مقالات مختارة

الحرب السعودية الزائفة على الإرهاب: براهما تشيلاني

 

مثل حرب كارتل على المخدرات، تعتبر المكسيك أحد أكبر موردي الهيروين إلى السوق، وأكبر مصدر أجنبي للماريغوانا، حيث تهيمن عصابات المخدرات المكسيكية حاليا على سوق الجملة المحظورة وتتراوح الإيرادات الكلية لمبيعات المخدرات المحظورة ما بين 13.6 مليار دولار و49.4 مليارا، وفي ظل تلك الارقام تقول انها تحارب تجارة المخدرات، كذلك السعودية فهي تضم في تحالفها الذي تقوده “لمكافحة الارهاب” كل رعاة الإرهاب في العالم.

من خلال دراسة آفة الإرهاب الإسلامي يستحيل ان لا تلتقي مع الايديولوجية الوهابية. الجهاد جاء من اصول سنية تم تمويلها من مشايخ النفط، وخاصة المملكة العربية السعودية وتوسعت دوليا. هذا هو السبب في تحالف مكافحة الارهاب بقيادة السعودية والذي أعلن عنه مؤخرا. التحالف العسكري الإسلامي لمكافحة الإرهاب، ينبغي أن ينظر اليه بشك كبير.

الوهابية من بين عدة أمور تشجع على إخضاع النساء وقتل “الكفار”، وقد وصف الرئيس الأميركي باراك أوباما الحادثة التي دفعت زوجين من أصل باكستاني لتنفيذ عملية اطلاق نار مؤخرا في سان برناردينو بولاية كاليفورنيا بانها “تفسير مضلل للإسلام”، ونتاج تلك الايديولوجية الجهادية، التي تشمل تنظيم القاعدة وحركة طالبان، بوكو حرام، وحركة الشباب، والدولة الإسلامية، وكلها مزيج من العداء ضد غير السنة.

مولت المملكة العربية السعودية الإرهاب الإسلامي من انتاج ثورة النفط في العام 1970. ووفقا لتقرير البرلمان الأوروبي الصادر في 2013 فان 10 مليار دولار تم استثمارهم من قبل المملكة العربية السعودية “لجدول أعمالها الوهابي” في جنوب شرق آسيا و”حولت” كل تلك الاموال الى الجماعات الإرهابية، بما في ذلك جماعة عسكر طيبة التي نفذت هجمات مومباي الإرهابية في العام 2008.

وقد اعترف القادة الغربيين بالدور السعودي لسنوات عديدة. وفي برقية دبلوماسية صدرت في الـ 2009، اعتبرت وزيرة الخارجية الاميركية آنذاك هيلاري كلينتون بان المملكة العربية السعودية هي “أهم مصدر لتمويل الجماعات الارهابية السنية في جميع أنحاء العالم”، وبفضل مصلحة الغرب في النفط السعودي، فلم تواجه المملكة أي عقوبات دولية.

الآن، مع نمو الحركات الإرهابية مثل “الدولة الإسلامية”، وتغير الأولويات كما قال نائب المستشارة الالمانية سيجمار جابرييل في مقابلة أجريت معه مؤخرا، “يجب علينا أن نوضح للسعوديين أن الوقت قد حان للنظر في الاتجاه الآخر“.

وقد حفز هذا التحول المملكة لكي تعلن ان “الحملة” هي على الأفراد والجماعات التي تمول الإرهاب، ولكن وفقا لتقرير وزارة الخارجية الأميركية مؤخرا، بعض الجمعيات الخيرية والتي مقرها السعودية والجهات المانحة الفردية تستمر في تمويل المسلحين السنة.

من هذا المنظور، إعلان السعودية المفاجئ عن تحالف 34 دولة لمكافحة الإرهاب، مع مركز عمليات مشترك مقره الرياض، هو خطوة منطقية، بهدف التصدي للانتقادات الغربية المتزايدة، مع تعزيز النفوذ السني في الشرق الأوسط، ولكن بطبيعة الحال، التحالف هو خدعة – من خلال النظر الى عضويته.

وهذا التحالف ينم عن الكثير، فهو يشمل كل الرعاة الرئيسيين للجماعات المتطرفة والإرهابية في العالم، من قطر إلى باكستان. ويبدو الأمر كما لو ادعت جماعة كارتل لتجارة المخدرات بأنها ستقود حملة لمكافحة المخدرات، فالأعضاء المسجلين في عضوية التحالف هم من القلاع الجهادية في أفغانستان، بما في ذلك الدول التي مزقتها الحرب مثل ليبيا واليمن، وكلاهما لا تخضع حاليا لسلطة واحدة.

وعلاوة على ذلك، على الرغم من كونه يوصف بأنه تحالف “إسلامي”، مع أعضاء من “جميع أنحاء العالم الإسلامي،” تضم المجموعة أوغندا ذات الاغلبية المسيحية والغابون، ولكن ليس عمان (الإمارة الخليجية)، الجزائر (أكبر بلد في أفريقيا)، واندونيسيا (اكبر بلد مسلم من حيث عدد السكان في العالم).

فشل ضم إندونيسيا، التي لديها الكثير من المسلمين في الشرق الأوسط بأكمله، ليس فقط بسبب حجمها: بل تم استبعاد معظم البلدان التي تملك دولة ديمقراطية قوية. الحكم الاستبدادي في الدول الإسلامية يميل إلى تعزيز القوى الجهادية، ولكن عندما تأخذ الديمقراطية الجذرية حدها، كما هو الحال في إندونيسيا، يمكن للصدام بين المعتدلين والمتطرفين أن يدار بشكل أفضل.

وينعكس نهج المملكة العربية السعودية من خلال اعلان بعض أعضاء التحالف – بما في ذلك باكستان وماليزيا ولبنان والسلطة الفلسطينية الذين قالوا على الفور بأنهم لم ينضموا قط الى هذا الواقع، ويبدو أن المملكة لا تعتقد أنه يمكن اتخاذ هذا القرار نيابة عن المستفيدين الرئيسيين من المساعدات.

إضافة إلى أن الاستبعاد المفاجئ للشيعة الذين يحكمون إيران والعراق، جنبا إلى جنب مع العلويين الذين يحكمون سوريا، دفع المملكة العربية السعودية لوضع تجمع سني آخر في وجهه لتحقيق أهداف طائفية واستراتيجية. وهذا ينسجم مع نهج سياسي أكثر تشددا تأصل منذ اعتلى الملك سلمان العرش في يناير 2015.

في المنزل، عهد سلمان يعني حتى الآن زيادة ملحوظة في عدد أحكام الإعدام بقطع الرأس، وغالبا ما تنفذ في الأماكن العامة – طريقة تحتذي بها الدولة الإسلامية، في الخارج فذلك يعني تفضيل واضح للحلول العنيفة في البحرين والعراق وسوريا، واليمن.

وقد تحالف العرب بقيادة سعودية لقصف اليمن منذ مارس، بهدف دحر المتمردين الحوثيين الشيعة الذين استولوا على العاصمة صنعاء، بعد قيادة الحكومة المدعومة من السعودية للسلطة. وقصفت الطائرات الحربية السعودية المنازل والأسواق والمستشفيات، ومخيمات اللاجئين في اليمن، مما دفع المنتقدين الى اتهام المملكة بترويع المدنيين عمدا لتحويل الرأي العام ضد الحوثيين.

وكثيرا ما تعكس الحلول في المملكة العربية السعودية أهداف حلفائها الأميركيين. على سبيل المثال، تراجعت المملكة وشركائها العرب بهدوء وخرجوا من الحرب الجوية التي تقودها الولايات المتحدة في سوريا، وتركوا الحملة إلى حد كبير في أيدي الأميركيين.

ولكن أبعد من التلاعب الاستراتيجي السعودية تكمن المشكلة الأساسية: في الأيديولوجية الرسمية للمملكة والتي تشكل قلب العقيدة الإرهابية، عدو كرس الإرهاب الإسلامي وشجع على الجهاد. وعبر السنين لم يعتقل مسؤول عن الارهاب وانتشاره وتمويله.

وهذا يعود إلى القصور الرئيسي للنهج العسكري لمحاربة الإرهاب، ما لم توقف التوسع في الأيديولوجيات الخطيرة مثل الوهابية، لن يكون هناك نصر في الحرب العالمية على الإرهاب، فبغض النظر عن عدد القنابل التي تسقطها الولايات المتحدة وحلفائها، سوف تستمر المدارس الممولة من السعودية لتلقين الجهاديين درسا.

ترجمة: وكالة اخبار الشرق الجديد: ناديا حمدان

https://www.project-syndicate.org/commentary/saudi-arabia-war-on-terrorism-by-brahma-chellaney-2015-12

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى