مقالات مختارة

حزب أردوغان: تراجعأم خسارة الانتخابات؟ حميدي العبدالله

 

لم يهدأ السجال بعد مرور أكثر من عشرة أيام على إعلان النتائج، حول تقييم نتائج الانتخابات التركية.

أنصار الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وأنصار حزب العدالة والتنمية، ولا سيما في البلاد العربية، مصمّمون على القول إنّ ما جرى في الانتخابات البرلمانية الأخيرة هو مجرّد تراجع، ولكن حزب العدالة والتنمية فاز في هذه الانتخابات.

وفي المقابل خصوم أردوغان وحزب العدالة والتنمية يؤكدون أنّ نتائج الانتخابات هي سقوط مدوّ لحزب العدالة والتنمية وليس مجرّد تراجع.

أين الحقيقة في الادّعاءين المتناقضين؟ بكلّ تأكيد دائماً الحقيقة لها قراءتان، وحتى الأرقام التي يتوجب أن لا يجادل أحد في دلالاتها، تتحوّل في ظلّ الانقسام وتعارض المصالح إلى وجهات نظر.

لكن ثمة أموراً ومعايير يصعب تجاهلها أو تحريفها عندما تكون صارخة إلى حدّ يصعب طمسها، فما أسفرت عنه الانتخابات البرلمانية في تركيا، لا يمكن في أيّ حال من الأحوال تصنيفه بأنه مجرّد تراجع، فقط لأنّ حزب العدالة والتنمية حاز على أكبر كتلة برلمانية. يمكن أن تصنّف نتائج الانتخابات في تركيا بأنها مجرّد تراجع لو أنّ عدد مقاعد حزب العدالة والتنمية كانت أقلّ مما حصل عليه في انتخابات عام 2011 وأعلى من الأغلبية المطلقة، أيّ لو أنّ حزب العدالة والتنمية حصل على النصف + واحد من مقاعد البرلمان. بمعنى آخر لو حصل حزب العدالة والتنمية، على 276 نائباً لكانت هذه النتيجة مجرّد تراجع، وإنْ كان تراجعاً كبيراً كون أعضاء كتلته النيابية تقلّص من 312 نائباً إلى 267، لكن عندما يهبط مستوى التراجع عن 50 في المشة من أعضاء البرلمان، أيّ أقلّ من النصف زائد واحد، وهو أدنى مما كان يحصل عليه حزب العدالة والتنمية منذ عام 2002، هذا يعني خسارة العدالة للانتخابات على عكس ما كان عليه الحال في الانتخابات الثلاثة السابقة، حيث تراوحت مقاعده في البرلمان بين أقلّ وأكثر، في كلّ دورة من الدورات السابقة، لكن هذه المراوحة كانت فوق النصف زائد واحد، مما يعني أنّ حزب العدالة والتنمية كان هو الفائز في الانتخابات التشريعية الثلاثة التي تشكل فترة وجود حزب العدالة والتنمية في السلطة.

لكن في هذه الانتخابات كانت مقاعد حزب العدالة والتنمية أقلّ من النصف بـ 18 مقعداً، وهذا يعني أنه خسر الانتخابات وفازت المعارضة، بمعزل عما إذا كانت المعارضة قادرة على تذليل خلافاتها وتشكيل حكومة ائتلافية أم لا. وهذه مسألة لا يستطيع أحد أن يجادل فيها، أو أن يخضعها لاجتهاد واستخلاص نتائج تغاير الواقع، وتختلف عما هو عليه توزيع المقاعد بين المعارضة وحزب التنمية.

يستطيع مؤيدو حزب العدالة والتنمية في تركيا، أو على المستوى العربي، الادّعاء أنه لم يخسر الانتخابات، ولكنهم لا يستطيعون تغييب الخلاصة التالية، أنّ حزب العدالة والتنمية لا يستطيع تشكيل الحكومة التركية الجديدة بمفرده، كما كان عليه الحال عندما فاز في الانتخابات ثلاث دورات، وهو الآن، إما أن يشكل ائتلافاً مع واحد من أحزاب المعارضة، أو أن يذهب إلى انتخابات مبكرة، ولو أنّ حزب العدالة قد فاز في الانتخابات لشكّل الحكومة بمفرده.

(البناء)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى