مقالات مختارة

هل حُرِّرت الرمادي؟: حميدي العبدالله

 

أعلن رسمياً عن تحرير مدينة الرمادي، عاصمة محافظة الأنبار. وقد فوجئ الكثير من المتابعين بسرعة تحرير المدينة، حيث كانت التوقعات ترجّح احتمال أن تكون المعركة طويلة نسبياً ، لأنّ «داعش» قد يكون قد أنشأ شبكة من الخطوط الدفاعية التي تمكّنه من الصمود أطول فترة، لا سيما أنّ الحشد الشعبي لم يشارك في القتال إلى جانب الجيش العراقي، واقتصرت المشاركة على أبناء العشائر، وهم حسب تقديرات أميركية لا يتجاوز عددهم خمسة آلاف مقاتل.

يمكن القول إنّ سهولة تحرير الرمادي، أو ما تحرّر منها حتى الآن، يعود إلى عدد من الأسباب، أولها أنّ منازل هذه المدينة تنتشر أفقياً وليس طابقياً، وهذا يسهّل اقتحامها من قبل القوات المهاجمة، على عكس الوضع فيما لو كانت الأبنية أبنية طابقية حيث تتحوّل إلى قلاع يسهل على المدافعين الدفاع عنها وتكبيد المهاجمين خسائر كبيرة، وهذا مبدأ عسكري متعارف عليه، على الأقلّ منذ الحرب العالمية الثانية، وثاني هذه الأسباب أنّ «داعش» لم يلجأ إلى حفر شبكة من الخنادق تسهّل عليه الاحتماء من القصف الجوي والتمترس فيها لصد ّالمهاجمين، على عكس ما فعل ويفعل المسلحون في سورية، ويعود سبب ذلك إلى احتمال أنّ «داعش» لم يكن على قناعة باحتمال شنّ هجوم على المدينة، سواء كان هذا الهجوم عبر الجوّ أو عبر البرّ، أو أنه لا يريد التمسك بالمدينة وخوض حرب مواقع، بل يفضّل حرب الحركة، أو حرب العصابات، وهذا ما يلائمه أكثر، ولكن أسلوب قتال «داعش» في سورية يختلف عن أسلوبه في العراق، وهذا الخلاف قد يفسّر عدم التعهّد من قبل «داعش» بالقتال المستميت عن المناطق التي يسيطر عليها في العراق على عكس استماتته بالدفاع عن مواقعه في سورية وتفسير ذلك يكمن ربما بما يحكى عن تواطؤ بين «داعش» والأميركيين، أيّ أنّ «داعش» أهدى الأميركيين انتصاراً سهلاً نسبياً لتفعيل وتلميع الدور الأميركي في العراق الذي ينسّق مع استراتيجية إعادة النفوذ الأميركي إلى بلاد الرافدين.

رغم كلّ هذا الملابسات، هل تمّ فعلاً تحرير الرمادي بكاملها؟ سؤال طرح في ضوء تقارير أميركية تتحدّث عن وجود أكثر من 700 مقاتل من «داعش» لا زالوا يتحصّنون في بعض مناطق الرمادي، وقد يستخدمون تواجدهم في هذه المناطق لشنّ هجمات على قوات الجيش في توقيت لاحق، والاستيلاء على مواقع جديدة، لا سيما أنّ القتال الالتحامي يعطّل فعالية الطيران ومدفعية الميدان بعيدة المدى.

التقارير الأميركية تتحدث عن تحرير المجمع الحكومي وبعض الأحياء وليس كلها، وهذا يعني عودة الوضع في الرمادي إلى ما كان عليه قبل استيلاء «داعش» بالكامل على المدينة، إذ من المعروف أنّ «داعش» كان يتواجد في بعض أحيائها وجعل من هذا التواجد نقطة انطلاق لهجماتها اللاحقة التي انتهت بالسيطرة على كامل المدينة.

(البناء)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى