مقالات مختارة

في الطريق إلى الشرعية؟: تسفي برئيل

 

إنها ليست المجلة التي انتظرها العالم وهو يحبس أنفاسه. فهي مصممة مثل مجلات المحامين أو المهندسين، الكثير من الكلام والقليل من الصور الملونة، وهي تشمل الافتتاحية بقلم أبو محمد الجولاني، زعيم جبهة النصرة الذي هو فرع القاعدة في سوريا. وهناك مقابلة مع أبو سلطان الجزراوي، القائد الذي انتصر في نيسان الماضي في معركة جسر الشغور على الجيش السوري.

ومقالة تحت عنوان «إنها القاعدة، هل نسيتم ذلك؟» تتحدث عن انجازات المنظمة ـ بقي أن تخصص زاوية لانتقاد الكتب كي تكون مثل أي مجلة ايديولوجية.

لكن الجديد في مجلة «الرسالة» التي صدر عددها الاول في الشهر الماضي من 43 صفحة، هو أنها مكتوبة باللغة الانجليزية. ما الصلة بين جبهة النصرة التي تعتمد على المتطوعين السوريين وبين مجلة تصدر باللغة الانجليزية؟

يبدو أن المنافسة بين هذه المليشيات وبين داعش لا تقتصر فقط على ميدان القتال. فجبهة النصرة التي تعاني من نقص القوى البشرية تطمح إلى تجنيد المتطوعين من الخارج، أو على الاقل محاولة اقناع متطوعين من داعش بالانضمام إلى صفوفها.

لقد نجح داعش في تجنيد المتطوعين من خلال الاستخدام الذكي للشبكات الاجتماعية، وهو يعمل على تغذية مقاتليه بالمفاهيم والارشادات باللغة التي يفهمونها. وهو حتى الآن التنظيم الوحيد من بين المليشيات السورية الذي نشر مجلة باللغة الانجليزية، «دابق»، المخصصة للجمهور الإسلامي الغربي، وهي تفسر الفوارق بين داعش والقاعدة التي منيت بالهزائم المتتالية من قبل داعش في السنة الاخيرة لدرجة أنها لم تعد قادرة على اثبات وجودها في المحيط العربي. فقط جبهة النصرة في سوريا وذراعها في اليمن هي التي ما زالت ترفع راية القتال.

في الصفحة الخامسة من مجلة جبهة النصرة يظهر اقتباس بارز لاقوال زعيم الجبهة: «الجماعات التي تعمل في اطار جيش الفتح هي جماعات مسلمة بالكامل، حتى وإن كانت تختلف عنا قليلا. منها من قام بارتكاب الأخطاء، ونحن نتغاضى عن ذلك بسبب الملابسات الصعبة للحرب»، كتب الجولاني. جيش الفتح هو مليشيا تعمل في مدينة إدلب وقد كان حتى الآونة الاخيرة عدوا لجبهة النصرة التي رفضت الانضمام إلى اتحاد المليشيات هذا.

اقوال الجولاني قد تكون مؤشرا على تغيير استراتيجي قد يؤثر على جبهة المتمردين السوريين. لكن لماذا قرر الجولاني أن تصدر المجلة باللغة الانجليزية، وبالذات هذه الرسالة المهمة؟ يبدو أنه أراد أن يوجه كلامه في هذه المرة ليس لداعش فقط، بل ايضا للولايات المتحدة وتركيا والغرب جميعه.

تحاول السعودية وقطر منذ بضعة اشهر اقناع جبهة النصرة بالانفصال عن القاعدة والانضمام إلى احدى المليشيات السورية: جيش الفتح أو جيش الإسلام الذي يرأسه زهران علوش، حليف السعودية. وقد نجحت كل من قطر والسعودية وتركيا في اقناع واشنطن بشطب جبهة النصرة من قائمة المنظمات الإرهابية إذا أعلنت الجبهة عن انفصالها عن القاعدة.

التفاهمات التي تمت بين تركيا والولايات المتحدة في الاسبوع الماضي حول التعاون في الحرب ضد داعش، شملت كما يبدو موافقة متبادلة على التعاون مع المليشيات الإسلامية، في اطارها توافق تركيا على اعتبار الولايات المتحدة الاكراد السوريين حلفاء ـ وفي المقابل توافق الولايات المتحدة غض الطرف عن التعاون العربي التركي مع المليشيات الإسلامية الراديكالية. كل هذا بهدف اقامة قوة عسكرية موحدة من المتمردين، تقوم بتشغيل جبهة برية تعتمد على القوات الجوية للائتلاف. لذلك بقي اقناع العريس، الجولاني، بأن ينفصل عن القاعدة وينضم إلى القوات الشرعية.

هل الكلام بالانجليزية في المجلة الاولى التي يهاجم فيها الجولاني داعش بشدة ـ هو بداية العودة إلى السؤال؟ لا يجب التشدد ضد المؤمنين ونتعامل بلين مع الكفار. لا يجب الطلب من المقاتلين أن يكونوا ملائكة. علينا أن نغفر اخطاءهم، يقول الجولاني مشيرا إلى الفرق بين جبهة النصرة وداعش الذي قتل رجاله آلاف المؤمنين. هذه كلمات مصالحة تستجيب لدعوة قائد جيش الإسلام، زهران علوش، توحيد القوات.

دينامية كهذه ليست جديدة، والتعاون بين جبهة النصرة وجيش سوريا الحر وعدة مليشيات يتم فعليا في سوريا وينعكس في المجال المدني: مثلا في درعا تعمل المحاكم المشتركة حيث يوجد قضاة يتبعون لمليشيات مختلفة. في جبال القلمون حارب نشطاء النصرة مع جيش سوريا الحر ضد حزب الله، وفي عدد من المدن في شمال سوريا يتقاسمون السلطة والدخل. بقي الآن فقط رؤية ما إذا كانت الادارة الأمريكية التي تقصف القاعدة في اليمن ستقبل الفرع السوري للتنظيم كجزء من القوات التي ستؤيدها وتدعمها

هآرتس

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى