مقالات مختارة

رئيس الأركان يهز السفينة: اليكس فيشمان

 

نفذ رئيس الاركان آيزنكوت في خطوة لامعة وسمح في نهاية الاسبوع بنشر وثيقة استراتيجية الجيش الإسرائيلي. وهكذا، في واقع الامر فرض على الحكومة مفهوم الامن كما يراه الجيش، بالتهديدات والرد على التهديدات.

عنوان الوثيقة «استراتيجية الجيش الإسرائيلي» ذكي، إذ أن الجيش ليس مخولا باملاء الاستراتيجية الامنية، فهذا هو دور القيادة السياسية. ولكن هنا وجدت تعبيرها التجربة الغنية لايزنكوت في العلاقات بين القيادة العسكرية والقيادة السياسية، وبطريقته هو طوق رئيس الاركان القيادة السياسية وحملها على قبول الاستراتيجية التي يؤمن بها. من الان فصاعدا لا يمكن لاحد ان يدعي بان الجيش يلفق تهديدات ويبني عليها ردا غير واقعي. من اللحظة التي أقر فيها رئيس الوزراء ووزير الدفاع الوثيقة، يكون الجيش تلقى ضوء أخضر لمواصلة بناء قوته حسب فهمه.

بشكل رمزي وضع آيزنكوت «استراتيجية الجيش الإسرائيلي» على الطاولة العامة بالضبط بعد نصف سنة من ولايته. مشكوك أن يكون خطط مسبقا لنشر الوثيقة على الجمهور في هذه الموعد او على الاطلاق. الدفعة لنشرها اعطاها اغلب الظن تقرير لوكر. فالموقف السلبي لجهاز الامن من تقرير لوكر طرح سؤالا على الجيش: إذن ماذا لديكم لتعرضوه بدلا منه؟ الجواب قدمه آيزنكوت بمفهوم استخدام متبلور امام اوضاع التهديد المختلفة، في ظل التشديد على عقيدة «الصدمة والرعب» في الجبهة الشمالية. فالقدرات التي ستبنى في مواجهة الجبهة الشمالية ستخدم ايضا باقي الجبهات.

ثمة على الاقل نقطتان لاذعتان في الوثيقة. الاولى، يستخدم فيها اصطلاح «النصر» ـ والذي هو اصطلاح أدبي ـ سياسي، لا يمكن تقديره كميا، والثانية، يتجاهل فيها «التهديد الوجودي» الإيراني (باستثناء القول بان هناك انخفاض في التهديدات غير التقليدية على إسرائيل). ربما لان رئيس الوزراء منع كل نقاش في امكانية ان تسلم إسرائيل بالاتفاق النووي.

تقول الوثيقة بين وداخل السطور: يوجد مفهوم أمن، يوجد فكر تنفيذي يستمد منه بناء القوة وعلى أي حال الميزانية ايضا، والان دعونا نعمل. توجد أمامنا نافذة فرص لرفع مستوى الجيش بشكل مرتب، في خطوة تستمر أربع سنوات، وليس مزيدا من الترقيع. يوجد توقع للهدوء في الجبهة الشمالية: الجيش السوري لا يشكل تهديدا في السنوات الـ 5 ـ 10 التالية، يوجد تعاون استراتيجي مع الاردن ومصر، حماس قد تهاجم في كل لحظة ولكنها تبث رغبة في التهدئة، تعالوا نستغل الوقت لبناء الجيش ـ ولا سيما الجيش البري ـ بشكل مرتب. نافذة الفرص هذه تسمح للجيش باخذ مخاطر محسوبة حتى في الانتقال بين وسائل القتال من جيل واحد إلى جيل آخر. يمكن، مثلا، ان نخرج من الخدمة طائرات اف 16 القديمة حتى قبل دخول طائرات اف 35. من ناحية الميزانية ايضا، توجد هنا مثابة نافذة فرص. فالاتفاق بين الغرب وإيران يمكن أن يسمح للجيش الإسرائيلي بمواصلة الاستعداد لضربة عسكرية، ولكن ان يوزع الاستثمارات في المجال على اكثر من عشر سنوات والاستثمار في اماكن اخرى. وعلى كل هذا: الالتزام الأمريكي بتعويض إسرائيل على هذا الاتفاق معناه الكثير من المال. ميزانية الدفاع الحالة تحافظ على الموجود وتسمح برفع المستوا التدريجي والبطيء. علاوة وسائل ومال ستسمح برفع المستوى جوهريا، جذريا، دون بالمساس بالجاهزية لانفجارات غير مرتقبة.

رفع المستوى هو عملية باهظة الثمن. العقيدة العسكرية تتحدث عن «الصدمة والرعب» في لبنان، بما في ذلك تدمير الاف الاهداف في كل يوم؛ معنى الامر ذخيرة ذكية ودقيقة بكميات هائلة. القنابل العادية ستلحق ضررا محيطيا سيمنع كل خطوة عسكرية ناجعة، خلافا للقنابل الذكية، الجراحية، التي ثمنها اعلى باضعاف. كما ان مستوى الميزانية اللازمة من اجل تفعيل كتلة كهذه من النار بشكل دقيق يستدعي الاستثمارات الدائمة والباهظة في التنمية ورفع المستوى.

وفضلا عن ذلك، بعد أربع سنوات سينفذ الجيش بعضا من مهامه في المناطق المضروبة بالنار بوسائل «روبوتية»: بدء من الطائرات بدون طيار، عبر الاليات غير المأهولة التي تتحرك على طول الحدود وانتهاء بالسفن التي تحرك من بعيد. هذا سيوفر الارواح، ولكن يدور الحديث هنا عن مال طائل. وكلما ارتفعت اثمان المنظومات، ارتفعت اثمان التدريبات، التأهيلات، ساعات التحرك وما شابه. جيش حديث هو جهاز باهظ جدا.

في السطر الاخير تبث الوثيقة للجمهور ومنتخبيه: توجد خطة من أربع سنوات، كل شيء علني ومعروف، انتم يمكنكم ان تفحصوا في كل يوم أين نحن نقف. لا تهزوا السفينة كل اثنين وخميس. دعونا نخرج من الميناء.

يديعوت

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى