عين الحلوة يحوي مربعات و«ولايات» وقنصليات امنية جــاد صعب
يصف قيادي فلسطيني رفيع ، الوضع الامني في مخيم عين الحلوة، بـ «القنبلة الموقوتة» التي لم يُعرف توقيتها بعد، لكن الاخطر..انه اصبح في المخيم «ولايات» للقوى الارهابية ومقاطعات عسكرية ومربعات، وقنصليات امنية لبعض السفارات، وبالتزامن مع ما قاله وزير العدل اشرف ريفي لعوائل العسكريين المخطوفين من «أن قطر لم تُقصّر»، يصح القول في وضع مخيم عين الحلوة :ان قطر لم تُقصّر».
الاجواء المحمومة التي يشهدها اكبر المخيمات الفلسطينية في لبنان ، مخيم عين الحلوة، باتت ، في رأي العديد من الاوساط السياسية والامنية ، اللبنانية والفلسطينية، تُنذر بوقوع المحظور.. بعد سقوط كل المحاذير وتجاوز الخطوط الحمر التي كانت مرسومة منذ اندلاع معارك مخيم نهر البارد بين الجيش اللبناني والمجموعات الارهابية التي تسللت الى المخيم وفرضت سيطرتها عليه خلال ساعات قليلة ، من دون اخذ اذن من احد.
فما جرى في نهر البارد قبل سنوات، تقول اوساط فلسطينية متابعة، يجري اليوم وبهدوء، في مخيم عين الحلوة، بعد ان ركزت مجموعات من خارج النسيج الاجتماعي للمخيم سيطرتها على عدد من احياء المخيم، وها هي تفرض وجودها بالقوة عن طريق قضم زواريب واحياء صغيرة، من شأنها اذا ما اندلع «اشكال فردي» واحد، ان يقطع اوصال المخيم باشتباكات مسلحة قد تكون مرتقبة من بعض الجهات، لكن السؤال الاكثر الحاحا يبقى.. هل تلجأ هذه المجموعات الى اعتماد السيناريو نفسه الذي جرى في نهر البارد؟، ام ان ظروف تلك المرحلة تختلف كليا عن ظروف المرحلة الراهنة؟
التوتر الامني الذي تسعى اليه المجموعات المسلحة الموالية للتنظيمات الارهابية داخل مخيم عين الحلوة، عكسته حالة الارباك والتعثر الذي تعانيه القوى والفصائل الفلسطينية، التي باتت على قناعة بان ما عجزت عن معالجته قبل اشهر، اي قبل ان يتنامى الوجود الاسلامي المتطرف لمجموعات تطلق على نفسها اسم «الشباب المسلم» ، وهي تسمية تجمع اليوم العشرات من المقاتلين الذين كانوا في صفوف «جند الشام» و«فتح الاسلام» وهي تنظيمات ارتبط اسمها بعمليات ارهابية خطرة ، بات هناك استحالة لمعالجته اليوم ، واصبح الثمن الذي يمكن ان يُدفع جراء هذه المعالجة كبيرا. وتتحدث الاوساط ، عن خطورة تنامي القوة العسكرية للمجموعات الاسلامية المتطرفة التي كانت تعمل باسم «جند الشام» و«الشباب المسلم»، بعد المعلومات التي اكدت ان هذه المجموعات التقت على صيغة تجمع كل عناصرها في تشكيل عسكري وامني واحد، يقودها القيادي في تنظيم القاعدة اسامة الشهابي المطلوب للقضاء اللبناني بتهمة القيام بعمليات ارهابية، وسط مخاوف من خطوات امنية قد تتخذها هذه المجموعات لضرب استقرار المخيم، بهدف توسيع نفوذها على حساب قوى اساسية باتت تتعايش مع تدهور الوضع داخل المخيم.
وتكشف الاوساط، بالاستناد الى تقارير مؤكدة ومثبتة لدى العديد من الاجهزة الامنية، عن هذه المجموعات على علاقة وثيقة بالتنظيمات الارهابية، وبخاصة مع «جبهة النصرة» التي تتمركز في جرود عرسال وداخل البلدة ، وهي تتلقى دعما ماليا من جهات خليجية ، هي الجهات نفسها التي تدعم «النصرة»، وان حرية الحركة التي تحظى بها داخل عدد من احياء المخيم ، فُرض بالقوة ، بعد سياسة المهادنة التي مارستها حركة «فتح» والقوى الاسلامية وفي مقدمها «عصبة الانصار» والحركة الاسلامية المجاهدة، وهما تنظيمان اسلاميان يتعاونان مع حركة «فتح» والفصائل الفلسطينية الاخرى، اضافة الى تعاون مع الجيش اللبناني لمعالجة الملفات الامنية التي تظهر من حين لآخر.
وتقول الاوساط، ان ما يجري في مخيم عين الحلوة، يدفع باتجاه تجاوز الكثير من التعقيدات التنظيمية داخل حركة «فتح» لتجميع القوى العسكرية الفتحاوية وتجاوز كل الخلافات التنظيمية، فالوضع لم يعد يحتمل مناورات ضيقة ، وترى ان حركة «فتح» التي ما تزال ، وعلى الرغم من الانتكاسات التي اصيبت بها خلال السنوات الماضية، القوة الاساسية في المخيم ، قادرة على حماية المخيم، اذا تطورت الامور نحو الاسوأ، ولكن الامر يحتاج الى التفاف من كافة الفصائل بما فيها الحركات الاسلامية التي تقدم خطابا معتدلا، كعصبة الانصار الاسلامية، التي ستجد في المقبل من الايام، ان لا مصلحة لها بتغلغل التنظيمات الارهابية داخل المخيم، لان ذلك سيكون على حسابها وعلى حساب القوى والفصائل الاخرى.
ما قد يُسهّل على القوى والفصائل الفلسطينية ، اذا ما اتجهت الامور نحو التصعيد والتفجير، في رأي الاوساط نفسها ، التنسيق والتعاون القائم بينها وبين الجيش اللبناني وباقي الاجهزة الامنية اللبنانية التي وفرت الغطاء اللازم لاطلاق قوة امنية فلسطينية شكلتها الفصائل لضبط الوضع الامني داخل المخيم، وهي جاهزة لتقديم المزيد من الخطوات، وفق ما اشارت الاوساط فلسطينية، اذا تتطلب الامر ذلك، لكن يبقى الاهم بالنسبة لحركة «فتح» والفصائل الاخرى، موقف القوى الاسلامية الفلسطينية التي تشكل عصبة الانصار الاسلامية الثقل الاساسي فيها، من اي محاولات قد تقوم بها التنظيمات الارهابية داخل المخيم… وهو الموقف الذي يُعوّل عليه في اي مسار قد تسلكه الاوضاع الامنية .
(الديار)