مقالات مختارة

حول البند الأول من المبادرة الإيرانية حميدي العبدالله

 

المبادرة الإيرانية، حسب ما تسرّب منها إلى وسائل الإعلام، لا تختلف باستثناء الفقرة المتعلقة بمحتوى التعديل الدستوري وفي المصطلحات، عما جاء في خطاب الرئيس بشار الأسد في دار الأوبرا حول مراحل الحلّ في سورية.

لكن الفقرة الأولى من المبادرة الإيرانية لا يبدو أنها تنطوي على شيء من الواقعية، إنْ لم تكن مجرد حملة علاقات عامة أو مخرجاً لتسهيل تراجع بعض الحكومات المتورّطة في الحرب على سورية عبر واجهاتها السورية.

تنصّ الفقرة الأولى من المبادرة الإيرانية على وقف فوري للقتال في سورية. لكن السؤال الذي يوجه إلى من صاغوا مضمون هذه الفقرة ما المقصود بذلك؟ هل المقصود الدولة السورية؟ نعم الدولة السورية بمقدورها أن تلتزم بقرار وقف القتال، ولكن هل مسموح بوقف القتال مثلاً ضدّ «داعش» و«جبهة النصرة» وتنظيمات «القاعدة» الأخرى، من أمثال «أجناد الشام» و«فيلق الشام» و«أحرار الشام» و«الجيش الإسلامي التركستاني» و«الكتيبة الشيشانية»، وهل وقف القتال ضدّ هؤلاء يصبّ في مصلحة سورية وفي سياسة مكافحة الإرهاب؟

أما إذا كان المقصود بوقف النار مع الجماعات المسلحة المرتبطة بالحكومات الغربية وحكومات المنطقة، فهل هذه الجماعات المسلحة لها وجود على الأرض، وهل تسيطر بمفردها على أيّ منطقة في سورية؟ جلّ ما يمكن أن يحصل هو انسحاب أفراد من بعض التنظيمات من القتال، هذا إذا سمحت لهم الجماعات الإرهابية بذلك، وإذا لم تعاجل بالقضاء عليهم بتهمة الخيانة والعمالة للنظام.

لا شك أنّ لا واقعية المبادرة الإيرانية في هذه الفقرة واضحة بشكل لا لبس ولا غموض فيه، وكان الأجدر أن يتمّ استبدالها بفقرة أخرى تنصّ على ضرورة إنشاء تحالف وتعاون يضمّ الجيش العربي السوري والمجموعات المسلحة لمقاتلة الجماعات الإرهابية، ودعم هذا التحالف من قبل الدول والحكومات التي انخرطت في الحرب على سورية عبر وقف دعمها للجماعات الإرهابية، وتقديم هذا الدعم للدولة السورية والمسلحين الذين يوافقون على القتال إلى جانب الجيش السوري ضدّ التنظيمات الإرهابية، لكن ورود الفقرة الأولى في المبادرة الإيرانية على النحو الذي تسرّب إلى وسائل الإعلام يؤكد أنّ هذه المبادرة لا تتحلى بالواقعية ولا تقارب المسألة السورية بشكل صحيح، ومن شأن ذلك أن يؤثر على إمكانية نجاح هذه المبادرة، أو على الأقلّ يخلّ بآلية وضعها موضع التنفيذ.

على أية حال ما سرّب ليس هو النص الرسمي للمبادرة، وقد يكون التسريب غير دقيق، وبالتالي لا تزال هناك فرصة لتدارك أيّ خلل على هذا الصعيد.

(البناء)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى