مقالات مختارة

الليموناضة ثريا عاصي

 

إستهل السيد حسن نصرالله أمين عام حزب الله خطابه قبل الأخير بالحديث عن «الليموناضة» لتذكير جماهيره بأن «الليموناضة» شراب يروي منه الظمآن وليس علاجاً ضد الأمراض والإصابات بانسداد الشرايين بحسب الإشاعات التي تلقفتها بعض وسائل الإعلام عن اعتلال صحته.

تتخذ الحملة الإعلامية والدعائية والنفسية وهي التي أطلقها كما هو معروف سفير أميركي سابق في بيروت، جيفري فيلتمان، بقصد تشويه صورة حزب الله ( بكلفة 500 مليون دولار ).. تتخذ هذه الحملة إذن منحى إلى السَفَهِ والسفسطة يتميز بإظهار المسائل والقضايا الوطنية والإجتماعية بصورة شخص بعينه. يشخصون حزب الله والمقاومة بصورة السيد حسن نصرالله.. الأزمة الوطنية السورية، الحرب الأميركية الإسرائيلية التركية الخليجية على سورية، بصورة الرئيس السوري بشار الأسد.. إذا أُعدم الرئيس صدام حسين نَعمَ العراقيون بالأمن والرفاه !! إذا مزق الليبيون جسد العقيد معمر القذافي ساد الوئام بين أقوامهم وقبائلهم !.

جملة القول اننا نستشف بعض المتغيرات في الحرب النفسية، من علاماتها كما أظن، الإشاعة التي أطلقت بـ «أن السيد حسن نصرالله مريض»، والدليل على ذلك أنه يشرب «الليموناضة»، وبما أن المقاومة في لبنان، كل المقاومة، جميع رجالاتها ونسائها وأبنائها، تتجسد بحسب الدعاية الأميركية الإسرائيلية التركية الخليجية في شخص هذا الرجل ، بشّر آل سعود بالنصر المبين !

إستنادا إليه رأى السيد حسن نصرالله أن يبدأ خطابه بشرح الفوائد المرتجاة من شراب «الليموناضة». ولكن كان بديهياً طبعاً أن لدى الرجل هموماً كثيرة. إن الأخطار المحدقة بنا جميعاً تتعاظم، رغم أن الكيد أعمى بصيرة البعض فاغتبطوا لهذه الأخطار، لأنهم يعتقدون أن مواجهتها دفاعاً عن البلاد وسكان البلاد دون استثناء، سوف تتطلب من المقاومة مشقة أكبر وتضحيات أكثر جسامة. هكذا هي الذهنية القبلية التي تفتك في الراهن تراثنا الحضاري، تمهيداً لمحو الكينونة الإنسانية العربية.

ما أود قوله في هذا الفصل هو ان قراءتي لما يجري، على ضوء خطاب السيد حسن نصر الله، تختلف عن قراءة زعران «الشيعة» وفلسطين تحديداً، الذين يكتبون في نشرات آل سعود. لم يستوقفني شراب هذا الشخص أو ذاك، ولا موقف يتخذه أتباع هذا المذهب بالضد من أتباع مذهب آخر، أو طائفة أخرى. فما أستخلصه هو :

1ـ ان الأعداء يكذبون، ويلفقون وبالتالي هم لا يستحقون أن نوليهم ثقة ومصداقية. غايتهم هي أن نقتنع بأننا هزمنا قبل أن نقاتل ونقاوم، حتى لا ننتصر.

2 ـ الشخص، أي شخص أثناء المعركة، يمكنه أن يمرض أو يستشهد. ولكن معركتنا ليست على الإطلاق معركة شخص، بل هي معركة وجود وطني وقومي وحضاري. إن الذين يستهدفون الشخص إنما يستهدفون في الواقع هذا الوجود نفسه.

أعتقد في نهاية هذا الفصل أن الخيار صار بين الدولة الوطنية في سورية ولبنان والعراق من جهة وبين «الدولة السنية»، «الطالبانية» من جهة ثانية. إعتمادي في ذلك على الهجوم التركي في الشمال الذي طال جسر الشغور وإدلب ومن المحتمل أن يشمل مدينة حلب، وعلى الهجوم الأميركي من الشرق الذي أوصل «داعش» إلى تدمر وأريحا. في السياق نفسه يتحضر الهجوم الأميركي الإسرائيلي على دمشق من الجنوب. أغلب الظن أن معركة القلمون وسلسلة الجبال الشرقية، هي جزء من معركة الإستيلاء على دمشق لتكون عاصمة الدولة الطالبانية الوهابية المأمولة !

(الديار)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى