مقالات مختارة

ليبرمان ضد قدرة الحكم: موشيه آرنس

عندما أعلن افيغدور ليبرمان، الحاكم المطلق في «إسرائيل بيتنا» في اللحظة الاخيرة بانه لن ينضم إلى الائتلاف الذي اقامه نتنياهو، فرح اليسار. «ليبرمان أجرى لنتنياهو مدرسة»، هتف بعض من المحللين. ولكن عمليا، على مدى كل حياته السياسية، علمنا ليبرمان جميعنا كيف يوقع الاذى بقدرة الحكم وباستقرار الساحة التي على أي حال تعاني من عدم الاستقرار.

لشدة المفارقة، فان ليبرمان، الذي ادعى على مدى السنين بانه مع تحسين قدرة الحكم، حاول الان احباط قدرة الحكم للائتلاف الذي اقامه نتنياهو. ولو كان سبب قراره عدم الانضمام إلى الائتلاف ايديولوجيا لكان جديرا بالتقدير. ولكن منذ البداية أعلن بانه جزء من «المعسكر الوطني»، أقام مع نتنياهو قائمة مشتركة لـ «إسرائيل بيتنا» والليكود في الانتخابات السابقة وفي الانتخابات للكنيست الحالية وعد الناخبين بانه سيؤيد نتنياهو كمرشح لرئاسة الوزراء. اما الان، وتحركه خيبة الامل من انجازاته البائسة في الانتخابات، انتظر حتى اللحظة الاخيرة كي يوقع على الائتلاف ضربة وحشية تستهدف المس باستقرار الحكومة التالية.

في الماضي ادعى ليبرمان بان العلاج لعدم استقرار الساحة السياسية الإسرائيلية هو اتباع طريقة الحكم الرئاسية على النمط الامريكي. طريقة الحكم الامريكية تبدو كاملة لمن لا يعرفها جيدا. الرئيس الامريكي ينتخب لاربع سنوات، يمكنه فيها ظاهرا أن ينفذ سياسته دون عراقيل. والمأزق بين البيت الابيض والكونغرس، الذي يتميز به قسم كبير من فترة ولاية أوباما، يثبت أن ليس الامر على هذا النحو. يحتمل أن يكون ليبرمان يرى امام ناظريه طريقة الحكم الروسية، التي يكون فيها لفلاديمير بوتين حرية للعمل كما يشاء. غير أن ليس في إسرائيل كثيرون يرغبون في تبني هذه الطريقة.

لتحقيق خطته لتعزيز قدرة الحكم، طالب ليبرمان برفع نسبة الحسم. ومثل كثيرين آخرين افترض بسذاجة بان تخفيض عدد الاحزاب الصغيرة في الكنيست سيحسن استقرار الائتلاف، رغم أنه لا يوجد أي دليل ـ نظري او عملي ـ يدعم هذه الفرضية. والضغوطات التي مارسها أدت إلى اقرار القانون، الذي رفع نسبة الحسم إلى 3.25. ولكن، كما تشهد تركيبة الكنيست الحالية، فان القانون لم يساهم في شيء في مدى استقرار حكومة الائتلاف الجديدة. بل العكس، كان تشكيل الائتلاف على ما يبدو اسهل لو كانت نسبة الحسم بقيت كما كانت.

كل هذا يجلبنا إلى السؤال ما الذي يمكن عمله بالفعل لتحسين قدرة حكم حكومة الائتلاف ـ وذلك في اطار الديمقراطية البرلمانية المتبعة عندنا، والتي تسمح، كما ينبغي، بتمثيل نسبي للقطاعات المختلفة في المجتمع الإسرائيلي. ولما كان الناخب في نهاية المطاف هو الذي يقرر، فيجب منحه المحفز كي يفضل انتخاب واحدا من الحزبين الكبيرين. قانون يقرر بان رئيس الحزب الاكبر سيكون اول من يكلف بتشكيل الائتلاف، كفيل بان يوجه الاصوات إلى الحزبين الكبيرين فيزيد بذلك تمثيلهما في الكنيست على حساب الاحزاب الاصغر. ينبغي لهذا القانون أن يبقي بيد الرئيس صلاحية الطلب من نائب آخر اخذ المهامة على عاتقه اذا لم تنجح المحاولة الاولى، وهكذا يمنع المأزق.

ولكن الاهم من ذلك ـ على زعماء الليكود والعمل أن يعملوا على زيادة عدد اعضاء حزبيهما وتعزيز ولائهم للحزب وبالتوازي منع الظاهرة الإسرائيلية البائسة المتمثلة بانتقال رؤساء الاحزاب من حزب إلى آخر.

هآرتس

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى