مقالات مختارة

سكرة الموت: آري شافيت

 

في نظرة ثالثة ورابعة يتبين أن نتائج الانتخابات الاخيرة كانت خطيرة اقل مما كان يخيل في النظرة الاولى والثانية. النبأ الطيب رقم 1: نفتالي بينيت فقد ثلث قوته بالفعل وثلثي قوته بالقوة، ضمن أمور اخرى لان حزبه اعتبر كمن يخاف المثلية، وفي اسرائيل الجديدة لا يمكن لاحد أن يكون لامعا ويخاف المثلية في نفس الوقت. النبأ الطيب رقم 2: أفيغدور ليبرمان فقد ثلثي قوته التاريخية لان الناطقين بالروسية الشباب لم يعودوا يريدون أن تكون هنا سياسة روسيا البيضاء بل سياسة كاليفورنيا.

النبأ الطيب رقم 3: موشيه فايغلين طار من الليكود، وايلي يشاي لم يدخل إلى الكنيست لانه خلافا لاوروبا (المتنورة؟)، فان اسرائيل (الظلماء؟) ترفض مرشحين وترفض احزابا تعتبر ذات طابع عنصري صرف. النبأ الطيب رقم 4: أيمن عودة نجح في أن يجلب إلى العالم حزبا عربيا موحدا وكبيرا، لانه في الدولة اليهودية الديمقراطية يمكن للمواطنين والمواطنات العرب ان يفعلوا ما يمكنهم أن يفعلوه في معظم الدول العربية: ان ينتخبوا ويُنتخبوا بشكل حر.

النبأ الطيب رقم 5: المعسكر الوطني ـ القومي المتطرف المصفى حظي على الاقل بثلث الاصوات، والمعسكر الاصولي المنشق حظي باقل بكثير من عشر الاصوات بحيث أن الاغلبية في اسرائيل على ما يبدو لا تزال اغلبية لا يزال يمكن الحوار معها وربما لا يزال ممكن البناء معها ـ او انقاذ ـ الدولة.

على كل هذه الانباء الطيبة في انتخابات 2015 غطى نبا ساحق واحد: الانتصار الشخصي العظيم والذي لا جدال فيه لبنيامين نتنياهو على الائتلاف الإعلامي الواسع الذي قام عليه لافنائه. ولكن ستة اسابيع فقط بعد ليلة الصدمة في 17 اذار، فان هذا النبأ الوحيد تقادم، هزل وفقد مفعوله.

مخاض الولادة العسيرة للحكومة الـ 34 يثبت بما لا يرتقي اليه الشك بان الملك بيبي ليس ملكا، الملكة سارة ليست ملكة ومملكة نتنياهو الرابعة ليست مملكة. ففي نهاية المطاف كل شيء هنا متهالك وهش ومؤقت. كل شيء هنا هراء تافه. البلدة الاسرائيلية البائسة هي بلدة البيع والشراء والشراء والبيع، وكل شيء شخصي.

مشكلة قدرة الحكم؟ غياب تام لقدرة الحكم. ضعف شرطي؟ فراغ شرطي. ثقافتنا السياسية هي ثقافة مريضة، لا تسمح بترجمة ارادة الشعب إلى حكم شعب مستقر ومؤدٍ لمهامه يسعى إلى افق ما من الامل.

واضح أن قسما هاما مما فكرنا به ومما أمليناه قبل وقت قصير كان مدحوضا. فليس صحيحا أن اسرائيل توجهت بشكل حاد إلى اليمين. ليس صحيحا ان نتنياهو هو الان حاكما فرديا. ولكن من جهة اخرى، فان الوضع الذي لا يكون فيه (مرة اخرى) ملك في اسرائيل هو وضع مخيف. وضع انعدام استقرار حاد هو وضع مروع. ومثلما سارت الامور في اثناء ولاية الحكومة السابقة ومثلما تسير الامور الان ـ فلا يمكن ان يدار هنا أي شيء.

هكذا لا يمكن صنع السلام وهكذا لا يمكن الصمود في الحرب. هكذا لا يمكن احداث ثورة اجتماعية، ولكن هكذا ايضا لا يمكن ضمان نمو اقتصادي. الساحة السياسية المتدهورة عندنا تدهورت أكثر فأكثر وعلقت في وضع من فقدان السيطرة.

الاستنتاج واضح: الوسط. اسرائيل بحاجة كالهواء للتنفس إلى وسط سوي العقل، مناسب وقوي. ولما كان المجتمع الاسرائيلي ليس متطرفا بهذا القدر ـ فان بلورة الوسط الجديد ممكنة. ولما كانت الدولة الاسرائيلية توجد في وضع متأزم ـ فان بلورة الوسط الجديد حيوية.

ان المسيرة الحزبية البائسة التي تنتج الان حكومة بائسة يجب ان تكون الاخيرة من نوعها. فلم تعد هذه مزحة سيئة. هذا خطر على الارواح.

هآرتس

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى