مقالات مختارة

نحن وأوباما: آري شبيط

 

الشخص الذي يعمل في الغرفة البيضاوية يخصص لدولة إسرائيل الكثير من التفكير والمشاعر. السبب الرئيس لذلك هو تضامنه مع إسرائيل المتنورة والضائعة لحزب العمل، والسبب الثاني هو خيبة أمله من حقيقة أن إسرائيل الحالية قد أضاعت طريقها. السبب الثالث هو مشاعر القرب بينه وبين يهود الولايات المتحدة الليبراليين الذين نشأ بينهم ويعيش معهم. السبب الرابع هو الألم الذي يشعر به لأن الكثير من اليهود في إسرائيل وفي الولايات المتحدة يُعاملونه كعدو لليهود. السبب الخامس هو صفقة إيران ـ لوزان، التي يريد تحويلها إلى ارثه التاريخي في السياسة الخارجية. السبب السادس هو الحاجة السياسية والاخلاقية التي يشعر بها لفعل شيء في الموضوع الفلسطيني. والسبب السابع هو بنيامين نتنياهو.

اوباما ليس دوغمائيا بمفاهيم كثيرة. فهو يختلف عن صورته: أطول قامة، أكثر تحببا. الأمر الأساسي الذي تعلمه في السنوات الست الأخيرة هو قيود القوة، والامر الأساسي الذي ما زال يتعلمه هو تعقيد الواقع. هو لا يبحث عن الحسم الايديولوجي بل عن الحلول العملية. شيء يمكن حمله والسير به والعمل معه. شخص يمكن اجراء التغيير معه.

للاسباب السبعة الواردة أعلاه، يريد اوباما التصالح مع الإسرائيليين وصنع السلام مع اليهود. لذلك أجرى المقابلات مع جيف غولدبرغ وايلانا ديان. ولذلك وضع القبعة على رأسه وتحدث مثل حاخام اصلاحي في كنيس «طائفة إسرائيل» في واشنطن. ولذلك هو مستعد للقيام بأفعال استثنائية من اجل ايجاد إسرائيل التي يستطيع أن يحبها، والعمل معها، ومعاً اجراء الاصلاح.

هل الإصلاح ممكن؟

العلاقات بين رئيس الولايات المتحدة وبين دولة إسرائيل شهدت أخطاءً كثيرة منها عدم التفاهم وتفويت الفرص. في الوقت الذي شعروا فيه في قدس نتنياهو أن واشنطن اوباما لا تفهم الشرق الاوسط، فانهم في واشنطن اوباما شعروا أن قدس نتنياهو لا تفهم روح العصر. في الوقت الذي شعرت فيه ديمقراطية الكتاب أن القوة العظمى متسامحة زيادة عن اللزوم، فان الديمقراطية العليا شعرت أن القوة العظمى للكتاب تحولت إلى متطرفة، قومية وظلامية.

لكن كل ما حدث في السنوات الأخيرة هو صفر مقارنة بما سيحدث اذا تم توقيع اتفاق الصفقة النووية الإيرانية في الصيف. والصدام سيكون وجها لوجه، والمراهنة ستكون على كل شيء. من جهة سيقف رئيس ديمقراطي مصمم على ترك بصمته في العالم، ومن الجهة الاخرى سيقف اتحاد إسرائيلي جمهوري مصمم على منع ما يعتبره نهاية العالم. من جهة سيكون البيت الابيض الليبرالي الذي تؤيده أمريكا الجديدة والمنفتحة على الأقليات، ومن الجهة الاخرى سيكون الكونغرس المحافظ الذي يمثل أمريكا القديمة والبيضاء، ويفعل ما تريده إسرائيل.

اذا نجحت الصفقة فان الصرخات المخجلة التي صدرت ضد جاك لو، ستتضاعف في اوساط يهود الولايات المتحدة. واذا فشلت الصفقة فسيظهر اليهود كمن تسببوا في فشل الرئيس الافروأمريكي الأول، وكمن فرضوا على الولايات المتحدة مواجهة خطرة مع إيران والإسلام. وبغض النظر عن نتيجة المواجهة فان تأثيراتها قد تكون مدمرة. الرئيس، وإسرائيل ايضا، والجالية اليهودية في الولايات المتحدة سيخرجون مصابين ومتضررين.

في الفترة الزمنية الباقية حتى لحظة الحقيقة، يتوجب تطهير الأجواء: وقف التحريض ضد اوباما ومد اليد له. من يعمل في الغرفة البيضاوية ليس فرعون بل هو صديق. ومن يسكن في البيت الابيض ليس هامان بل هو صديق حقيقي. يحق لنا الاختلاف مع رئيس الولايات المتحدة، لكن يجب احترامه. الوقت ليس متأخرا للبدء من جديد. يمكن البدء من جديد. وهذا إلزامي.

هآرتس

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى