مقالات مختارة

إسرائيل: مفاوضات حقل «لفيتان» تتعثر ولا تتوقف حلمي موسى

 

أعلن وزير الطاقة الإسرائيلي، يوفال شتاينتس أن المفاوضات الجارية مع شركة «نوبل إنرجي» بشأن مستقبل تطوير حقل «لفيتان» للغاز الطبيعي، قبالة المتوسط، وصلت صباح أمس إلى طريق مسدود. وقد عاد وفد «نوبل إنرجي» إلى الولايات المتحدة بعدما عجز عن التوصل إلى اتفاق مع الحكومة الإسرائيلية حول «استقرار» التسوية في السنوات المقبلة. ومع ذلك فإن شتاينتس أشار إلى حصول تقدم في بعض بنود صفقة تطوير الحقل ومسألة الأسعار. ومعروف أن حكومة نتنياهو عجزت عن إقرار صفقة مع شركات التنقيب عن الغاز وهو ما يعرقل بشكل أساسي أعمال تطوير الحقل.

وبالرغم من فشل المفاوضات فإن الحوار بين الطرفين سيستأنف في الأيام القريبة. ويعود سبب الفشل في التوصل إلى اتفاق إلى الخلاف حول بند الاستقرار، والذي بموجبه تتعهد الحكومة الإسرائيلية لشركات الغاز بعدم إحداث أي تغييرات لاحقة في الإجراءات لمدة عشر سنوات تبدأ في يوم بدء العمل بتطوير حقل «لفيتان». وقد عرضت الحكومة الإسرائيلية أمام «نوبل إنرجي»، وهي أكبر الشركات صاحبة الامتياز في التنقيب عن الغاز والنفط في الحقول البحرية الإسرائيلية، شروطا لتقديم هكذا تعهدات. ورفضت الشركة الشروط الإسرائيلية وترك ممثلوها إسرائيل من دون التوقيع على الاتفاق.

وكان شتاينتس قد أعلن قبل شهر ونصف شهر، حينما جرت محاولة إقرار صفقة الغاز، عن أن شركتي «نوبل إنرجي» الأميركية و«ديلك» الإسرائيلية، يمكنهما الاحتفاظ بسيطرتهما على حقل «لفيتان» وهو الأكبر في الحقول البحرية، لكنهما سيضطران لبيع معظم حصتهما في حقلي «تمار» و «كريش ـ تنين» في السنوات المقبلة. وقال حينها إن الدولة حددت سقفا للأسعار وأن هيكل الصفقة لن يتغير طوال عشر سنوات. واعتبر شتاينتس أن الصفقة جيدة لإسرائيل ومواطنيها لكنها «صعبة على شركات الطاقة». وقال إن الدولة تلزم شركة «ديلك» ببيع كل حصتها في حقل «تمار» خلال ست سنوات في حين تتخلى «نوبل إنرجي» عن جزء من حصتها وتفقد حق الفيتو.

وأثارت صفقة الغاز في حينها أزمة وزارية وحكومية وسياسية في إسرائيل. وعدا التظاهرات شن قادة الأحزاب حملات اتهم بعضهم فيها رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ببيع «مقدرات الدولة» للرأسماليين. وحاولت محافظة مصرف إسرائيل كرنيت بلوج الإمساك بالعصا من الوسط، فأعلنت أن الصفقة جيدة لكن هناك حاجة لجهاز حماية للمستهلكين من تسعير احتكاري. وطالبت بتحديد معالم التقدم في تطوير «لفيتان» وربطه بشبكة الغاز الإسرائيلية. وأوضحت أن تأخير تطوير حقل «لفيتان» يمس بأسس التنافس التجاري في قطاع الغاز، وهو ما يتطلب إجراءات بديلة.

ومعروف أن أساس الخلاف في قطاع الغاز في إسرائيل هو أن الاستثمار في هذا القطاع كبير والمجهول فيه كان أكبر من المعلوم، ولذلك طالبت الشركات صاحبة الامتياز بحصص أكبر. غير أن الحكومة الإسرائيلية أقرت ذهاب 60 في المئة من الغاز المكتشف للسوق الإسرائيلية وطالبت شركات الامتياز بالتخلي عن احتكارها للقطاع لترسيخ المنافسة. كما أن الحكومة الإسرائيلية تدخلت في سعر بيع الغاز وحددت سقفه في السوق الإسرائيلي بـ5.5 دولارات لوحدة الطاقة، في حين أن سعره للتصدير أقل من سعر السوق المحلي. وهنا بدأت المشكلة والتي بسببها قررت شركة «نوبل إنرجي» أن أفضل وسيلة للضغط على الحكومة الإسرائيلية هي تأجيل تطوير حقل «لفيتان».

وكان وزير المالية موشي كحلون قد أعلن رفضه لصفقة الغاز التي عرضها نتنياهو، وقال إنها تتطلب إدخال تعديلات ولا يمكن للحكومة أن تقرها بصيغتها الحالية. وشدد كحلون على وجوب تفكيك الاحتكارات وأن يتمتع الجمهور الإسرائيلي بثمار اكتشاف الغاز. وأكد أنه يجب فرض الرقابة على أسعار الغاز خصوصا إذا انتفت المنافسة. وكانت الأزمة الحكومية تجاه صفقة الغاز قد بدأت عندما رفض كحلون تأييد صفقة الغاز، ورفض وزير الاقتصاد أرييه درعي استخدام صلاحياته في تجاوز المسؤول عن منع الاحتكارات الذي رفض تمرير الصفقة. وبعدها انتقلت كل القضية إلى الكنيست، من أجل تعديل القانون الذي يحصر الصلاحية في وزير الاقتصاد وتحويلها إلى الحكومة بأسرها.

وقال وزير شؤون البيئة آفي غباي من «حزب كلنا» أن وقف المفاوضات مع «نوبل إنرجي» لم يدفعه لقبول صفقة الغاز بصيغتها المعروضة. وقال «سوف أوصي كتلتي بعدم تأييد الصفقة إذا لم يطرأ عليها التغيير الذي نطالب به».

وفي كل حال من الواضح أن هناك في إسرائيل من يرى في أزمة المفاوضات بين الحكومة و «نوبل إنرجي» مجرد ألعوبة تفاوضية والهدف منها تمرير الصفقة عبر بند «الاستقرار». وبند الاستقرار يقضي كما سلف بالتعهد بعدم إجراء تعديلات على الاتفاق خلال عشرة إلى 15 عاما وهو ما يقيد ليس فقط السلطة التنفيذية وإنما السلطة التشريعية كذلك في هذا الموضوع. والأمر يتطلب هنا مصادقة المستشار القضائي للحكومة والمحكمة العليا وهي محاولة لإظهار أن القانون في إسرائيل يشكل عقبة أمام قبول هذا البند.

واعتبر معلقون الأمر برمته ألعوبة، لأن الحكومة بدل أن تمارس دورها في السياسة ذهبت نحو الصياغات القانونية ما يعفيها من مسؤولية اتخاذ القرارات المطلوبة. وهكذا فإنهم يرون أن أهم من تفجير المفاوضات هو إظهار أسباب ذلك، حيث تكرر تفجير المفاوضات بعدما عجزت الحكومة عن إقرار الصفقة.

عموما يرى خبراء أن استمرار السجال بين الإسرائيليين حول صفقة الغاز، واستمرار المفاوضات بين الحكومة وشركات الامتياز، لا يضمن سوى شيء واحد: تأخير استثمار وتطوير حقل «لفيتان».

(السفير)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى