مقالات مختارة

هيلاري كلينتون فضلت الابتعاد عن العملية السياسية خشية تأثير ذلك على ترشحها في المستقبل للرئاسة: براك ربيد

 

كتاب جديد صدر قبل بضعة ايام في الولايات المتحدة، كشف أن زيارة هيلاري كلينتون الاولى في القدس كوزيرة للخارجية في آذار 2009، أي بعد الانتخابات الإسرائيلية بشهر، شملت الضغط على رئيسة حزب كديما ووزيرة الخارجية في حينه تسيبي ليفني بأن تستجيب لاقتراح نتنياهو وأن تنضم لحكومة الوحدة. الآن كلينتون هي المرشحة المتفوقة في الحزب الديمقراطي في الانتخابات للرئاسة الأمريكية.

الكتاب الجديد ألفه الصحافي الأمريكي البارز مارك لندلر الذي كان المراسل السياسي لـ «نيويورك تايمز» في السنوات الاخيرة. كتاب لندلر يتحدث عن العلاقة بين رئيس الولايات المتحدة براك أوباما وبين هيلاري كلينتون بين السنوات 2009 ـ 2013، وتُركز بعض أجزائه على العلاقة بين إسرائيل والولايات المتحدة في تلك السنوات والمحاولات الفاشلة لدفع العملية السياسية والعلاقة بين أوباما وكلينتون وبين رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو.

زيارة كلينتون في إسرائيل في آذار 2009 تمت بعد الانتخابات بأسابيع قليلة، حيث كانت ليفني ما زالت وزيرة للخارجية وأجرت نقاشات ائتلافية مع نتنياهو. ويقول لندلر في كتابه إن خلفية طلب كلينتون من ليفني الانضمام إلى حكومة الوحدة لنتنياهو، كانت رغبة وزيرة الخارجية منع اقامة ائتلاف يميني يؤدي إلى الصدام بين الادارة الأمريكية الجديدة وبين حكومة نتنياهو الجديدة. وجاء في الكتاب ايضا أنه في ذلك اللقاء المغلق، ردت ليفني سلبا على طلب كلينتون بذريعة أن الليكود لم يوافق على مطالبها.

ورغم حقيقة أنه في السنوات الاخيرة تم تأليف عدد من الكتب من قبل أمريكيين وإسرائيليين كانوا في مناصب رفيعة، فان الكتاب الجديد يشمل تفاصيل حول علاقة إسرائيل والولايات المتحدة، لم يتم نشرها بعد. على سبيل المثال يكشف لندلر أن كلينتون رفضت طلبا واضحا للبيت الأبيض وهو الذهاب إلى إسرائيل بعد خطاب أوباما في القاهرة في 4 حزيران 2009.

قبل الخطاب ببضعة ايام توجه رئيس طاقم البيت الأبيض، رام عمانوئيل، إلى كلينتون وهو يخشى من اهانة إسرائيل بسبب عدم ذهاب أوباما لزيارتها بعد خطابه في القاهرة. وقد اقترح أن تسافر كلينتون من القاهرة إلى القدس للتأكيد على التحالف بين الولايات المتحدة وإسرائيل. وحسب الكتاب، كلينتون رفضت هذا الاقتراح. «لم تكن قادرة ولم تكن مستعدة. وهي لم تسافر»، جاء في الكتاب.

إن رفض كلينتون الذهاب إلى إسرائيل بعد خطاب القاهرة، كان حسب الكتاب مثالا واحدا على عدم رغبتها التدخل في العملية السلمية بين إسرائيل والفلسطينيين، خشية الضرر السياسي الذي قد يصيبها. وبالتالي سيؤثر على ترشحها في المستقبل للرئاسة.

إن ابتعاد كلينتون في 2009 عن العملية السلمية الإسرائيلية الفلسطينية التي كانت في تلك الفترة احدى المسائل المركزية بالنسبة للبيت الأبيض، أدى إلى التوتر بينها وبين أوباما. وحسب الكتاب، الانفجار حدث إثر محادثة شديدة على هامش مؤتمر الامم المتحدة في ايلول 2009. ويقول لندلر إن أوباما قام بتوبيخ كلينتون وقال إنه توقع منها الذهاب أكثر إلى الشرق الاوسط وأن تكون متدخلة بشكل شخصي في محاولات دفع العملية السياسية وعدم ترك الموضوع فقط للمبعوث الخاص جورج ميتشل.

لقد ورد في الكتاب أن كلينتون تحفظت من قرار أوباما الطلب من نتنياهو في 2009، تجميد البناء في المستوطنات في الضفة الغربية وفي شرقي القدس، لأنها اعتقدت أن هذه ليست الطريقة المناسبة لأخذ التنازلات من نتنياهو. ومع ذلك فقد طبقت السياسة التي وضعها أوباما وحاولت اقناع نتنياهو بالموافقة على الطلب. وحسب الكتاب، في وجبة عشاء مع عدد كبير من المشاركين في وزارة الخارجية في واشنطن في أيار 2009، واثناء الزيارة الاولى لنتنياهو في الولايات المتحدة بعد تشكيل الحكومة، أخذت كلينتون رئيس الحكومة جانبا وقالت له إن تجميد البناء في المستوطنات هو مسألة هامة جدا بالنسبة للرئيس أوباما. «أنا لا استطيع فعل ذلك»، أجاب نتنياهو. وبعد ذلك بأسبوع صرحت كلينتون ضد المستوطنات وقالت إن أوباما يطلب التجميد الكامل للبناء بدون استثناء. ولكن في المقابل كانت مشاورات بين ميتشل وبين ممثلي حكومة إسرائيل حول صفقة تُمكن من بناء معين في الكتل الاستيطانية الكبيرة. وحسب الكتاب، تصريح كلينتون أضر بالمشاورات. وغضبت إسرائيل وغضب مستشارو أوباما لأن كلينتون قد وضعتهم في موقف أكثر تصلبا مما رغبوا فيه.

وكتب لندلر في كتابه أن العلاقة بين كلينتون ونتنياهو اثناء ولايتها كوزيرة للخارجية كانت جيدة نسبيا، لكن مع الكثير من التوتر والصدامات. وحسب الكتاب فقد كانت كلينتون تسمي نتنياهو بيبي واحيانا كانت تسميه فيبي. وقد كتب لندلر أنه في احدى المحادثات بينهما في اطار المفاوضات المكثفة حول تجميد البناء في المستوطنات أخذت كلينتون الهاتف وبدأت تضرب رأسها به اشارة إلى خيبة الأمل.

احدى النقاط الاصعب في المحادثات بين نتنياهو وكلينتون كانت اللقاء الذي أجري في تشرين الثاني 2010 لمدة ثماني ساعات في محاولة لايجاد صيغة من اجل اطالة تجميد البناء في المستوطنات لثلاثة اشهر. وحسب الكتاب طرحت كلينتون عدة افكار منها اقتراح الافراج عن الجاسوس اليهودي جونثان بولارد.

وفي المقابل، نتنياهو ومستشاره اسحق مولخو أدارا المفاوضات مثل معركة استنزاف وركزا على كل نقطة بما في ذلك المسائل الهامشية.

اثناء تلك المفاوضات اقترحت الولايات المتحدة اعطاء إسرائيل 20 طائرة مقاتلة من نوع «اف 35» بتكلفة 3 مليارات دولار مقابل ثلاثة اشهر تجميد في البناء في المستوطنات. وقد خشيت كلينتون من أنه حتى لو تم عقد الصفقة مع إسرائيل، فان ذلك لن يرضي الفلسطينيين ولن يؤدي إلى استئناف المفاوضات المباشرة. «اعتقدت أن كل ذلك هو شيء مقرف»، قالت كلينتون لطوني بلير الذي كان في حينه مبعوث الرباعية إلى الشرق الاوسط. وبعد ذلك ببضعة اسابيع فشلت الصفقة بسبب معارضة اعضاء الكابنت الإسرائيلي وتلاشت فرصة حدوث انطلاقة بين إسرائيل والفلسطينيين اثناء وجود كلينتون كوزيرة للخارجية.

هآرتس

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى