مقالات مختارة

مناورة إسرائيلية لمواجهة 3 جبهات: حلمي موسى

بدأت إسرائيل أمس مناورتها السنوية الكبرى لحماية الجبهة الداخلية، والتي تستمر أياماً عدة، وتبلغ ذروتها غداً بإطلاق صافرات إنذار في كل أنحاء إسرائيل.

وتترافق مناورة الجبهة الداخلية مع مناورات أركانية واسعة لأسلحة الجو والبحر والبر، أساسها احتمال وقوع حرب شاملة على الجبهة الشمالية.

وتختبر إسرائيل في المناورة قدرات أجهزة الدفاع المدني ومنظومات التنسيق بين القيادتين العسكرية والمدنية ضمن سيناريوهات مختلفة. وتشارك في المناورة قوات من قيادة الجبهة الداخلية في الجيش والشرطة و «نجمة داود الحمراء» وسلطة المطافئ ومختلف الوزارات والمجالس المحلية.

وخلافاً لمرات سابقة تم الاكتفاء فيها بالإعلان مسبقاً عن إجراء المناورة، اختارت إسرائيل هذه المرة، لأسباب تتعلق بالتوتر في المنطقة، إيصال رسائل طمأنة عبر طرف ثالث إلى كل من إيران و «حزب الله».

وكانت المؤسسة الأمنية الإسرائيلية قد أعلنت الخميس الماضي أنها ستبدأ مناورتها السنوية، المعروفة باسم «نقطة تحول»، لاختبار مدى جاهزية الجبهة الداخلية لمواجهة الأخطار المحتملة. وقادت اعتبارات في الموازنة إلى إلغاء هذه المناورة في العام الماضي.

وبحسب السيناريوهات المعلنة، ستطلق صافرات الإنذار في كل أرجاء إسرائيل الساعة 11:05 دقائق يوم غد الثلاثاء، محذرة من سقوط دفعات من الصواريخ على مختلف المستوطنات في إسرائيل.

وستختبر إسرائيل في هذه الخطوة مدى انصياع الجمهور للأوامر، وسرعة لجوئه إلى الملاجئ والغرف الآمنة، فضلاً عن اختبار وسائل التعامل مع الجمهور، وخصوصاً نظام التحذير عبر أجهزة الهاتف الخلوي والإذاعات والتلفزيون. وسيتم أيضا اختبار مدى نجاعة عمل «الخدمات الحيوية»، مثل المستشفيات والمخابز تحت «القصف».

ومع ذلك، ولأسباب تتعلق بالتوتر الذي يعيشه المستوطنون الإسرائيليون في غلاف غزة، تقرر عدم إطلاق صافرات الإنذار هناك، انطلاقا من تعود المستوطنين على النزول إلى الملاجئ. وقد قرر الجيش الإسرائيلي، في إطار المناورة، العمل على تخليص مصابين من أماكن مدمرة، انطلاقاً من احتمال تدمير منشآت حيوية في جولة القتال المقبلة. كما سيتم التدرب على تهجير مستوطنين، واستيعابهم في مناطق أخرى تحسباً للاضطرار لإخلاء إسرائيليين بغية عدم تعريضهم للصواريخ في مناطق تتعرض لها بكثافة.

وقالت مصادر في قيادة الجبهة الداخلية إن سيناريوهات «نقطة تحول» ترمي إلى وضع تحديات أمام أجهزة الأمن المختلفة بغرض توفير الرد لها. ومن بين بنود هذا السيناريو إغلاق مطار اللد لفترات زمنية، والمساعدة في نقل الجرحى إلى خارج إسرائيل، ومواجهة احتمالات انتقال مكثف للمستوطنين من مدينة إلى أخرى، وإنشاء مدن خيام في ثلاثة مواقع مختلفة، والحفاظ على الطرق مفتوحة أمام الآليات الحربية. وتتعلق السيناريوهات بسقوط صواريخ بكثافة على مستوطنات في كل المناطق، وحدوث إصابات مدمرة في منشآت بنية حيوية، وهجمات إلكترونية عبر الانترنت، وأيضا انهيار منظومات الكهرباء والاتصالات.

وتتوقع قيادة الجبهة الداخلية سقوط صواريخ على إسرائيل أكثر بكثير مما حدث في حرب لبنان الثانية والحرب الأخيرة على غزة. تجدر الإشارة إلى أن هذه هي المرة الثامنة التي تجري فيها مناورة «نقطة تحول»، والتي أطلق عليها اليوم اسم «نقطة تحول 15» كدلالة على العام.

وحسب الصحف الإسرائيلية، فإن خطة المناورة هذه المرة ترتكز على وقوع حرب على ثلاث جبهات، في الشمال والجنوب دفعة واحدة: سوريا ولبنان وقطاع غزة. وخلافاً لحرب لبنان الثانية، بل وحرب «الجرف الصامد» حيث جاء الخطر من جبهة واحدة، فإن الخطر سيأتي وفق السيناريو من الجبهات الثلاث. وسيتم التركيز أيضا على إمكانية منع المساس بالنشاط المتواصل للبنى الأساسية، مثل المصانع الحيوية والسلطات المحلية. وتنظر جهات عليا في قيادة الجبهة الداخلية باهتمام إلى أمر منع العدو من تحقيق مكاسب في الجبهة الداخلية الإسرائيلية، والحفاظ على روتين الحياة اليومي قدر الإمكان.

وأشار المعلق العسكري لموقع «يديعوت احرونوت» الالكتروني رون بن يشاي إلى أن إسرائيل بعثت في الأيام الأخيرة برسائل طمأنة إلى كل من «حزب الله» وإيران، وأن الهدف من هذه الرسائل منع حدوث سوء تقدير لنيات إسرائيل. وأوضح بن يشاي موقف جهات تقدير غربية صارت مؤخرا تلحظ عصبية في مواقف كل من طهران و «حزب الله»، منبعها تقديرات بأن تل أبيب قد تستغل الوضع في سوريا ولبنان «لقتل عصفورين بحجر واحد»: عرقلة توقيع الاتفاق النووي مع إيران، وفي الوقت ذاته إزالة خطر عشرات آلاف صواريخ «حزب الله» في لبنان.

وبحسب بن يشاي، يبدو أن هذه المخاوف زادت مع بدء المناورة السنوية الكبرى، خصوصا أنها تتزامن مع المناورة الأركانية الكبرى لأذرع الجيش الإسرائيلي الثلاث، الجوية والبحرية والبرية، والتي تتم وفق سيناريو مواجهة حربية واسعة في الجبهة الشمالية. وكتب أنه لا يصعب على أجهزة الاستخبارات الإيرانية والسورية، وتلك التابعة إلى «حزب الله»، أن تلحظ الاستعدادات لهذه المناورة وربما تقدر أن هذه استعدادات لهجوم إسرائيلي مباغت.

(السفير)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى