مقالات مختارة

ماذا لو فشلت مفاوضات فينا؟ حميدي العبدالله

 

تواجه مفاوضات فيينا بين إيران ومجموعة 5+1 عثرات تتطلب المزيد من الوقت لتذليلها، ولكن ليست المسألة في العثرات والحاجة إلى مزيد من الوقت، بل إنّ ثمة أطرافاً تشارك في المفاوضات وترفض مبدأ الحلّ، وتصرّ على اغتنام أيّ فرصة لنسف الاتفاق من الأساس لحسابات باتت معروفة، أبرزها الضغوط التي تمارسها تل أبيب على الإدارة الأميركية وتناغم هذه الضغوط مع مواقف حكومات غربية فرنسا وحكومات في المنطقة السعودية التي ترى أنّ الاتفاق يعرّض مصالحها السياسية والاقتصادية للخطر.

في هذا السياق فإنّ العثرات التي تواجه التوصل إلى اتفاق هي سياسية ولا يجوز إسقاطها من الحسابات.

لكن ماذا لو فشلت مفاوضات فيينا، أو أيّ مفاوضات أخرى لاحقة في غضون الأسابيع والأشهر القليلة قد تعقد في عاصمة دولة أخرى؟

فشل المفاوضات يعني الآتي:

عودة إيران إلى تخصيب اليورانيوم إلى مستوى 20 في المئة وربما أكثر من ذلك، وزيادة عدد أجهزة التخصيب التي تملكها، وهذا يعني حدوث عكس ما كان يمكن أن يتوصل إليه أيّ اتفاق بين إيران ومجموعة 5+1 .

قد لا يكون الخيار العسكري المباشر، من قبل الولايات المتحدة وحلفائها، أو من قبل تل أبيب، هو الردّ نظراً لكلفة هذا الخيار، ولكن من المؤكد أنّ بؤر الصراع في المنطقة، وتحديداً في اليمن والسعودية والعراق وسورية، وربما لبنان، سوف تتصاعد وتصل إلى مستويات غير مسبوقة، وقد تتحوّل إلى حرب شاملة، انطلاقاً من تداعيات إحدى الساحات، ولا سيما الساحة اليمنية – السعودية والساحة السورية، وربما لبنان.

بديهي القول إنّ ذلك سيكون خياراً مؤلماً ونتائجه كارثية، أو على الأقلّ مؤلمة، على جميع الأطراف وليس طرفاً واحداً، ويصعب التنبّؤ بالنتائج أو التداعيات التي ستنجم عن ذلك، وتوازن القوى الذي سيرسو في نهاية هذه المواجهة.

العقوبات الاقتصادية الدولية ضدّ إيران لن تستأنف في إطار مجلس الأمن على النحو الذي كان عليه الحال قبل انفجار الصراع بين روسيا والغرب على خلفية الأزمة الأوكرانية، وبالتالي لن يكون لهذا الخيار الذي اعتمدته الولايات المتحدة وحلفاؤها تأثيراً موازياً لما حدث في السنوات القليلة الماضية، وتحديداً تشديد العقوبات ضدّ إيران عبر قرارات في مجلس الأمن.

كلّ ذلك يعني أنّ بديل الاتفاق حروب وفوضى واستنزاف لن تكون إيران هذه المرة ساحة ذلك وحدها، بل إنه سيدور في عمق ساحات هي جزء من التحالفين المتقابلين، التحالف الغربي بزعامة الولايات المتحدة، والتحالف المقابل بزعامة إيران، وربما روسيا أيضاً، وسيكون ذلك أقرب إلى نوع من أنواع الحروب العالمية الجديدة، ولكن تحت سقف أدنى من الحربين العالميتين الأولى والثانية من الناحية العسكرية فقط.

(البناء)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى