مقالات مختارة

نتنياهو علم باللقاء السعودي ـ الإسرائيلي الاجتماعات قناة لتبادل الرسائل مع الرياض حلمي موسى

 

أبرزت عناوين الصحف الإسرائيلية ووكالات أنباء دولية، الأسبوع الماضي، أمر لقاء جرى في واشنطن بين شخصين رفيعي المستوى في كل من إسرائيل والسعودية، وهما مدير عام وزارة الخارجية الإسرائيلية المعين دوري غولد، والمستشار في رئاسة الحكومة السعودية اللواء متقاعد أنور عشقي.

واعتبرت الصحف أن هذا اللقاء، الذي عقد على هامش مشاركتهما في مؤتمر لمجلس العلاقات الخارجية، كان لقاء نادراً في طبيعته العلنية، من دون إنكار حدوث لقاءات غير علنية في الماضي. وبدا أن بالوسع اعتبار لقاء عشقي وغولد مجرد لقاء «أكاديمي»، لكنه في ظل ما هو معلن من عداء لم يكن اللقاء فعلاً كذلك.

ورغم أن دوري غولد أكد، في عدد من مقابلاته الصحافية، أن اللقاء مع عشقي لم يكن في أي إطار رسمي، لأن تعيينه مديراً عاماً لوزارة الخارجية لم يدخل حيز التنفيذ إلا بعد أيام من ذلك، فإن موقع «والا» الإخباري أكد أن اللقاء تم بعلم رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو.

صحيح أن غولد وصل إلى اللقاء بصفته مدير عام المركز المقدسي للشؤون العامة والدولة، وهو مركز يرأسه منذ العام 2000، إلا أنه على مدى السنين كان معروفا بقربه من نتنياهو، ويقدم له المشورة السياسية. كما أن عشقي وصل للقاء بصفته رئيس مركز دراسات شؤون الأمن القومي لكنه أيضاً يعمل مستشارا في رئاسة الحكومة السعودية. وأكد موقع «والا» أن هذا كان اللقاء الخامس بين المركزين الإسرائيلي والسعودي منذ العام 2014.

وكتب المراسل السياسي لموقع «والا» أمير تيفون أن غولد وعشقي من الناحية الرسمية لم يمثلا في لقاءاتهما سوى نفسيهما، وهذا ما خلق نوعاً من الاستخفاف في وسائل الإعلام الأميركية بهذا اللقاء. فمثل هذه اللقاءات «غير الرسمية» سبق وجرت منذ زمن طويل بين شخصيات سعودية وأخرى إسرائيلية، ولم يعرف أنه نتج عنها أي تغيير على العلاقات بين الدولتين، اللتين «تتغازلان» حول المخاطر المشتركة التي يتعرضان لها وليس أكثر من ذلك.

لكن المراسل السياسي لموقع «والا» نقل عن جهتين رفيعتي المستوى، في القدس المحتلة، تأكيدهما أن هذا اللقاء يختلف عن اللقاءات السابقة «بعض الشيء». وحسب الجهتين فإن نتنياهو تلقى تقريراً من غولد قبل وبعد كل لقاء كان يتم بين المركزين الإسرائيلي والسعودي، وأن أمراً مشابها جرى في الجانب السعودي. وأوضح أحد الجهتين أن «نتنياهو رأى في هذه اللقاءات قناة اتصال مهم يمكن عبره تبادل رسائل مع السعوديين. إن القول بأنهما التقيا كرجال أكاديمياً، أو كمديرين لمركزي دراسات، شبه نكتة».

ومعروف أن غولد شغل في العام 2013 منصب المستشار السياسي الخاص لنتنياهو، وهو منصب بقي فيه بالتوازي مع استمرار ترؤسه للمركز المقدسي للشؤون العامة والدولة. صحيح أن منصب المستشار لم يعتبر وظيفة كاملة، وإنما مقدم خدمات استشارية معينة، لكنه في كل الأحوال تمتع بتواصل مباشر مع رئيس الحكومة. وحسب أحد الجهتين، الذي كان مطلعاً على اللقاءات مع المركز السعودي منذ عام، فإن «السعوديين كانوا يعرفون جيداً ازدواجية وظيفته. وهذا قسم من المسألة».

وأوضحت الجهة الإسرائيلية أنه «صحيح أن لقاءات غير رسمية جرت في الماضي بين سعوديين وإسرائيليين، مرات كثيرة برعاية مراكز أبحاث هنا وهناك، لكن غولد عمل كمستشار لنتنياهو بالتوازي مع إدارته لمركز الأبحاث. ومن وجهة نظر إسرائيلية فقد لا يبدو الأمر مهماً، لكنه مقرب من رئيس الحكومة، وهذا هو العنصر المقرر، وليس وظيفته الرسمية، ولكن من وجهة نظر السعوديين هذا تفصيل مهم، يميز بين هذه القناة المستمرة عن اللقاءات السابقة».

وأضاف المراسل السياسي لموقع «والا» أن لغولد تاريخا في إدارة قنوات اتصال سرية، أو شبه رسمية، ممثلا لنتنياهو. ففي أواسط التسعينيات حين كان نتنياهو زعيما للمعارضة، حاول غولد أن ينشئ قناة اتصال بينه وبين مسؤولين في الأردن، على أمل أن يكون هؤلاء شركاء له في معارضة اتفاقيات أوسلو. ولاحقا، بعد انتخاب نتنياهو لرئاسة الحكومة، قام غولد بتعريفه على المثقف اللبناني حسين آغا، الذي كان يعمل مستشاراً خارجياً لكل من ياسر عرفات والرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن). وبمساعدة الحكومة السويدية جلب غولد حسين آغا لعدة زيارات إلى إسرائيل، التقى خلالها مع نتنياهو في محاولة لخلق قناة اتصال ومفاوضات سرية.

عموماً، حتى إذا تم قبول الزعم الإسرائيلي بأن اللقاءات بين غولد وعشقي تشكل قفزة في العلاقات مقارنة بلقاءات مشابهة سابقة، من المهم أن نتذكر أن الجنرال عشقي قال بوضوح، في اللقاء العلني مع غولد، أنه طالما لا تقبل إسرائيل مبادرة السلام العربية فلا مجال لأن تأخذ العلاقات بين الطرفين بعداً رسمياً حقيقياً. صحيح أن نتنياهو أطلق في الأسابيع الأخيرة تصريحات بشأن السلام الإقليمي وإدخال دول عربية في العملية السياسية، ولكن التصريحات لا تزال بعيدة عما تريد السعودية سماعه.

ومعروف أن اللقاء بين عشقي وغولد اعتبر مهماً في كل الأحوال، وأنه يمثل نقلة في العلاقات بين الدولتين في الجانب العلني. وتجدر الإشارة إلى أن كلاماً كثيراً قيل ويقال منذ عقود عن علاقات السعودية بإسرائيل، ولكن كل هذه الأمور كانت تجري بشكل غير مباشر بترتيب مع البريطانيين، كما في حرب اليمن في الستينيات ثم مع الأميركيين لاحقاً. ولكن تطورات العداء بين إيران والسعودية قادت مراراً إلى نشر تقارير في الصحف الأميركية تحدث بعضها عن زيارات ولقاءات متبادلة لمسؤولين كبار، أبرزهم رئيس «الموساد» السابق مئير داغان.

تجدر الإشارة إلى أن وكالة «بلومبرغ» الاقتصادية كانت قبل أيام نشرت عن خمسة لقاءات بين إسرائيل والسعودية في الشهور الـ 17 الماضية، في كل من الهند وإيطاليا وتشيكيا. وقالت أن أحد المشاركين في اللقاءات كان العميد احتياط شمعون شابيرا الذي كان سكرتيراً عسكريا لنتنياهو نهاية التسعينيات. كما أن صحيفة «نيويورك تايمز» نشرت قبل أيام أن السعودية وإسرائيل تتبادلان على مدى سنوات معلومات استخباراتية، وبشكل خاص عن إيران.

(السفير)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى