مقالات مختارة

أمريكا تبحث عن هوية جديدة : بوعز بسموت

من يحاول فهم نجاح دونالد ترامب الذي حصل أمس، بغض النظر عن النتائج، عليه التركيز على التفسير: الناس يصوتون اليوم في أمريكا من البطن. السناتور من فلوريدا، ماركو روبيو، يتحدث بشكل عقلاني والناخبون يريدون المشاعر. ومن اجل هذا يوجد دونالد ترامب.

بدون أي صلة بنتائج يوم الثلاثاء العظيم فان انتخابات 2016 ستدخل التاريخ كأهم انتخابات حتى الآن، حيث جرت الانتخابات التمهيدية في ظل وجود مرشح واحد فقط هو ترامب. أمس كان اليوم الذي أراد فيه ترامب زيادة الفجوة، حسب الاستطلاعات، والهرب من باقي المرشحين. في المقابل، أراد خصميه كروز وروبيو، البقاء على قيد الحياة. ايضا المرشحين الديمقراطيين كلينتون وساندرس لا مجال أمامهما سوى التطرق لترامب. لأنه بدون الحديث عن ترامب في أمريكا اليوم، أنت لست ذا صلة. واذا حقق ترامب ما يريد فان كثير من الجمهوريين سينضمون إلى المتفوق الكبير. سيضعون الاحزمة ويحلقون معه، والسؤال هو إلى أين.

لقد جاء مئات المصوتين في ساعات الصباح الباكر إلى مبنى بلدية اوسطن، عاصمة تكساس، المطلة على نهر كولورادو. ونفس الشيء في فرجينيا وجورجيا وتنسي واوكلاهوما والاباما وباقي الولايات الاخرى. «سيكون عدد المصوتين للحزب الجمهوري في تشرين الثاني غير مسبوق»، وعد ترامب. يجب الاعتراف أنه في جورجيا مثلا، وهي ولاية في الجنوب، فيها 76 مقعدا وهي الثانية في أهميتها بعد تكساس، سجل أكثر من 4 آلاف مصوت. وجميعهم يتفقون على أن «ظاهرة ترامب» نجحت في احداث التجنيد العام. والسؤال الكبير الذي كان أمس هو ما مغزى التجنيد الكبير. وهل هذا جيد للحزب كما يدعي ترامب الذي هو على قناعة أنه سيجند الياقات الزرقاء، وديمقراطيو ريغان، أم أن هذا سيء للحزب الذي سيتفكك إذا كان ترامب يمثله في تشرين الثاني، كما تنبأ روبيو.

«كيف صوت؟ مثل الجميع»

توم (40 سنة) جاء إلى مبنى البلدية في الصباح الباكر لمرافقة شقيقه الذي يعيش في اوسطن للصناديق. توم صوت في ايوا قبل شهر. «صوت لكارلي فيورينا»، قال لي، «لقد تحدثت بشكل جميل على الأقل». وماذا ستفعل في تشرين الثاني؟ «من الواضح أنني سأصوت لترامب»، «نحن لا نريد هيلاري. واذا كان هو الشخص الذي اختاره الأمريكيون فاننا سننضم له». كل ما يُقال حول نزاهته والقصص التي ستقولها وسائل الإعلام عنه لا تردعك، سألته. «لماذا؟ هل تبدو هيلاري طاهرة؟»، أجاب. شقيقه ريك ينضم الينا. وقد كتب على قميصه «صوت». سألته لمن. فقال «مثل الجميع».

سوزان، شابة تعمل في شركة للالكترونيات، سارعت إلى التصويت. «صوت لترامب رغم أنني في العادة لا أصوت»، قالت، «الباقي مجرد متحدثين. واذا تبين أنه هو ايضا مجرد متحدث فنحن على الأقل نعاقب السياسيين الذين لا يفعلون أي شيء».

روجرز ايضا لا يصوت في العادة. «السياسة لا تهمني. لكني جئت لاصوت لهيلاري. جئت لاعطاء صوتي لكل من هو مستعد لكبح ترامب».

في مطعم ياباني قريب تجمع طلاب اغلبيتهم الساحقة صوتت لساندرس. بالضبط كما هو مكتوب في الصحف، الرسالة واضحة، لقد مل الأمريكيون من الادارة. «بارني ترامب» هو جوابنا لواشنطن، كما قال عامل في المطعم.

تكساس، الولاية التي أنا فيها الآن، هي الولاية الاهم في يوم الثلاثاء العظيم: إنها تقدم 155 مقعدا رغم أنها ستوزع بشكل نسبي. إذا لم ينتصر كروز هنا فيمكنه القول مع السلامة ويذهب. حقيقة توزيع المقاعد بشكل نسبي تُصعب عليه الامر. أمس خلال وجودي بالقرب من الصناديق كان هناك استطلاع يشير إلى التساوي. وقد كان انفعال كبير في الصناديق.

صحيفة «نيويورك تايمز» كتبت أمس في عنوانها الرئيس أن الديمقراطيون يخططون «خطة حرب» ضد ترامب. فهم على قناعة أنه سيكون الشخص. ويقولون إنهم يجمعون المعلومات عنه للقضاء على فرصة وقوفه أمام كلينتون.

ترامب لا يهتم. وفي مقابلة مع شبكة «فوكس» تحدث عن هذا وقال: «لم ابدأ في الهجوم عليها بعد ولدي استطلاعات جيدة. وهي لديها بنغازي على الظهر لكن اعضاء بنغازي يؤيدوني. ايضا قضية البريد الالكتروني. ومخالفة كهذه يجب دخول السجن بسببها». وعلى ذكر الرسالة البريدية، فقد تم نشر الرسائل الالكترونية قبل الثلاثاء العظيم بقليل.

حسب التقارير في الولايات المتحدة، الديمقراطيون يخططون لتجنيد بيل كلينتون من اجل اظهار دونالد كجنسي. «سيستخدمون بيل من اجل أن يقولوا إنني أهتم بالجنس؟»، سأل ترامب.

وعلى ذكر الجنس، زوجة ترامب ملانيا، عارضة الازياء السلوفكية الجميلة، أجرت مقابلة أمس مع الـ سي.ان.ان. «وقفت بجانب الحائط وقمت بالحراسة»، قال ترامب وقال النكات لاظهار جنسيته. عمليا هو ينجح في تحويل كل هجوم ضده إلى افضلية. أول أمس حاول خصومه انتقاده لأنه لم يتنصل من ديفيد ديوك. ايضا رئيس مجلس الشيوخ، بول ريان، وزعيم الاغلبية في المجلس، ميتش، وهما جمهوريان، طلبا منه أمس إبداء تحفظه. «لقد فعل هذا اكثر من مرة»، قال المقربون من ترامب، «إنه ليس عنصريا والجميع يعرفون ذلك».

«المؤسسة يجب أن تذهب»

قبل نشر النتائج تنبأ ترامب بـ «روبيو يجب أن يذهب». لكنه مرشح المؤسسة، قيل له. «إذا فلتذهب المؤسسة»، أجاب. هذه هي اللغة التي تحبها أمريكا 2016. لأن الانتخابات تتعلق باعادة تعريف أمريكا. وهذا الامر لا تفهمه الصحف.

بعد ثماني سنوات مع اوباما يبحث الأمريكيون عن اعادة تعريف أنفسهم وترامب يوفر لهم ذلك.

تحاول هيلاري كلينتون استغلال شعبيتها في الجنوب من اجل حسم الامر رغم أن بارني ساندرس ما زال متفائلا.

كلينتون، روبيو وترامب قضوا الليلة في فلوريدا. هناك سيتم التصويت في 15 آذار. وهناك سيتم حسم الامر نهائيا، لكن في الانتخابات في هذه السنة، فان المتوقع هو غير المتوقع.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى