مقالات مختارة

غاز اسرائيل: رفيت هيخت

 

في الوقت الذي تأججت فيه الدولة من الكلام الفارغ الذي صدر عن ميري ريغف، والهوس البهيمي لعوديد كوتلر والاكتشافات الجديدة فيما يتعلق بـ اورين حزان، يتشكل في هذه الاثناء أحد التراجعات المهينة للسلطة أمام ارباب المال. قبل أقل من اربع سنوات خرج إلى الشارع مئات الآلاف وهم يطالبون بالعدالة الاجتماعية بسبب وصول سعر الكوتيج إلى 7 شيكل. الآن في ظل وجود عشرات المليارات على المحك، لا أحد يهتم بالموضوع الاكثر أهمية في الاقتصاد الاسرائيلي. الغاز الطبيعي واستخدامه هو الموضوع الاقتصادي الاكثر أهمية بالنسبة للاقتصاد، بسبب أنه يؤثر على سعر الكهرباء ومستقبل الصناعة وغلاء المعيشة، بل الديمقراطية ومدى صحتها.

بالنسبة لاسرائيل، وبشكل أكبر بالنسبة للمستثمرين الذين بحثوا ووجدوا، فقد حدث شيء عظيم. تم العثور في شواطيء اسرائيل على مستودعات كبيرة من الغاز الطبيعي، التي ستضمن استقلالية الطاقة لاسرائيل لعشرات السنين، وتخفيض تكلفة العيش فيها. ويمكن أن يشكل الغاز مردودا جيدا ويعمل على تشجيع الاستثمارات، وعلى رأسها «نوبل انرجي» الأمريكية و»ديلك» الاسرائيلية، التي ستشجع على الاستثمار واستمراره في اسرائيل وتطوير مصادر اخرى. هذان الامتيازان ليس بالضرورة أن يكونا الواحد على حساب الآخر، وهنا تدخل الحكومة إلى الصورة. يفترض أن تقوم بالوساطة بين تطبيق حقوق الربح المعقول للشركات التي قامت بالتنقيب وعثرت وحفرت، وبين مصالح مواطني اسرائيل الذين من حقهم أن ينعموا من الموارد الطبيعية في الدولة.

إلا أن الحكومة، بقيادة مشجع المنافسة والسوق الحرة، بنيامين نتنياهو، يظهر أنها ستخضع لامتياز «نوبل انرجي» ـ «ديلك»، المالكة لمعظم احتياطي الغاز. الملكية المشتركة للمستودعين الكبيرين ـ تمار هبعيل (67 بالمئة)، ولفيتان (85 بالمئة) الذي يتأجل تطويره مرة تلو اخرى ويستخدم مثل العصا في أيدي شركات الغاز. واليوم تقريبا كل سوق الطاقة في اسرائيل يعتمد على انبوب واحد يأتي من مستودع واحد. وفي الطريق تمت التضحية بالمسؤول عن القيود التجارية، دافيد غيلا، الذي حاول من خلال اقتراحاته الغاء الامتياز انطلاقا من فهمه أن اقتصاد الغاز سيتم استخدامه ضد المستهلك والمواطن الاسرائيلي.

في هذه الاثناء تذكر وزير المالية أن يعلن أنه لا يستطيع التدخل في هذا الموضوع، والشركات تزداد تشددا في مواقفها وهي تعارض أي رقابة على الاسعار التي تتقاضاها مقابل الغاز، وهي تحاول سحق توصيات لجنة شاشنسكي حيث تطلب تخفيضات ضريبية اخرى على ارباحها، وفي المقابل الاعتراف بنفقات انشاء الانبوب الذي سيصدر الغاز إلى مصر، وتليين قيود التصدير التي منحت لهم. هذا في الوقت الذي يتوقع فيه أن تصل ارباحهم في السنة القادمة كبيرة جدا وبحجم دولي: من تقارير الشركات وشركات الكهرباء يتبين أنه بعد استرجاع الاستثمارات فان التكلفة الثانوية لوحدة الطاقة في مستودع «تمار» ستكون نصف دولار، في الوقت الذي تباع فيه لشركة الكهرباء بـ 5.5 دولار بعد احتساب الضرائب، والارباح ستكون ضعف المتوسط العالمي. بكلمات بسيطة: يتوقع أن ندفع ثمنا كبيرا على غازنا.

«نوبل» و»ديلك» ليستا وحشين بل هما تقومان بما يقوم به من يريد النجاح: أكبر قدر من الارباح. وظيفة الدولة هي خلق سوق حرة ومتطورة، واذا لم تتمكن من ذلك فيجب أن تراقب الامتياز بنفسها، والضغط لايجاد حل وسط للامتياز، وتطوير لفيتان في أسرع وقت ممكن، الامر الذي قد يخفض سعر الغاز لسنوات طويلة.

ليست هناك حاجة إلى تأميم الغاز ـ صعوبة الرقابة تؤكد أنه من الافضل التنازل عن الخدمات الادارية للدولة. ايضا ليست هناك حاجة إلى وضع اسحق تشوفا في المركز. يجب التوصل إلى اتفاقات تضمن وجود اسعار تنافسية، وعدم الالتفات إلى التهديدات. هل نتنياهو مستعد لذلك؟.

هآرتس

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى