مقالات مختارة

هدف السعودية من الحرب على اليمن: فينان كانينغهام

 

تابع الرئيس الاميركي باراك أوباما من البيت الأبيض وباهتمام كبير الوضع الامني والنفسي لمشيخات النفط في الخليج العربي. بدأت اللقاءات هذا الاسبوع في المكتب البيضاوي ثم انتقلت لاحقا للمنتجع الرئاسي في كامب ديفيد – تلك اللقاءات جمعت ممثلي الدول الخليجية بالرئيس اوباما للتخفيف من مشاعر الغضب التي تنتاب دول مجلس التعاون الخليجي حماسة وزير الخارجية السعودي عادل الجبير في ختام اللقاءات الاولى دفعته الى وصفها “بالتاريخية”.

لكن هناك شك في أن العلاقات المريرة والملتهبة بين دول مجلس التعاون الخليجي بقيادة المملكة العربية السعودية ورعاتها الغربيين في واشنطن ستتحسن، “فالعلاقة غير العادية” التي تحدث عنها اوباما تتعمق وتتأكل.

أن امتعاض الحكام السعوديين تجاه واشنطن قد يلعب دورا في تصعيد الأزمة اليمنية من قبل السعوديين كوسيلة محسوبة لتخريب الصفقة المحتملة بين ايران ومجموعة الـ 5+1 حول البرنامج النووي الايراني. . يجد السعوديون أن الصفقة المحتملة تنطوي على محاولة لبيعهم من قبل الأميركيين. والحرب على اليمن هي لإجبار واشنطن على اتخاذ موقف من ايران كونها تلعب دورا “مستترا” في شبه الجزيرة العربية. تصعيد الصراع في اليمن واستفزاز ايران، من خلال استهداف قوافل المساعدات الإنسانية التي ترسلها، يفتح الباب امام الحرب الكبرى.

على خلفية التوترات التي تحصل في المنطقة حاول الرئيس الأميركي هذا الاسبوع بذل قصارى جهده لإرضاء ضيوفه العرب ومنعهم من الانجرار الى الحرب .

تعود الصداقة الاميركية السعودية إلى رئاسة فرانكلين روزفلت، وذلك عندما شرعت الولايات المتحدة لأول مرة اتفاقا استراتيجيا مع مؤسس المملكة العربية السعودية الملك عبد العزيز في العام 1945.

تحدث أوباما لمشيخات الخليج الفارسي كونهم “حجر الزاوية” للأمن الإقليمي واعدا اياهم بشراكة دفاع جديدة “لمواجهة العدوان الخارجي” مع “تتبع سريع لنقل الأسلحة الأميركية”.

ومع ذلك بدا أوباما ضعيفا لعدم الكشف عن أي معاهدة عسكرية مكتوبة بين الولايات المتحدة والدول الخليجية. وكان حكام الخليج يطالبون قبيل القمة الاميركية -الخليجية هذا الأسبوع بتعهدات دفاعية جديدة مع واشنطن.

قبل أيام من القمة، نشرت صحيفة الشرق الاوسط مقالا افتتاحيا موجها بشكل صارخ لأوباما تحت عنوان: “الأفعال تتحدث بصوت أعلى من الكلمات” الصحيفة التي تعكس التفكير السعودي المحافظ، حثت إدارة أوباما على تكريس الاتفاقات العسكرية مع دول الخليج. وتحدثت الافتتاحيةعن انعدام الثقة “فعدم وجود ضمانات مكتوبة، سيدفع الولايات المتحدة الى التملص “.

بعد قمة الولايات المتحدة ودول مجلس التعاون الخليجي، نقلت صحيفة فاينانشال تايمز اللندنية توقعات قادة الخليج من الاجتماع “التاريخي”: فقالت: “قدمت الولايات المتحدة المساعدة العسكرية التي يحتاجها الحلفاء لكنها امتنعت عن اعطاء الضمانات الأمنية الأوسع التي كانت تبحث عنها بعض الدول”.

وكانت ادارة أوباما قد دعت قادة دول الخليج إلى “قمة خاصة” قبيل التوقيع على اتفاق الإطار النووي بين ايران ومجموعة الـ5+1 في سويسرا. ويدرك الأميركيون أن-الأنظمة العميلة في الخليج لم تكن راضية عن الاتفاق النووي الأول، وبالتالي فإن قمة هذا الاسبوع في كامب ديفيد كان من المفترض ان تضعهم في صورة الاتفاق الجديد. مشيخات الخليج الفارسي – التي تعتنق الوهابية – تعتبر إيران أي الشيعية هم عدوهم اللدود. ومجلس التعاون الخليجي تشكل في العام 1981 بعد عامين فقط على الثورة الإيرانية في العام 1979.

الحكام العرب ادركوا مسبقا أن الولايات المتحدة ليست في طريقها لتحقيق مطالبهم ومنحهم اتفاقا عسكريا قائما بذاته، لذلك امتنع بعض القادة عن حضور القمة الاميركية-الخليجية هذا الأسبوع. بالطبع، كان هناك حرص من كلي الجانبين أن لا يظهر غياب العاهل السعودي الملك سلمان على انه “ازدراء”، ولكن من الصعب تفسير غيابه بغير ذلك.

الكويت وقطر هما الدولتان الوحيدتان اللتان تمثلتا على مستوى رؤساء الدولة في قمة كامب ديفيد على عكس باقي اعضاء مجلس التعاون، اما ملكا السعودية والبحرين، فكانا في عداد المفقودين وحكام دولة الإمارات العربية المتحدة وسلطنة عمان، اعتذرا لأسباب صحية.

باختصار، إن ملوك الخليج منزعجون من واشنطن. وهذاالامتعاضينبع جزئيا مما يعتبرونه التردد الأميركي في السياسة العسكرية التي كانت مقررة لتغيير النظام في سوريا. تراجع أوباما عن حملة “الخط الاحمر” للتدخل العسكري في سورية في نهاية العام 2013 بعد الاستخدام المزعوم للأسلحة الكيميائية من قبل حكومة الأسد، اغضب السعوديين.

من وجهة نظر السعوديين، تحرك الولايات المتحدة للانخراط دبلوماسيا مع إيران لكبح تقدمها النووي غير مقبول. وهم يطالبون بفرض المزيد من العقوبات اذا لم تنفذايران بنود الاتفاق الذي سيبرم مع مجموعة              الـ 5+1.

رسميا، السعوديون يخشون من أن الاتفاق النووي بين ايران ومجموعة الـ5+1لا يزال يعطي إيران الفرصة لتطوير سلاحها النووي سرا في وقت ما في المستقبل.

بشكل غير رسمي، نستطيع ان نقول إن هذا ليس هو مصدر القلق السعودي الحقيقي، فهم يعرفون أن أي اتفاق نووي سوف يكون مشروطا بشكل وثيق بقيود تقنية تمنع الايرانيين من التسلح النووي. ودائما ما يلفت الايرانيون الى انه ليست لديهم أي نية لبناء قنبلة نووية وذلك لأسباب أخلاقية ودينية، وكذلك المرشد الأعلى آية الله خامنئي كرر ذلك مرارا وتكرارا.

السعوديون وحكام الخليج العربي قلقون من تخفيف العقوبات التي تأتي نتيجة التسوية النووية لان ذلك من شأنه تعزيز موقف إيران الإقليمي، ويدفعها لتطوير اقتصادها وتفعيل مسالة التطبيع مع الدول المجاورة.

دول الخليج العربي تدعي أن إيران سوف تستخدم هذا النمو الإقليمي المتوقع لزعزعة الاستقرار وزيادة الإرهاب في بعض البلدان. هذا الادعاءات، وبطبيعة الحال، مصدرها البيت الوهابي السعودي ومعاونوه الذين دعموا الإرهابيين المرتبطين بتنظيم القاعدة في العراق وسوريا ولبنان وليبيا على مدى السنوات الأربع الماضية.

أوباما منغمس بهذا الهوس العربي فقد قال قبل القمة الخليجية- الاميركية: “سلوك إيران خطير ومزعزع للاستقرار في جميع أنحاء المنطقة، إيران هي دولة راعية للإرهاب … ودول الخليج على حق” ومن جانبها، ردت إيران بغضب على خطاب أوباما، معتبرة انه “نفاق” ويهدف إلى “استرضاء” الطغاة العرب.

ووصف المتحدث باسم البيت الابيض هذه المعاهدة بأنها “معقدة للغاية” في منطقة الشرق الأوسط. ويصعب ترجمتها للآخرين أي لإسرائيل وللدول الخليجية.

الحكام السعوديون يعانون من انعدام الأمن بشكل دائم، السعوديون والملوك العرب يخشون من “عدم الاستقرار الإيراني” وعدم وجود حكومة ديمقراطية نسبيا في إيران تكون قادرة على مواصلة علاقات طبيعية مع المنطقة.

ومن شأن الاتفاق النووي مع مجموعة الـ5+1ان يعطي ايران مساحة لتتطور بشكل طبيعي في المنطقة. ولكن هذه الدينامية هي لعنة لدول الخليج، الذين يحكمون بقبضة حديدية.

الهجوم العسكري بقيادة السعودية على اليمن هو مثال على ذلك. فالعملية التي بدأت يوم 26 مارس، لم تكن للرد على “المتمردين الحوثيين المدعومين من إيران”.

ولكن يبدو أن التحالف العربي بقيادة السعودية – المؤلف من ملوك دول مجلس التعاون الخليجي ومصر والأردن والمغرب وشمال السودان – بدأ بقصف اليمن قبل أسبوع واحد من توقيع اتفاق الاطار في لوزان يوم 2 ابريل.

يمكن القول أن السعوديين اختاروا شن الحرب على اليمن على وجه التحديد من أجل تقويض المفاوضات الايرانية الغربية.

دعمت واشنطن حتى الآن المطالبات السعودية في اليمن وأعطت وزارة الدفاع الأميركية دعما عسكريا للتحالف العربي لقصف هذا البلد.

مع ذلك، فالتزام واشنطن قد لا يكون كافيا لتبديد المخاوف السعودية من الاتفاق النووي المحتمل مع إيران. فقد رفض أوباما تلبية المطالب العربية بتامين مظلة عسكرية كاملة تضم الولايات المتحدة وقوات دول مجلس التعاون الخليجي.

تصعيد الحرب في اليمن قد يكون الخيار السعودي لمحاولة إجبار واشنطن على العمل ضد إيران.

وكما أشارت صحيفة الشرق الاوسط،: “الولايات المتحدة تسعى لإقامة علاقات متميزة مع دول الخليج وإيران في الوقت نفسه.

اليمن يمكن أن يكون وسيلة يائسة للسعوديين للحد من خطر الاتفاق النووي الايراني مع الغرب، ومن المقرر أن ترسو في اليمن في الأيام القادمة سفينة شحن مدنية إيرانية تحمل 2500 طن من المساعدات الإنسانية والفرق الطبية.

السفينة ستمر عبر خليج عدن والبحر الأحمر حيث تنتشر السفن الحربية السعودية والأميركية، وتحت اعين طائرات الـ F-15 السعودية وقد حذرت ايران بعبارات لا لبس فيها من أي تعرض لسفينة مساعدات لان ذلك من شأنه أن يشعل الحرب فايران سترد على أي هجوم.

http://www.informationclearinghouse.info/article41865.htm

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى