مقالات مختارة

كفى للاعتقال الإداري: عمير فوكس

 

على الحكومة أن تحارب وبكل قوتها الإرهاب اليهودي. اعمال مزعزعة من النوع الذي حدث في قرية دوما تستوجب ردا شديدا لا هوادة فيه. ومع ذلك يجب القول إن قرار الحكومة الخاص الذي يتعلق بتطبيق القانون ضد الإرهاب اليهودي، مثيرا للحفيظة. هذا معناه الاعتراف بأن اسرائيل استخدمت هذه الوسائل حتى الآن ـ كسياسة ـ بشكل انتقائي وتمييزي فقط ضد المشبوهين العرب.

الاعتقال الاداري يأخذ مكانا مركزيا في القرار والحوار. الكابنت السياسي الامني تبنى توصية الجهات المهنية لاستخدام هذه الوسائل ـ بموافقة المستشار القانوني للحكومة. وآمل أن لا يتم استخدام هذه الوسائل عندما يتم القاء القبض على قتلة الرضيع علي دوابشة. الاعتقال الاداري ليس جوابا كافيا على الجريمة الفظيعة والقتل النابع من الكراهية. في حال اعتقال مشبوهين ـ لا توجد أي مشكلة في توقيفهم للتحقيق، وفي حال قدمت ضدهم لوائح اتهام فلن يكون من الصعب اعتقالهم حتى انتهاء الاجراءات. والاعتقال الاداري في المقابل هو أداة مانعة واستخدامه يستند إلى القول بأن المعتقل يريد تنفيذ اعمال خطرة، لهذا يجب وضعه قيد الاعتقال.

من الواضح أنه طالما بقيت هذه الوسيلة ضمن حدود القانون الاسرائيلي ـ يجب استخدامها دون تمييز. إلا أن حقيقة وجودها تخالف المباديء الاساسية لسلطة القانون وهي مرفوضة تماما – سلب حرية شخص، في حين أنه لا يعرف بماذا هو مشتبه (من هنا لا يستطيع الدفاع عن نفسه) على اساس أدلة سرية وبوجود طرف واحد. فترة الاعتقال غير معروفة مسبقا، وقد تطول ظاهريا بدون حدود، رغم أن هذا لا يحدث فعليا.

رغم أن الاعتقالات الادارية في اسرائيل تتم تحت رقابة المحاكم، إلا أن المعطيات تظهر صعوبة مراقبة المحاكم لها بشكل فعال. ومحامي المعتقل لا يستطيع الادعاء ضد الأدلة التي تقدمها الدولة للمحكمة لأنها سرية. ولا تستطيع المحكمة أن تدافع عن المعتقل مثل محاميه الذي يلتقي معه على انفراد، لذلك فهو لا يحظى بالدفاع المناسب. اضافة إلى ذلك فان القضاة غير أحرار في قرارهم، لأنه إذا قرروا عكس موقف الجهات الامنية، فان هناك احتمال، حتى لو كان بسيطا، بأن يتحرر المعتقل الذي قد يشكل خطرا أمنيا.

من اجل ترسيخ سلطة القانون يجب دراسة تقليصه، بل الغاءه كليا، أي الاعتقال الاداري. ويمكن فعل ذلك مثلما في اماكن اخرى في العالم بواسطة بدائل أقل ضررا مثل تقييد الحركة والرقابة في حالات استثنائية (عن طريق الاغلال الالكترونية)، وعند اتخاذ هذه الوسائل فمن المفروض أن يعرف المعتقل ما الذي يُنسب اليه وما هي الادلة ضده حتى يستطيع الدفاع عن نفسه.

يسمح القانون بتنفيذ الاعتقال الاداري في اسرائيل في «حالة الطواريء»، إلا أن حالة الطواريء هي الحالة الروتينية في الدولة منذ اقامتها. وسلب حرية الشخص قد يكون مبررا فقط في حالة طواريء حقيقية حيث لا يمكن تطبيق القانون الجنائي. ومحظور أن يشكل الاعتقال الاداري بديلا عن المحكمة الجنائية، وطريقة لتجاوز استحقاقات العملية التي تميز المحاكمة العادلة. محظور أن يحل الاعتقال الاداري مكان التحقيق والجهد الاستخباري في مجال تطبيق القانون الجنائي، كاختصار للطريق.

يجب علينا تذكر قول مناحيم بيغن الذي احتج فيه ضد الأوامر الانتدابية التي سمحت بالاعتقال الاداري زمن اليشوف اليهودي، وقد بدأوا في استخدام هذه الاوامر بعد قيام الدولة: «القانون السيء يكون قانونا جيدا إذا استخدمه اليهود؟ وأنا أقول إن هذا القانون سيء من أساسه ولن يصبح جيدا في أيدي اليهود… نحن نعارض مبدأ الاعتقال الاداري. لا مكان لاعتقال كهذا».

هآرتس

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى