مقالات مختارة

ليبيا: حركة دولية من دون بركة حميدي العبدالله

 

عشرات اللقاءات التي عُقدت برعاية أممية وبمشاركة أطراف ليبية عديدة للتوصل إلى حلّ سياسي ينهي الفوضى المسلحة التي تسبّب بها الغرب عندما قدّم الدعم لمجموعات مسلحة لإسقاط نظام القذافي من دون التحضير للبديل الذي يشكل حالة أفضل من نظام القذافي.

لكن من الواضح أنه على الرغم من صدور بيانات رنانة حول التوصل إلى اتفاقات بين الجماعات المسلحة المتقاتلة في ليبيا، إلا أنّ الوضع على الأرض لم يتغيّر على الإطلاق، وكأنّ اجتماعات الأمم المتحدة في مكان وما يجري على أرض ليبيا في مكان آخر.

من دلالات نتائج هذه الحركة الدولية أنّ القوى والأشخاص والجماعات التي تشارك في الحوار ليس لديها أيّ وجود فاعل على الأرض الليبية، ولهذا فإنّ اتفاق المجتمعين على الحلّ لا يجد أيّ انعكاسٍ له على الأرض. كما أنّ من نتائج هذه اللقاءات تعاظم وتصاعد نفوذ تنظيمات «القاعدة» في ليبيا وحجب أيّ دعم دولي فعال، سواء للجيش الليبي الجديد الذي يقوده حفتر، أو لحكومة طرابلس التي تضمّ جماعة «الإخوان المسلمين» المدعومة من تركيا وقطر. وكلّ جماعة سياسية أو مسلحة تدعمها قطر وتركيا، يعني أنّ هذه الجماعة تحوز على رضى الحكومات الغربية، ولا سيما الإدارة الأميركية، لأنّ الدوحة وأنقرة هي أذرع للسياسة الأميركية في المنطقة في سياق تنويع الولايات المتحدة أدوات نفوذها وهيمنتها على المنطقة، لهذا السبب لا يقدّم دعم فعّال للجيش الليبي الجديد بقيادة حفتر على الرغم من علاقاتها التاريخية مع الغرب وخصوصاً الولايات المتحدة، وعلى الرغم من علاقاته مع بعض دول المنطقة، مثل السعودية ومصر.

لكن ما ينطبق على مصر ينطبق على ليبيا، أيّ الانقسام والصراع هو بين أطراف النخبة السياسية الموالية للغرب، فالتحالف الذي تقوده جماعة «الإخوان المسلمين» في مصر يحظى بدعم قطر وتركيا وتفهّم الولايات المتحدة والحكومات الغربية، وحكومة طرابلس بقيادة جماعة «الإخوان المسلمين» وتنظيم «القاعدة» في ليبيا، يحظى هو الآخر بدعم تركيا وقطر، وبالتالي بدعم الحكومات الغربية، في مواجهة الحكومة المعترف بها دولياً وفي مواجهة تنظيم «داعش»، ولهذا استقرّ توازن القوى على نحو يجعل إمكانية حسم الصراع سياسياً، عبر المفاوضات التي ترعاها الأمم المتحدة، أو عسكرياً أمراً في غاية الصعوبة، وبالتالي فإنّ ليبيا مرشحة لمزيد من الفوضى المسلحة ولمزيد من الدمار والخراب برعاية أميركية غربية واضحة.

(البناء)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى