مقالات مختارة

يتخبطون!: تسفي برئيل

كانت لجبريل الرجوب، عضو اللجنة المركزية في فتح، تصريحات شديدة قالها لقيادة الحركة. ففي مقابلة مع التلفزيون الفلسطيني الرسمي سخر ممن يتحدثون باسم الشعب الفلسطيني: «شخص يلتقي مع الرئيس التونسي وشخص يتحدث باسم الشعب الفلسطيني بالانجليزية ـ نحن بحاجة إلى شخص يتحدث بالفلسطينية».

الاختلاف في فتح ليس جديدا. والحديث عن ورثة محمود عباس تحول إلى أمر علني. عباس، من خلال «الخطاب المهم للأمة» الذي ألقاه في بيت لحم في الاسبوع الماضي، لم يزِل الضباب. «السلطة هي انجاز فلسطيني ولن نسمح بتحطمها»، وعد كرد على التقديرات الاسرائيلية التي نشرت في صحيفة «هآرتس» والتي تقول إن السلطة الفلسطينية على شفا الانهيار. لكن لم تكن لعباس اجابات محددة للازمة في قيادة الحركة. هذا الموقف الغامض لا يكفي الرجوب. «عملية السلام انهارت. فما هو البديل؟ نحن نتخبط. نتخبط في موضوع عقد المجلس الوطني وفي موضوع علاقتنا مع حماس. ونتخبط في موضوع تطبيق قرارات اللجنة المركزية».

السلطة الفلسطينية قائمة بحكم القصور الذاتي. ففي الوقت الذي يعد فيه عباس بالاستمرار في جهوده للحصول على الاعتراف الدولي، يحاول الفصل بين التعاون الامني مع اسرائيل وبين الصراع السياسي. وفي نفس الوقت يتردد في كيفية التعامل مع انتفاضة الافراد.

اجراء الانتخابات التي قررت بشأنها حماس وفتح، في ايلول 2014، لا توجد على جدول اعمال عباس رغم أن حماس جاهزة لذلك. عباس يخشى من أن تعود حركة حماس إلى القيادة ويؤدي ذلك إلى انهيار فتح التي تشرذمها الخلافات الداخلية.

في الوقت الحالي تجد السلطة صعوبة في ايجاد حلول للمشكلات التي تؤثر على حياة مليون و800 ألف انسان في قطاع غزة والذين يرتبطون بالرعاية الاسرائيلية. في الاسبوع الماضي اجتمع رؤساء التنظيمات الفلسطينية بدون حماس وفتح وصاغوا مبادرة لفتح معبر رفح. وتشمل المبادرة اقامة ادارة مشتركة تتكون من ممثلي حماس الذين يقومون بتشغيل المعبر ومن موظفي السلطة الفلسطينية تحت إمرة ادارة متفق عليها، ويكون الحرس الرئاسي هو المسؤول عن الوضع الامني.

إن الاتفاق الفلسطيني الداخلي حول هذه المبادرة هو شرط أولي للموافقة المصرية على فتح المعبر. أعلن عباس عن قبوله مباديء المبادرة وحماس ما زالت «تفحصها». مصادر فلسطينية تعتقد أن مصر قد تقبل المبادرة على خلفية التقارب بين اسرائيل وتركيا والخشية المصرية من أن تركيا ستأخذ على عاتقها رعاية الحركة التجارية في غزة وتضر باحتكار مصر. لكن حتى هذا الموضوع الذي يوجد حوله توافق مبدئي، واجه اختلاف في الآراء في مواضيع مثل من يقرر من سيعبر الحدود.

الاتفاق حول انشاء سلطة مشتركة لادارة معبر رفح قد يكون الخطوة الاولى في طريق تطبيق باقي اتفاق المصالحة بين حماس وفتح. هذه المصالحة ليست فقط مسألة فلسطينية داخلية. السعودية اقترحت مؤخرا، على عباس، أن تتبنى النقاش بين حماس وفتح. لكن حسب التقارير الفلسطينية قال عباس إن مصر هي المسؤولة عن المصالحة وإن على السعودية التنسيق معها. السعودية التي انشأت الائتلاف السني ضد إيران تستطيع الضغط على مصر من اجل تليين مواقفها من حماس، لكنها تريد أولا ضمان أن حماس لن تسوّد وجهها.

الحقيقة اللافتة هي أن متحدثي حماس لم يسارعوا إلى تأييد الموقف السعودي في الازمة الاخيرة بينها وبين إيران. «لسنا مع هذا الطرف أو ذاك»، قال اسماعيل الاشقر، من قادة حماس. «نحن حركة تحرير فلسطين ونحتاج القوى العربية والإسلامية والانسانية من اجل تجنيد الجمهور لصالح المشكلة الفلسطينية». ليس هذا ما أرادت السعودية سماعه رغم أنها قد تفرح من أن حماس لم تقف إلى جانب إيران على الأقل.

السؤال هو أين تضع هذه التطورات اسرائيل التي ما زالت على قناعة أن مبادرات حسن النية الاقتصادية للسلطة من شأنها الحفاظ على الوضع الفلسطيني القائم وكبح زيادة قوة حماس. عدة شاحنات اخرى ستدخل إلى غزة أو إذن لتركيا بانهاء بناء مستشفى اضافة إلى تسهيلات على السكان في الضفة. كل ذلك هو أقصى ما تستطيع اسرائيل تقديمه. التحليل الذي قدمه الجيش الاسرائيلي للحكومة حول «تحسن في موقف السلطة الفلسطينية» بما في ذلك التعاون الامني والتوصيات بمنح تسهيلات محدودة للسلطة، يشير إلى الانفتاح الكبير من قبل الجيش. لكن في نفس الوقت يتجاهل الصراعات الفلسطينية الداخلية. المصالحة بين حماس التي تحافظ على الهدوء في الجنوب وبين فتح التي تتعاون مع اسرائيل، هي مصلحة اسرائيلية. لكن من اجل رؤية ذلك يجب رفع الغطاء الذي يغطي عدسة التكبير السياسية الاسرائيلية.

هآرتس

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى