مقالات مختارة

الافتئات على: الجبهة الشعبية ..وحزب الله .. وإيران…ولوي عنق الحقائق ! د. فايز رشيد

 

نشر الكاتب الفلسطيني المقيم في سوريا سبقا والآن في باريس ماجد كيالي مقالة (النهار 21 نيسان/أبريل الماضي) يفتأت فيها على الجبهة الشعبية وزيارة وفدها الأخير إلى إيران !.يلوي الكاتب أعناق الحقائق كما في معظم مقالاته الأخيرة بحكم مقتضيات مكان إقامته, فهو يتساءل: ما الذي تريده الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين من زيارة وفدها القيادي إلى طهران في هذه الظروف؟ وما الذي يمكن أن يقدمه النظام الإيراني لها؟ ثم ما معنى هذه الزيارة في السياقين العربي والفلسطيني؟.

في إجابته على الأسئلة التي طرحها , يقول الكاتب (بل يحكم!) وكأنه كان عضوا في الوفد!؟ : “بأن الزيارة لن تُقدّم شيئا لجهة التأثير في سياسات طهران الفلسطينية والعربية , والمفارقة : أن الجبهة بدورها لا تستطيع الاستفادة من أي دعم إيراني لها, في المجالين السياسي والعسكري , فلا أوضاعها ولا إمكاناتها ولا الظروف الفلسطينية والعربية تسمح لها بذلك”. الكاتب يعتبر : “أن الزيارة تأتي في الوقت الخطأ ,أي في الظروف التي تُعتبر فيها إيران مسؤولة عن تقويض وحدة المجتمعات العربية بتسعيرها النزعة الطائفية فيها, بين جمهور “السنة” وجمهور “الشيعة”. وأنها(الزيارة) تحصل في ذروة تورط إيران في اندلاع حروب أهلية في عديد من البلدان العربية… الخ”. الكاتب يعتبر أن إيران : تشارك في قتل السوريين دفاعا عن نظام الاسد.. الخ, أن الزيارة تأتي في ظروف لم يعد فيها الصراع مع إسرائيل في الحسبان ,لا بالنسبة لإيران ولا بالنسبة لذراعها المتمثلة بـ “حزب الله” .. الخ,بالتالي لا يوجد سبب للزيارة , لا سيما أن إيران ليست دولة علمانية ولا يسارية بل دولة تخضع لمرجعية “الولي الفقيه” , وطبقة “آيات الله”. ويستطرد.. “إذا كان من المفهوم أن إيران تستغل الزيارة لاستمرار توظيفها لقضية فلسطين, في تغطية سياساتها الإقليمية,فإن الجبهة تدرك أنها لا تستطيع استثمار اي دعم عسكري أو سياسي إيراني.. ما يعني أنها تتصرف هنا بطريقة لا تتساوق مع ادعائاتها التاريخية عن ذاتها, ولا مع نقدها للأطراف الفلسطينية الأخرى , التي تأخذ عليها تأسيس علاقاتها مع الأنظمة بناء على الدعم المالي!”,في ختام (إتحافنا) بآرائه العتيدة .. يخلص كيالي إلى القول : “الجبهة لم تعد تختلف عمن تنتقده”..ويقول ” بئس الزمن الذي باتت فيه الفصائل أهم من فلسطين.. والذي باتت فيه رواتب متفرغيها أهم من شعبها وحقوقه وكرامته”.

بداية, أولا : أنا لا أرد على الكاتب , فالجبهة الشعبية والطرفان المعنيان الآخران اعظم وأكبر بالكثير الكثيرمن الرد على مجرد كاتب يشكك بـ ما أسماه “الإدعاءات التاريخية للجبهة عن ذاتها!” و نقدها لأطرف الفلسطينية. ! ثانيا : أثق تماما بإدراك كافة الفلسطينين والعرب وقسم كبير من الأجانب, وكافة الأنظمة العربية ومعظم دول العالم للجبهة , المُحارَبة فكرا واستراتيجية وممارسة عملية , تحاربها معظم الأنظمة الرسمية العربية والإقليمية والدولية لأنهم يرون في منطلقاتها : خطرا على أهدافهم ومخططاتهم في المنطقة! وكثيرون منهم يضعونها على قائمة “الإرهاب”! . يقول المناضل الراحل الأمين العام الأسبق للحزب الشيوعي اللبناني جورج حاوي : “لقد أعادت الجبهة الشعبية للماركسية وجهها العربي”. الجبهة هي حزب الفقراء بكافة قادتها وكوادرها وأعضائها…بدءا من أمنائها العامين حتى أصغر عضو فيها .. كانت , وهي, وستظل صمّام أمان الثورة الفلسطينية. تتجه بوصلتها حيث تتجه الجماهير الفلسطينية وطموحاتها. منذ انطلاقتها وهي التي تُعتبر امتدادا لحركة مناضلة عريقة تاريخيا: حركة القومين العرب, التي جمعت بين صفوفها مناضلين من المحيط إلى الخليج! حافظت ,وهي, وستظل على :منطلقاتها وخطها السياسي ووفائها لتاريخها ولشهدائها. هكذا استمرت الجبهة الشعبية. استطاعت فور انطلاقتها استقطاب الجماهير الفلسطينية بالشكل الذي باتت تهدد بالتفوق على التنظيم الذي كان الأول في نهاية الستينيات! لذا تآمروا عليها من خلال تغذية بعض الأتجاهات فيها, للانشقاق عنها .. وهذا ما حصل . الجبهة الشعبية مارست الكفاح المسلح قبل كل الآخرين, دون الإعلان عنه, إبان حركة القوميين العرب من خلال الجهاز النضالي للحركة ( شباب الثأر) وفقدت الشهداء ومنهم الشهداء الأبرار: الشهيد المناضل خالد أبو عيشة ,الشهيد المناضل محمد اليماني, الشهيد المناضل رفيق عساف , الأسير المناضل سكران سكران. أثناء عودتهم من عملية في فلسطين المحتلة عام 48, كان ذلك في عام 1964 أي قبل ما هو مؤرخ لانطلاقة الثورة الفلسطينة المسلحة في الزمن الحالي… فشعبنا قام بالعديد من الثورات على مدى تاريخه.

أعضاء الجبهة الشعبية رُحلّوا من مصر و العراق وغيرهما لأن الجبهة لا تهادن نظاما عربيا منذ انطلاقتها ,لا على موقف ولو صغير لها ولا على مبادئها.جورج حبش كان نفسه معتقلا في سوريا وتمكنت الجبهة من إخراجه عنوة وتهريبه إلى لبنان. بعد الترحيل مع تنظيمات الثورة من الأردن والاستقرار في لبنان شكلت الجبهة مسلكية ثورية متميزة (كما في الأردن) في التعامل مع الأحزاب والقوى الوطنية اللبنانية والأهم: مع الجماهير اللبنانية , وانتقدت وقاتلت ضد القوى المتآمرة من أجل تصفية مخيم تل الزعتر ولم تهادن, قاتلت واستشهد مسؤولها العسكري المناضل أبو أمل والعشرات من مقاتليها . الجبهة أعدمت مقاتلا منها لأنه سلب غرضا بسيطا . كان العقاب قاسيا لكنها أرادت تثبيت نهج, وأهل الجنوب في كل مواقعهم ما زالوا يشيدون بالمسلكية الثورية لأعضاء الجبهة.

أما بالنسبة “للزمن الذي باتت فيه الفصائل أهم من فلسطين, والذي باتت فيه رواتب متفرغيها أهم من شعبها وحقوقه وكرامته”.. أردّ باختصار: يدرك الكاتب من خلال علاقته بعضو المكتب السياسي ورئيس تحرير الهدف حينها (الشهيد المناضل صابر محيي الدين)..نعم , الهدف , التي فتحت صدرها للكاتب وبالمكافآت رغم ضيق أحوالها , كذلك ما هو معروف للقاصي والداني عن بساطة حياة أعضاء الجبهة, بدءا من أمينها العام جورج حبش القائد والمفكر الفلسطيني والعربي والأممي حتى أصغرعضو فيها.. بساطة حياة كل منهم وابتعاده عن كافة مظاهر الفخفخة والاستعلاء وكافة المظاهرالأخرى المسيئة. معروف عنهم: التواضع والالتصاق بالناس العاديين!. لو تساءلنا: من هم قادة الجبهة بالمعنى التاريخي:

الأمناء العامون , الأسبق والسابق : القائد المؤسس جورج حبش , الشهيد أبو علي مصطفي الذي اغتاله الصهاينة بثلاثة صواريخ.أما من أعضاء مكتبها السياسي فمنهم الشهيد غسان كنفاني الذي قالت عنه غولدة مائير بعد اغتياله بتفجير سيارته :” بقتله تخلصنا من كتيبة دبابات والآلاف من”المخربين”,  الشهيد محمود الأسود( جيفارا غزة) الذي قال عنه قادة العدو حينها وعن الجبهة : “بانها تسيطر على غزة في الليل, ونحن نحتلها في النهار”,الشهيد وديع حداد المناضل المعروف على النطاق العالمي, الذي دوّخ القوى الإمبريالية والكيان , مخطط العمليات الجريئة الذي رفع شعارالجبهة “وراء العدو في كل مكان”.المناضل أبو ماهر اليماني الذي تعرفه لبنان عن بكرة أبيها بمخيماتها الفلسطينية ,هذا الذي يعتبر الضميرالطاهر والنقي للثورة الفلسطينية, وغيرهم من المناضلين المعروفين الأحياء..أمد الله في أعمارهم. أما الأمين العام الحالي القائد أحمد سعادات فهو المحكوم بثلاثين عاما,( بعد اغتيال الجبهة للفاشي الوزير زئيفي ردا على اغتيال أبي على مصطفى), وقد اعتقلته السلطة ورفاقه وأودعتهم سجن أريحا إلى أن اختطفهم الكيان. أما نائب الأمين العام فهوالقائد التاريخي المناضل أبو أحمد فؤاد الذي تدرج في مناصبه وبخاصة العسكريةوقيادة قوات الجبهة.. وصولا إلى منصب نائب الأمين العام… هؤلاء هم وغيرهم نماذج من أعضاء مكتبها السياسي وقيادتها الحالية.

أذكر كلمات قالها القائد جورج حبش : “السلطة تنبع من فوهات البنادق”, “الثورة الفلسطينية قامت لتحقيق المستحيل لا الممكن” .”أنا إسلامي التربية ,مسيحي الديانة, اشتراكي الانتماء”. تكفي الكتابة عن (أبو) علي مصطفى بالقليل مما ردده في حياته : على جسر العودة إلى فلسطين نَطقَ جملته الشهيرة: “جئنا لنقاوم لا لنساوم” وهذا ما مثّله عمليا . في الدورة الرابعة عشرة للمجلس الوطني الفلسطيني التي عُقدت في دمشق عام 1979 .. ألقى القائد أبو علي كلمة الجبهة الشعبية.. وأراد الرد على جوقة المادحين لها (من الذين تآمروا عليها فيما بعد) قائلا : “إذا قاتلت سوريا ,العدوالصهيوني .. سنقاتل معها, وإذا خانت سوريا سنقاتلها”, كان ذلك في قلب دمشق وأما ممثل النظام السوري. هذه باختصار الجبهة الشعبية وقادتها سابقا, وهي الآن وستظل لاحقا على نفس النهج. الجبهة التي أرست في الساحتين الفلسطينية والعربية : مراجعة التجربة النضالية بين الفينة والأخرى من خلال نقد الذات في المواقف الخطأ علنا وببيانات جماهيرية, ترسيخ الديموقراطية الحزبية , المحاسبة , المزاوجة بين الفكر والخط السياسي والممارسة العملية, الانتماء لفلسطين قبل التنظيم , تحرير كامل التراب الفلسطيني,إقامة الدولة الديموقراطية على كامل الوطن الفلسطيني . الاستقالة الطوعية للقادة من مناصبهم :الأمين العام جورج حبش… إلى العديدين من المكتب السياسي واللجنة المركزية.. ذلك لإتاحة المجال للكفاءات الجديدة من جيل الشباب. الجبهة تحرص على التجديد الدائم.

الجبهة رفضت اتفاقيات أوسلو وتوابعها : كإنشاء السلطة وعدم المشاركة فيها. رفضت من قبل: اتفاقية كمب ديفيد, ومن بعد اتفاقية وادي عربة,. من مبادىء الجبهة: عدم المهادنة مع أصحاب النهج التفريطي , النضال ضد سياسة الاستئثار والهيمنة والإقصاء من قبل البعض من التنظيمات الفلسطينية, وقبل كل شيء :الاستمرار ومواصلة قتال العدو واستمرار الصراع ورفض أية هدنة معه. الموقف المبدئي الرافض للصراعات المذهبية, والطائفية , والإثنية في الوطن العربي, الربط بين الخاص الوطني والعام القومي , تعزيز العلاقة مع كافة القوى الديموقراطية على الصعيد العالمي.تحديد معسكر القوى الصديقة والحليفة, تحديد معسكر الأعداء. الجبهة اعتبرت أن : حق العودة , وتقرير المصير وإقامة الدولة الفلسطينية كاملة السيادة على كل الأراضي المحتلة عام 1967 هو حل مرحلي على طريق استعادة وتحرير كامل فلسطين وإنشاء الدولة الديموقراطية, إنشاء الجبهة الوطنية الفلسطينية العريضة على قاعدة الوحدة الوطنية على الأسس الثابتة لحقوق شعبنا الفلسطيني,إنشاء الجبهة العربية المساندة للثورة, تعزيز التلاحم مع حركات المقاومة العربية والعالمية والقوى الديموقراطية والتقدمية والاشتراكية على الساحة الدولية, تغليب مبدأ القانون الجدلي الدياليكتيكي: الوحدة وصراع الأضداد والمتمثل في …, وحدة ,صراع, وحدة في التعامل مع فصائل منظمة التحرير, عدم التفريط بالأهداف الوطنية للشعب الفلسطيني. م. ت. ف . هي مُنجز شعبي فلسطيني يتوجب المحافظة عليها على أساس: إصلاحها بكافة مؤسساتها على قاعدة المراجعة الفلسطينية النقدية الشاملة.

الجبهة في علاقاتها العربية والدولية اتخذت مبادىء.. عناوين رئيسية : موقف هذه الدولة أو تلك من القضية الفلسطينية ,عدم المساومة على مواقفها وأهدافها, ومدى توافق هذه الدولة أو تلك مع هذه الأهداف. لذا حتى فترة امتدت طويلا بعد الإنطلاقة.. جرى اعتبارها من قبل الاتحاد السوفياتي والدول الاشتراكية والعديد من الأحزاب الشيوعية العالمية, ذات توجه صيني! استمر ذلك إلى أن فهمت تلك الدول وامتداداتها على الساحة العربية, وأدركت الحقيقة الناصعة: أن الجبهة الشعبية ذات منطلقات وأهداف وسياسات فلسطينية بامتياز.وأنها ذات نهج عملي لا يساوم ولا يهادن وغير قابل للضغوطات, لا السياسية ولا المالية ولا الفكرية في الإحادة ولا لبعض التغيير حتى القليل في / عن مواقفها الثابتة… أدركت كل الأطراف الأخرى: أنها تنظيم لايسعى لغير أهداف الشعب الفلسطيني وطموحاته. هذه هي أسس علاقة الجبهة مع أي طرف.

. بالنسبة لعلاقة الجبهة الشعبية مع ايران جاءت وهي ستظل في ذات السياق . لقد كانت إيران في زمن الشاه مزرعة للمخابرات الصهيونية والمركزية الأمريكية وللغرب عموما!ألا يذكر الكاتب كيالي احتفالات الشاه الخرافية بذكرى مرور 2500 عاما على قيام المملكة الفارسية؟ كان ذلك في عام 1971؟ ألا يذكر فظائع السافاك ضد الشعب الإيراني؟ألا يذكر معدلات: الفقر, الجوع , الحرمان الاستعباد التي كانت عناوين رئيسية لمسلكية الشاه ضد الشعب لإيراني!؟ . الثورة قامت على كل هذه الموبقات, عام 1979. كان أول قراراتها : طرد الإسرائيليين وإغلاق سفارتهم في طهران وإهداء مبناها للفلسطينيين لإقامة سفارتهم فيها. كل ذلك من التاريخ القريب.. فهل نسي كيالي!؟. مواقف ايران الاستراتيجية من الكيان معروفة ولا داعي لتكرارها!.

بالنسبة لـ “حزب الله” فهو ليس ذراعا لإيران في لبنان ! هو حزب عربي بامتياز…. ولو لم يكن حزب الله موجوداً , لكان على لبنان والأمة العربية برمتها إنشاء هذا الحزب, الذي لا يزال يتعرض من بعض الأقلام وأجهزة الإعلام الحاقدة لحملة شرسة واتهامات تحريضية تجعل منه حزباً(شيطانياً) ليس إلاّ!الفارق كبير بين نقد موضوعي يوجه إلى الحزب حول بعض مواقفه السياسية, وبطريقة بعيدة عن الإساءة والتجريح،وبين السباب والشتيمة،واتهامه(بالتنسيق مع أعداء الأمة العربية) وكأنه(محتل للعديد من العواصم العربية)وكأنه يقف عثرة في طريق تحرير فلسطين،وكأنه حزب(يمارس بلطجةً على الآخرين)! وأنه (ذراع لإيران في المنطقة). ما يجري هو شتم من أجل الشتم وبعيد كل البعد عن الحقيقة والموضوعية , يتم بطريقة تنم عن الحقد أكثر منها انتقادا لمواقف!, يتم بطرق هدفها : حرف اتجاه الحقائق ولوي أعناقها , وتوريتها بالأضاليل الزائفة! وعن مواقف دوغمائية مسبقة يتقن ويدرك أصحاب الأجندة .. الجهات التي تقف وراءها ! لقد انطلق الحزب متبنيا مقاومة العدو الصهيوني وتحرير كامل التراب الفلسطيني وتحرير مزارع شبعا… وهو يتبنى شعار إزالة الكيان.

الحزب سند استراتيجي للعرب والمسلمين للأسباب التالية :أنه كسر مبدأ صهيونياً : “في نقل المعركة إلى أرض العدو”. لقد ساعد الحزب ويساعد حركات المقاومة الفلسطينية بلا تحفظ. أنه وصل إلى حالة توازن في الردع مع العدو الصهيوني , والذي لولا خشيته من مقاومة و صواريخ حزب الله , لقام بحرث لبنان من شماله إلى جنوبه , ولجعل من لبنان مزرعة له. لأنه تبنى استراتيجية واضحة في رؤية المشروع الصهيوني في فلسطين والمنطقة ,من خلال معادلة :أن لا سلام مع إسرائيل , وأن الحل الاستراتيجي يتمثل في تدمير مشروعها الصهيوني , واجتثاثها من عموم الأرض العربية. لأن الحزب استطاع وبوضوح شديد المزج بين توجهه الديني(باعتباره حزباً إسلامياً , ليس لطائفة أو مذهب إسلامي دون آخر،وإنما لاعتبارات جغرفية – ديموغرافية بحتة ,استقطب الإخوة الشيعة فأصبحت غالبية أعضائه منهم) وبين العروبة, فهو يصر على إيضاح وجهه الثاني والتأكيد عليه في كل مناسبة. لأنه استطاع أن يعيد إلى الأذهان:حقيقة موقف الدين الإسلامي من الأعداء:قتالهم والاستعداد لهم(وأعدّوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم)وليس الدين الذي يحوّره البعض بقصد استغلاله لأهداف سياسية , كما سوّغ العديدون من الفقهاء للسادات عقده للصلح مع الكيان الصهيوني في اتفاقية العار في كمب ديفيد.لأن الحزب زاوج بين الاعتقاد النظري والممارسة العملية , فلم يُبق قتال العدو الصهيوني قضية نظرية, فكم وقف الحزب في سنوات عمره القليلة وخاض معارك قتالية شرسة مع القوات الصهيونية الغازية، وبخاصة في تحرير الجنوب عام 2000 وفي التصدي للعدو في حربه على لبنان عام 2006 .لأن الحزب مارس الشفافية والصدق التام في أدبياته, فلم يسبق له وأن أطعم نفسه بطولات لم يمارسها , ولم يخلف ما كان يوعِد به وثأر لشهدائه وللشهيد عماد مغنية.بالنسبة للموقف من الكيان. بالنسبة للصراع في سوريا … وقف الحزب وما يزال دفاعاً عن حليفه الاستراتيجي بعد اتضاح حقيقة المؤامرة الدولية الكونية ضد سوريا! وبعد التدخل العملي للعديد من الدولي في الشأن السوري ورعايتها للتنظيمات التكفيرية الإرهابية.. فهل يجوز لكل أولئك المأجورين التدخل في سوريا , وممنوع على الحزب وإيران وروسيا الوقوف إلى جانب الحليف الإستراتيجي للحزب, والذي لولاه… لما دخل صاروخ واحد إلى الحزب, حتى ليدافع به عن نفسه, وليس هدف إفشال المخططات الصهيونية, بل الانتصار عليها!؟..

غريب أن الكاتب الفلسطيني المعني لا يُلقي بالا للمؤامرات التاريخية ! منذ بداية التاريخ الحديث حتى اليوم على الوطن العربي؟ بالرغم من إقامته في إحدى عواصم حياكتها!:نعم .. المؤامرات الغربية منها بزعامة الولايات المتحدة والصهيونية وعموم الغرب والكيان,والأخرى الإقليمية والعربية ودورالرجعيات المحلية فيها ,ووسائلها وأدواتها مثل “داعش” و “النصرة” ,ومعارضة فنادق السبع نجوم المستريحة في أجواء العواصم الغربية والتي تنقل الولاءات من سيّد لآخر, والمتلقية للدعم المالي من الأسياد المخططين!”معارضة آخر زمن” للنظام السوري؟! . اليمن لم يخض حربا على السعودية ولاعلى أيّة دولة من دول الخليج! السعودية هي التي قادت تحالفا لإعلان الحرب علية وهي التي حاربته ست مرات , ابتداءا من عام 1926 مرورا بثورة السلال وصولا إلى ما سمي بـ “عاصفة الحزم”!. التي بالمعنى الفعلي لم تحقق أيا من أهدافها.

هيلاري كلينتون كانت واضحة في مذكراتها الصادرة في عام 2014 بعنوان : الخيارات الصعبة( Hard Choices) ذكرت : أن الولايات المتحدة هي التي أنشأت داعش ( حتى لو أثيرت ضجة زائفة : أن المذكرات لا تحتوي ذلك!). ما يؤكد هذه المسألة أيضا:البروفيسور الكندي ميشيل شوسودوفسكي في ورقة بحثه القيّم بعنوان”جذور داعش” , وثيقة للاستخبارات الروسية نشرتها وتبيّن: أصل البغدادي وتدريبه علي أيدي الموساد ومهمته في إثارة الحرب بين السنة والشيعة , وبخاصة في الدول العربية القريبة من إسرائيل ,والعمل الحثيث لتقسيمها إلى دويلات طائفية,مذهبية وإثنية.. أيضا :ما كشفه الموظف السابق في وكالة المخابرات المركزية إدوارد سنودن ,الذي هرب من الـ C.I.Aوالمتواجد حاليا في موسكو , من معلومات نشرها موقع “انتر سيبت” The Intercept وبيّن أن: البغدادي هو صنيعة ثلاث أجهزة استخبارات : C.I.A,الموساد , والاستخبارات البريطانية, وتحديدا جهازها:M16,وأن تدريبه جرى في سنوات اعتقاله في غوانتانامو بين الأعوام 2004-2009 وأن الخطة التي أعدت له ويجري تنفيذها حاليا سميّت بـ “عش الدبابير”, وهدفها العام : أنه وبناءا على حاجة إسرائيلية , فإن إحدى وسائل حماية إسرائيل تتمثل في:خلق الصراعات الطائفية والمذهبية في الدول العربية وبخاصة الدول المحاذية لحدودها , أو التي قد تشكل خطرا مستقبليا عليها . صراعات تؤدي إلى تفتيت هذه الدول إلى دويلات متحاربة ( خطة الصهيوني الأمريكي برنارد لويس ,التي أعدها عام 1976).

من الشواهد واتساؤلات المشروعة التي تصب في التحليل السابق: إنشاء الولايات المتحدة, “للقاعدة” في أفغانستان لمحاربة ما سمي ب “الاحتلال السوفياتي” لها. أقامت C.I.A معسكرات تدريب في باكستان وجنّدت خلال عشر سنوات (1982-1992) قرابة 40 ألف (جهادي) من 43 دولة إسلامية للقتال في أفغانستان.داعش والنصرة بالمعنى الفعلي هما فرعين للقاعدة. كان حلف شمال الأطلسي (NATO والقيادة العليا التركية) المسؤلان عن تجنيد مرتزقة “داعش” و “النصرة” في بداية الأحداث السورية . وجود قوات خاصة وعملاء غربيين في صفوف “داعش” حتى اللحظة , ولذلك تقوم بذبح كل من يفكر بالهرب منهم, خوفا من أن يقوم بكشف حقيقته…وغير ذلك من الشواهد !.من القضايا المشروعة للتساؤل أيضا : عدم قيام “داعش” وحليفتها “النصرة”ولا من يتكأون عليهما لتنفيذ المخططات… منذ إنشائهما وحتى اللحظة بعملية واحدة ضد إسرائيل . حرص تركيا على تمرير كافة التسهيلات للتنظيمين :أموال ,أسلحة , مقاتلين وغير ذلك . التنظيمان يعالجان عددا كبير من جرحاهما وجرحى المعارضة التي يدافع عنها كيالي في المستشفيات الإسرائيلية ,ولقد سبق وأن بث الإعلام الإسرائيلي ريبورتاجا عن زيارة نتنياهو ووزير الصحة في حكومته (السابقة) , لجرحاهم ,ثم هذا التواجد العلني لهذه الأطراف في الجولان والمسكوت عنه إسرائيليا. التوافق بين الأساليب الصهيونية ونهج التنظيمين. الإطمئنان الإسرائيلي لتواجد التنظيمين على الحدود المجاورة لفلسطين المغتصبة.

لقد تبنت الولايات المتحدة ,مشروع التقسيم الذي تبناه الكونغرس الأمريكي عام 1984 , وقد طبقته المخابرات المركزية في كل من سوريا, والعراق وغيرهما (لقد سبق وأن تحدثت عن واضعه برنارد لويس). المشروع يهدف إلى تقسيم الدول العربية المناوئة من أجل خدمة أمن ومستقبل الكيان . لم يكن لويس, الأوحد في طرح المشروع ,فقد لحقه الأمريكي “رالف بيتر” وقد طرح التقسيم في مقالة له عام 2006 بعنوان”حدود الدم”, مخططات داعش تصب في نفس الإتجاه وإن حاول التستر بالإسلام وبدولة الخلافة. دعونا نتذكر ما اعتبرته الاستراتيجية الأمريكية والغربية والصهيونية : “عدوا جديدا” للحضارة الغربية وللرأس مال المالي العالمي, كان ذلك مباشرة بعد انهيار الاتحاد السوفياتي ودول المنظومة الأشتراكية , وانتهاء الحرب الباردة … اعتبروا أن ا”لإسلام المقاتل” هو العدو الجديد ……. ما يمارسه داعش يصب في ذات الاتجاه الاستراتيجي!.أخيرا لا آخرا:إن كل الغارات الأمريكية بالمعنى الفعلي تسفر عن تدمير البنية التحتية لكل من الدولتين العربيتين:سوريا والعراق ولا تلحق أية أضرار بـ “داعش” و “النصرة”.. كذلك هو الحال مع “عاصفة الحزم” على اليمن. إن حركة “أنصار الله” هي حركة شعبية تضم كافة شرائح الشعب اليمني.

بالنسبة للكاتب المعني ,ومواقفه المعلنة واتجاهه السياسي الجديد , فإن عناوين بعض مقالاته, تدلل علىنمط اتجاهه الحالي, من هذه العناوين: “صعود وأفول حزب الله – الجمهورية لدراسات الثورة السورية, 6 مايو 2013”. “المصير التراجيدي للمقاومة والممانعة”- موقع عروبة , 9 نوفمبر 2012″. “افتراءات نصر الله- شبكة أخبار العراق ” . “السيطرة على صنعاء لا تعني السيطرة على اليمن- شبكة أخبار العراق”. وهكذا دواليك. أترك للقاريء التعليق على صحة ما أورده كيالي من افتراءات.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى