مقالات مختارة

عروبة القضيّة الفلسطينيّة ! ثريا عاصي

 

أتابع في هذه الحلقة البحث عن القضية الفلسطينية في مخيّم عين الحلوة للاجئيين الفلسطينيين، الواقع في ضاحية مدينة صيدا! بكلام أكثر وضوحاً وصراحة، إنّ الاقتتال الفلسطيني ـ الفلسطيني في المخيم المذكور يحملني على المقارنة بين الأوضاع فيه من جهة، وفي قطاع غزة من جهة ثانية. أو بتعبير آخر، هل انتقلت عدوى قطاع غزة إلى مخيم عين الحلوة، واستطراداً إلى غيره من مخيمات اللاجئيين الفلسطينيين؟

من المعروف أنّ عناصر فلسطينية، من التيارات الإسلامية، ذهبت إلى أفغانستان في ثمانينات القرن الماضي، وحاربت السوفيات، لحساب الولايات المتحدة الأميركية. أضع هذا المُعطى بموازاة انضمام جماعات فلسطينية في سوريا إلى التيارات الإسلامية، التي بادرت إلى إعلان الحرب على الحكومة السورية. نتج عن ذلك اقتتال دموي ومدمِّر في مخيمات اللاجئيين، أبرزها مخيم اليرموك في ضاحية دمشق. يحسن التذكير بالمناسبة، أنّ التيارات الإسلامية التي تشارك في الحرب على سوريا تضمّ إلى صفوفها المرتزقة، وتتلقى الإمداد من آل سعود وآل ثاني القطريين، ومن الإمبرلايالية الأميركية ـ الأوروبية، ومن المستعمرين الإسرائيليين أيضاً، حيث يصل الدعم المُقدَّم من الأخيرين إلى درجة توفير التغطية الناريّة للمهاجمين ضدَّ مواقع الجيش العربي السوري!

وتوخياً للدقة أقول: إنّ حركة حماس الفلسطينية تنكّرت منذ 2011 لسوريا، ولما تمثّله سوريا في الصراع العربي ـ الإسرائيلي، بصرف النظر عن الحكومات التي تعاقبت والسياسات التي اتُّبعت (وقع في سورية بين 1949 و1970 عشرون انقلاباً أو محاولة انقلاب). فالحركة المذكورة ليست نموذجاً يُحتذى في احترام حقوق الإنسان، وفي إفساح المجال أمام ممارسة الديمقراطية. يكفي أنّ المعتدين على سوريا جميعاً، تقودهم حكومات تقيم علاقات طيبة مع المستعمرين الإسرائيليين.

لقد كشفت حركة حماس عن وجهها الحقيقي، بما هي جزء من حركة الإخوان المسلمين، التي اختارت رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان زعيماً لها. رُفع في قطاع غزة علمُ الانتداب الفرنسي على سوريا، وانتقل قادة حماس من دمشق إلى إمارة قطر، حيث صرّح أحدهم بينما حماس تقاتل الجيش العربي السوري إلى جانب مرتزقة الولايات المتحدة الأميركية وآل سعود والعثمانيين الجدد بأنّ «حماس لن تقاتل إسرائيل إلى جانب إيران»!

ليس من حاجةٍ إلى دلائل وبراهين حتى نثبت للذين يحاولون أن يفهموا حقيقة ما يجري على الأرض السورية واللبنانية والفلسطينية والأردنية، أنّ مخيم عين الحلوة يكاد أن يكون في لبنان قاعدة للإسلاميين الناشطين ضدّ سوريا وحلفائها، أي ضد المقاومة في لبنان، فإليه يلتجئ «المجاهدون» السعوديون واللبنانيون السعوديون الذين يديرون المعارك في جرود البقاع وفي الشمال. في هذا المخيم تُجهّز السيارات الملغّمة، المُعدّة للتفجير في المناطق التي تعتبر حاضنة للمقاومة، عقاباً جماعياً للناس!

أنا لا أملك معلومات مؤكّدة عن الدور العسكري المحدَّد، الذي يؤدّيه هذا الفصيل الإسلامي الفلسطيني المسلّح أو ذاك، ولكن يمكن القول و الجزم بأنّ قادة حركة حماس في قطاع غزة وفي مخيم عين الحلوة غلّبوا انتماءهم إلى حركة الإخوان المسلمين على متطلّبات خدمة القضية الوطنية الفلسطينية. أي أنّ حماس، اختارت، كمثل التيارات الإسلامية الوهابية الأخرى، سلوك نهج ٍ، تتوهّم، كما توهّمت حركة طالبان، أنّه يوصل ليس فقط إلى «التوطين» ولكن أيضاً إلى «التطبيع» والى «الدولة الإسلامية» على غرار «الدولة اليهودية» المُزمَع عليها مع المستعمرين الإسرائيليين وأصدقائهم في بلاد الغرب.

إنّ الناس الذين ينساقون بحدِّ السيف أو بحبل المشنقة أمام حاكم غشيم أو لئيم، هم بالقطع سائرون نحو الهاوية ومصيرهم الإنقراض في المدى المنظور ! لدى الأعراب آبار النفط والغاز، ولكن مناجم إكسير العروبة توجد في سوريا، التي انطلقت منها المقاومات ضدَّ المستعمرين بالأمس واليوم. ومنها ستنطلق غداً لا محالة من ذلك. لا تأسروا العروبة كما أسرتم الإسلام.

(الديار)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى