مقالات مختارة

سهم سعودي مرتد: تسفي برئيل

هناك حساب طويل بين الملك السعودي سلمان وبين حزب الله. ليس فقط لأن حزب الله يمثل نجاح إيران في السيطرة على لبنان ، بل لأنه يقوم بارسال أذرعه إلى اماكن صراعات وحروب اخرى في الشرق الاوسط مثل تلك التي توجد للسعودية فيها مصالح سياسية مثل اليمن وسوريا. وقد قررت السعودية في يوم الجمعة الماضي فرض عقوبات على اربع شركات تعود للبنانيين يشتبه بتأييدها لحزب الله. لا سيما بسبب مساعدته على شراء اجهزة الكترونية متطورة. شركتان من هذه الشركات تعملان من الصين وشركتان تعملان في لبنان. وهي مسجلة كشركات محظورة من قبل وزارة المالية الأمريكية.

من المشكوك فيه أن تُلحق هذه العقوبات ضررا حقيقيا بشبكة تسلح حزب الله التي تنتشر في أنحاء العالم. لكن هذه تعتبر رسالة سياسية مهمة تضاف إلى قرار السعودية غير المسبوق منذ عشرة ايام وقف المساعدة الاقتصادية لحكومة لبنان والتي تبلغ ثلاثة مليارات دولار والمخصصة لتسليح الجيش اللبناني والشرطة بوسائل قتالية جديدة تم شراءها من فرنسا.

إن مبلغ 3 مليارات دولار ليس مبلغا صغيرا، لا سيما إذا كانت حكومة لبنان تعيش ازمة اقتصادية من أصعب الازمات في تاريخها. وهذا القرار السعودي يقلق ايضا الولايات المتحدة، التي بادرت إلى هذه المساعدة من اجل مساعدة اللبنانيين على محاربة داعش الذي يسيطر على عدة بؤر في الدولة. لكن تقديرات السعودية لا تتساوق بالضرورة مع تقديرات الولايات المتحدة خصوصا بعد أن خيبت واشنطن أمل المملكة حينما تنازلت عن طلب تنحية بشار الاسد على الفور وقامت بتوقيع الاتفاق النووي مع إيران، الامر الذي اعتبرته السعودية خيانة للاستراتيجية المشتركة ضد إيران.

السبب الرئيس لغضب السعودية من لبنان هو حقيقة أن وزير الخارجية اللبناني، جبران باسيل، امتنع عن التنديد باحراق السفارة السعودية في طهران في الشهر الماضي، في مؤتمر الجامعة العربية ومجلس الدول الإسلامية. وقد كان لبنان هو الدولة العربية الوحيدة التي وقفت إلى جانب إيران، رغم أن رئيس الحكومة اللبناني، سلام تمام، ندد بشكل شخصي بعملية الاحراق.

لقد اعتبرت السعودية أن الموقف اللبناني ينبع من التأثير الحاسم لحزب الله على سياسة الحكومة. وقد تم اتخاذ قرار فرض العقاب رغم أنه قد يعمل على تعزيز مكانة إيران في لبنان. السعودية لا تكتفي ايضا بتجميد الاموال بل هي تهدد بسحب الاموال التي قامت بايداعها في البنوك اللبنانية قبل 13 سنة والتي ساعدت على استقرار قيمة الليرة اللبنانية. وهي تدعو مواطنيها ايضا إلى عدم السفر إلى لبنان وتطلب من الموجودين هناك الخروج فورا. رغم قولها إنها لن تمنع الرحلات الجوية السعودية من السفر إلى لبنان. وقال المتحدثون إنه إذا لم يكن هناك عدد كاف من المسافرين، فلن يكون بالامكان تسيير الرحلات إلى هناك.

هذه الاشارة لا تحتاج إلى تفسير: لبنان يوجد تحت حصار سعودي إلى حين أن يعتذر بشكل كامل ويقوم بارضاء المملكة فيما يتعلق بموضوع حرق السفارة. لكن المشكلة هي أنه كي تخضع الحكومة اللبنانية لصيغة الاعتذار فان عليها الحصول على موافقة وزراء حزب الله الذين لا يستعجلون الخضوع. «لبنان ليس امارة سعودية ولا يتبع لأي دولة اخرى. السعودية هي التي يجب أن تعتذر للبنان وليس العكس»، قال نعيم قاسم، نائب حسن نصر الله، في نهاية الاسبوع. وحسب اقواله فان السعودية قد ألحقت الضرر بلبنان وبمواطنيه بدل أن تساعدهم في محاربة أعداء لبنان. في وسائل الإعلام المقربة من حزب الله يتم التعامل مع السعودية على أنها الفرع الصهيوني في الشرق الاوسط العربي. والمملكة تتعرض لمجموعة من التهجمات.

ورغم ذلك، توجد للسعودية أدوات ضغط أخرى يمكنها استخدامها ضد لبنان. احدى هذه الأدوات هي طرد مئات آلاف العاملين اللبنانيين من المملكة، اضافة إلى تجنيد دول الخليج للمقاطعة. واذا قررت السعودية اتخاذ هذه الاجراءات فهي ستضر بشكل كبير السياحة والتصدير الزراعي وسوق العقارات في لبنان والتي تعتمد في جزء كبير منها على استثمارات شركات دول الخليج.

هذه ليست المرة الاولى التي تفرض فيها السعودية عقوبات اقتصادية على دولة عربية. فقبل عام قامت بقطع علاقتها الدبلوماسية مع قطر بسبب تأييدها للاخوان المسلمين وحماس، الامر الذي يناقض سياسة السعودية. وبعد ذلك ببضعة اسابيع تراجعت قطر عن تأييدها وتعهدت بعدم التأييد العلني للاخوان المسلمين وأتباعهم. وبالتالي عادت العلاقات بين الدولتين إلى سابق عهدها.

لكن الموضوع اللبناني أكثر تعقيدا لأن الحكومة اللبنانية ترتبط بحزب الله. أي أن المنافسة على ليّ الأذرع لن تكون بين الرياض وبيروت بل بين الرياض وطهران. وحسب التجربة الاقليمية، مشكوك فيه أن تركع طهران أمام المملكة. وبهذا قد تكون النتيجة معاكسة بحيث تعزز إيران مكانتها بشكل أكبر في لبنان وتبقى السعودية مع عقوبات فارغة المضمون.

هآرتس

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى