مقالات مختارة

اليمن من حرب الاستنزاف المتبادل إلى حرب السيطرة المتبادلة حميدي العبدالله

 

طيلة أكثر من ثلاثة أشهر من الحرب في اليمن كانت مسارحها تركز على الاستنزاف المتبادل. القصف السعودي يهدف إلى استنزاف قدرات الجيش اليمني واللجان الشعبية ومنعها من ترسيخ سيطرتها في جنوب اليمن، وفي مناطق مأرب، وهي المناطق التي كان فيها تواجد لقوى مؤيدة للسعودية ومناهضة للجيش اليمني واللجان الشعبية، على أمل أن تقود حرب الاستنزاف هذه إلى إقناع القوى المسيطرة في اليمن الآن على قبول عودة الرئيس اليمني المنتهية ولايته، وانسحاب قوات الجيش وقوات اللجان الشعبية من المدن ولا سيما مدن الجنوب. وردّ الجيش اليمني واللجان الشعبية على القصف السعودي بقصف مواقع للجيش السعودي داخل الأراضي السعودية، ولا سيما في مناطق جيزان ونجران وعسير، على أمل أن يؤدّي هذا القصف إلى توليد ضغوط على السعودية تدفعها لقبول وقف إطلاق النار والتخلي عن الشروط التي أعلنتها عند بدء حربها على اليمن.

اليوم بعد مرور حوالي أربعة أشهر على اندلاع الحرب اليمنية، تتحوّل الحرب من حرب استنزاف متبادل إلى حرب احتلال متبادل. فمقابل سيطرة القوات الموالية للرئيسي السابق عبد ربه منصور هادي على غالبية أحياء مدينة عدن، بدأت قوات الجيش اليمني واللجان الشعبية باحتلال مواقع داخل الأراضي السعودية وهدّدت بعدم الانسحاب من هذه المواقع كما كان يحصل في السابق.

تزامنت هذه التطورات مع تصاعد التلميح من قبل القوى السياسية اليمنية باللجوء إلى ما أسماه زعيم حركة أنصار الله عبد الملك الحوثي «الخيارات الاستراتيجية» حيث كان الشعار الرئيسي للمسيرات الشعبية الأخيرة التعبئة من أجل وضع هذه الخيارات موضع التطبيق. ويضع بعض المحللين السياسة الميدانية الجديدة التي ينفذها الجيش واللجان الشعبية عبر السيطرة على مواقع داخل المملكة العربية السعودية وعدم الانسحاب منها في إطار هجوم قوي يتسع لاحقاً ليشمل المقاطعات الثلاث المتنازع عليها أصلاً بين السعودية واليمن.

وإذا ما تأكد أنّ هذا هو المقصود بالخيارات الاستراتيجية، فهذا يعني أنّ الحرب في اليمن تدخل منعطفاً جديداً أكثر خطورة، إذا لم يتمّ الإسراع إلى وضع حدّ لهذه الحرب قبل خروجها عن السيطرة، لأنّ تدخل قوات يمنية في عمق الأراضي السعودية والاستيلاء على هذه الأراضي وعدم الانسحاب منها من شأنه أن يجعل فرص الحلّ السياسي أكثر صعوبة بالنسبة للطرفين، فهل بات هذا هو مسار الحرب اليمنية؟ أم أنّ لعبة التحذير لا تزال سائدة، وثمة فرصة لقطع الطريق على المسارات الأكثر خطورة؟

(البناء)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى