «الصهيونية، سواء كانت صادقة أم لا، وسواء كانت جيدة أو سيئة، فهي متجذرة في الميراث القديم وفي احتياجات الحاضر وأحلام المستقبل. احتياجات وأحلام هامة بعيدة عن الرغبة والمواقف المسبقة لـ 700 ألف عربي يعيشون الآن في هذه البلاد القديمة».

إن موقف الصهيونية من نفسها واعتبار أنها صادقة حتى عندما لا تكون صادقة، لم يتغير منذ ذلك الحين. الخلل هو أن حكومات إسرائيل عملت على تشويش الحدود بين اللاسامية وبين اللاصهيونية، بين كراهية اليهود وبين رفض سياستهم. إن تحقيق الوعد الالهي و»عودة» اليهود إلى ارض الميعاد، يتم طرحها كسبب لوجود الدولة. فاليهود لا يقومون باحتلال ارض شعب آخر، بل هم مُنقَذون ومحررون أو عائدون إلى حدودهم. إن معارضة استقلال الفلسطينيين واقامة دولة خاصة بهم تُغلف بالاعتبارات الامنية، لكن قلب هذه المعارضة هو ايديولوجي مسيحاني. فمجرد وجود دولتين يناقض جوهر الصهيونية الحديثة، التي لم تعد تميز بين الصهيونية الدينية والصهيونية العلمانية. وهذه الصهيونية العلمانية ليس فقط لا تقدر على تبرير وجودها بدون تبني فكرة «الدولة اليهودية»، بل ايضا باتت تحقق نبوءة الحاخام كوك الذي اعتبر أن الصهاينة العلمانيين ليسوا أكثر من أداة مساعِدة لتحقيق رغبة الله.

في مذكرة أرسلها كوك إلى صديقه الباحث في المصادر التوراتية، الدكتور موشيه زايدل في عام 1918، كتب كوك: «من الناحية الذاتية، الصهاينة العلمانيون يعتقدون أنهم يكفرون بعالم الدين. ولكن الامر ليس كذلك من الناحية الموضوعية. فالهدف الشخصي الذي يخدم هدفا واحدا، يخدم عمليا هدفا مختلفا تماما. فالانسان لا يقرر بالأحداث التاريخية»، بل بالله.

من هنا، لا مجال للنقاش إذا كانت الصهيونية على حق أم لا. فهي دائما على حق لكونها يهودية. وبالتالي لا مناص من الاستنتاج أن كل من يضر بالصهيونية فانه يضر بالجذور اليهودية. أي أنه لاسامي.

كوربين وليفنغستون ليسا مشكلة الصهيونية، بل العكس. اللاسامية ساعدت وهي تساعد في تعزيز وتقوية الموقف القائل «دولة اللجوء اليهودية» الذي تبنته إسرائيل لنفسها. إن مشكلة الصهيونية هي أنها لم تعد تقدر على تحقيق طموحات مواطني الدولة التي اقامتها. فهي تهدد أمنهم لأن جوهرها قد تم تزويره. وهي تُقاد من قبل غريبي الاطوار الذين قاموا بادخال سموم الهلوسة إلى أوردتها. إنها صهيونية لا تهدد فقط مواطني إسرائيل، بل تهدد ايضا يهود العالم.

هآرتس

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى