مقالات مختارة

الرياض وتل أبيب: سمدار بيري

 

ما الذي خرج من اللقاء المغطى إعلاميا (في واشنطن، وليس صدفة حقا) بين مدير عام وزارة الخارجية المرشح، د. دوري غولد، وبين الجنرال (احتياط) السعودي د. أنور عشقي؟ فقد صعدا إلى منصة مشتركة في مجلس العلاقات الخارجية، حدث نادر في عصر المقاطعة الاكاديمية على إسرائيل، والقيا خطابين ملتهبين وبثت لغة الجسد لديهما اشارة واضحة بان هذه ليست المرة الاولى التي يلتقي فيها الواحد الآخر. كما ان الإسرائيلي والسعودي لم يجيبا على أسئلة من الجمهور، كي لا تظهر خلافات الرأي بين الرياض والقدس.

بالضبط مثل نتنياهو في الكونغرس، وقف غولد وعشقي في واشنطن عشية التوقيع على الاتفاق مع إيران كي يعرضاها كعدو مشترك، خطير. ومسؤول اوباما عن هذا التعاون المفاجيء. فقد خان السعودية، تنازع مع نتنياهو وتسكع مع إيران. «أنا افضل عدوا ذكيا»، يعلن السعودي، ويلمح لإسرائيل، «على عدو جاهل يجلس في طهران».

ولكن لوسائل الإعلام، التي ركزت الكاميرات على المصافحة بين غولد وعشقي توجد ذاكرة قصيرة. فحين توج «اللقاء التاريخي» و «المفاجأة الدراماتيكية»، نسيت لقاء مشابها تم بالضبط قبل سنة في بروكسل بين رئيسي الاستخبارات السابقين: عاموس يدلين من جانبنا والامير تركي الفيصل من السعودية.

يبدو أن الامير والجنرال من السعودية اجتازا اختبار نار مسبق. يقال انه بالذات لقادة الاستخبارات، حتى لو جاءوا من دول لا تقيم علاقات مفتوحة، سهل ايجاد لغة مشتركة. فهم يعرفون الواحد الآخر من الاوراق، يعرفون كيف يحددون من العدو الذكي ومن العدو حامي الرأس. نجحنا في نهاية الأسبوع في التعرف على أن هذا هو اللقاء الخامس لغولد وعشقي، نوع من تبادل الاوراق والتقديرات عن المخاطر والتحديات الامنية في المنطقة. ويعرف الجنرال ان غولد قريب من اذن نتنياهو.

قبل ثلاثة اسابيع، في المؤتمر الاقتصادي في الدولة أجريت مقابلة صحافية مع عشقي. وكانت هذه مقابلة اولى لمسؤول سعودي مع صحيفة إسرائيلية، والحقيقة هي انه لم يكن صعبا اقناعه. فقد أصر عشقي على أن ينقل رسالة واضحة إلى نتنياهو: حان الوقت لان تعترف إسرائيل بمبادرة السلام السعودية التي بدأت تصدأ منذ 13 سنة، ورؤساء الوزراء في القدس يتجاهلونها أو يفرون منها.

وكشف النقاب في المقابلة عن أن الملك الجديد سلمان يؤيد هو ايضا خطة السلام التي تقوم على أساس «اعطونا كل المناطق المحتلة، وستحصلون على تطبيع كامل مع 22 دولة في العالم العربي». كما أعلن عشقي بان اعادة انتخاب نتنياهو وحكومة اليمين التي تشكلت في القدس لن تفزعا اصحاب القرار في الرياض، «إذ فقط اليمين عندكم قادر على صنع السلام ودفع الثمن».

على مدى سمو مكانة عشقي، رئيس مركز بحوث الامن في جدة، يصعب مد خط من الشك. فمن جهة تجده يحتفظ بجملة من القاب «السابق»؛ ومن جهة اخرى حتى بعد أن انكشفت اتصالاته مع الإسرائيليين فانه يذهب ويأتي في بلاده بلا مشاكل؛ ومن جهة ثالثة لم تذكر كلمة في السعودية ـ لا في الصحف ولا في المواقع الاجتماعية ـ عن المقابلة مع «يديعوت احرونوت» وعن الدوافع التي خلف الظهور المفاجيء مع غولد. ووحدها مواقع الاخبار في طهران كرست عناوين رئيس لاذعة لتحذيرات غولد ضد البرنامج النووي وتحذير عشقي من أن «إيران تسعى إلى السيطرة على المنطقة».

لقد أخذ عشقي على نفسه تحديا غير بسيط. فهو متفانٍ لخدمة مبادرة السلام السعودية. ليس مؤكدا أنه نجح في اقناع غولد ونتنياهو بأنه حانت لحظة الحقيقة. فهما متمسكان بالموضوع الإيراني. وبالمقابل، فان صمت القصور في الرياض والرقابة على الإعلام السعودي اكثر صخبا.

يديعوت

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى