الشراكة الإيجابية أو الفوضى العلامة الشيخ عفيف النابلسي
الأزمة الحكومية الحالية هي أحد المؤشرات الكبرى على الفشل المتواصل لتنظيم شؤون الدولة. لا الطائف تمّ احترامه وتطبيقه، ولا تنامي الصراعات من حولنا فرض إجراءات سريعة لحماية الكيان من التفتت والانتحار، والكل يعرف أنّ هذه الحكومة قامت على أساس احترام كلّ مكوّن سياسي وطائفي لبقية المكونات تعزيزاً لوحدة الموقف والشراكة الفعلية في إدارة البلد، خصوصاً مع تعثر انتخاب رئيس جديد للجمهورية.
وها نحن نشهد الأثر الأخطر والأكثر عمقاً بسبب ضعف البنية الدستورية التي تجمع فرقاء الوطن كلهم، وغياب الآلية القانونية التي تحكم عمل مجلس الوزراء. فتحولت الخلافات حول قضية التعيينات إلى أزمة حكم تامة بكل ما تحمله من تحديات.
ليس طبيعياً أن يتمّ تهميش المسيحيين بهذه الطريقة وكأنه يُراد إخراجهم من أي دور. فهناك مناخ عام عند المسيحيين بأن بعض شركائهم في الوطن لا يريد لهم إلا أن يكونوا أحجار دوميونز مراهناً على أن المتغيرات في المنطقة لا تسمح للمسيحين بأفضل مما هو عليه الوضع الحالي. وهذا أمر خطير لأن البلد قام على الشراكة الإيجابية التفاعلية التي تجعل غياب ركن من أركانه انهداماً للمبنى بأكمله، فالكل فيه أساسيون وعمداء ومن غير الجائز أن يتفلت أحد من هذه الصيغة إلا نحو الأفضل حيث تندمج كل المكونات في إطار إنساني وطني محض. وما يجب أن نكون حريصين عليه في هذه اللحظة الراهنة هو أن تصل كل المكونات إلى مستوى التوازن الوطني والتكامل الوطني ليكون الإنسان مشمولاً بالأمن والاستقرار واللحمة الوطنية ولو كانت هذه الغايات غير كاملة ولكن أفضل من الانقسام المجتمعي والسياسي الذي يولد الفوضى وينشئ الإدارات الخاصة والزعامات الخاصة والشوارع الخاصة.
هذه الطريقة في التعاطي مع المكون المسيحي مرفوضة من قبلنا، كما لا نقبل لأي مكوّن أن يكون مهمشاً وضعيفاً. لأن الضعف والتهميش سيلحقان بالوطن بأسره وسينعكسان ظلماً وصداماً واحتقاناً داخل المجتمع اللبناني.
عدم التوازن الحالي مرتبط حتماً بالاختلال العام في المنطقة والمطلوب من اللبنانيين تدشين عهد جديد من العمل التشاركي التكاملي وإعادة تعريف الدولة وأدوار الفاعلين فيها وإلا سنسير حثيثاً نحو الفوضى.
(البناء)