مقالات مختارة

الحريري العائد إلى سوريا! منير الربيع

 

بالأمس القريب دعا الرئيس سعد الحريري الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله إلى العودة الى لبنان، تماماً كما فعل هو، لكن الأيام الأخيرة أبرزت عودة حريرية الى الساحة السورية، مرفقة بإحتمالات تقدم خيار الحل السياسي، هناك، وما يمكن لذلك أن ينعكس على الداخل اللبناني على أكثر من صعيد .

أولى اشارات عودة الحريري، جاءت بعد أن مثله النائب عقاب صقر في مؤتمر إطلاق تيار “الغد السوري” المثير للجدل برئاسة المعارض احمد الجربا، في القاهرة ، وهو ما طرح علامات استفهام حول الموقف السعودي من المعارضة السورية، خصوصاً أن هذا المؤتمر عقد برعايتها ورعاية إماراتية، وذلك بعد غياب طويل لصقر عن المشهد السياسي اللبناني والسوري على حد سواء.

يحاول الحريري استعادة دور لعبه مع بداية إنطلاق الثورة السورية، عبر تقديم الدعم السياسي لها، ولو من بوابة سورية ضيقة وملتبسة، يمثلها ذلك التيار، كما انه يستعيد دوراً لعبه أيضاً مع إطلاق عاصفة الحزم السعودية في اليمن، حينها جال على كل عواصم العالم بما فيها روسيا، للتنسيق حول الوضعين اليمني والسوري. بعد ركود لفترة، يستعيد الحريري نشاطه السوري، مع ربطه بنشاطه اللبناني، خصوصاً أنه في مقابلته التلفزيونية الأخيرة، لم يشنّ هجوماً على روسيا، لا بل أثنى دورها في سوريا.

عشية الخامس عشر من آذار، أكد الحريري ان التاريخ لن يرحم نظاماً ارتكب أفظع الجرائم بحق شعبه وشرّع أبواب سوريا امام فلول الارهاب والضلال، داعياً إلى رفع الأيدي عن سوريا، وعودة المقاتلين إلى بلدانهم. هذا الإهتمام بالشأن السوري بعد إهمال ذكرى الرابع عشر من آذار، دليل على رهان الحريري على امور إستراتيجية تتخطى لبنان ولا تنفصل عنه مساعيه الداخلية خاصة التي تتعلق بالملف الرئاسي، بحسب ما يعتبر مقربون من رئيس “المستقبل“.

يبدو الحريري على إطلاع حول آخر التطورات السورية، وهذا ما أسرّ به لبعض المقربين منه، بحسب ما تقول مصادر “المدن” حتى اللقاءات التي عقدها في لبنان مع مختلف الاطراف، ولا سيما إستمراره باتخاذ المواقف الإيجابية من “حزب الله” لا يمكن فصله عن كل ما يجري. وتأتي زيارة الحريري إلى باريس، في سياق مواكبة، الحركة الدولية حول سوريا، وتؤكد مصادر “المدن” أنه يقوم بإتصالات ومشاورات عديدة، لمتابعة مجريات الأحداث وتطوراتها، خصوصاً ان القرار الروسي جاء بعد مفاوضات خليجية روسية، لأجل ضرورة التوصل إلى الحل السياسي وتهيئة الظروف لإنضاجه، وهذا لا يمكن أن يحصل من دون القضاء على “داعش” و”النصرة”، وهو ما ستقوم به السعودية بعد مناورات “رعد الشمال”، وبات واضحاً بعد تأكيدات مستشار وزير الدفاع السعودي العميد احمد عسيري.

وتكشف مصادر “المدن” أن الحريري سيكون له دور، في مرحلة ما بعد الإتفاق السياسي، وتحديداً في إعادة إعمار سوريا التي ستمرّ حكماً بلبنان، وبالتالي فإن شركة “سعودي أوجيه”، والتي حصدت جائزة أسرع عملية إعادة إعمار بعد الحرب في لبنان، لها من الخبرات في مجال إزالة الدمار والنهوض بالمشاريع ما يؤهلها إلى أن تكون شريكاً رئيسياً بإعادة إعمار سوريا. هذا فضلاً عن أن الإقتصاد السوري يفتقد إلى البنية التحتية، للنهوض بسوريا، وبالتالي هناك حاجة للقطاع المصرفي اللبناني لأنه الأقرب جغرافياً إلى العمق السوري، ولأنه شكل الملاذ لرأس المال السوري، خلال فترة الوصاية السورية على لبنان وحتى اليوم. وبالتالي فإن الحريري يحجز دوراً أساسياً له في مستقبل سوريا، وهذا يتقاطع مع ترشيح رئيس تيار “المردة” النائب سليمان فرنجية، والتقارب مع الروس، والسعي لعلاقة جيدة مع “حزب الله“.

عن موقع المدن

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى