مقالات مختارة

كل الخيارات على الطاولة : بن كسبيت

 

لقد أدخل افيغدور ليبرمان أول أمس المنظومة السياسية في دوران فريد. فجأة كل شيء بدا مفتوحا. فجأة كل شيء بدا ممكنا. بنيامين نتنياهو تحول خلال دقائق معدودة من قيصر يمكنه القيام بكل شيء إلى بطة عرجاء. موجة من الفرح العارم غمرت المنظومة السياسية ولم تستثنِ أحدا، باستثناء نتنياهو وزوجته. الجميع كان مسرورا. نعم، ايضا العديد في الليكود. مرشحون من قبل انفسهم لخلافة نتنياهو بدأوا في حياكة السيناريوهات وفي رفع الهواتف. أي شيء لم يبدُ خياليا نظرا لأن ليبرمان يمقت نتنياهو، ودرعي لا يطيقه، وكحلون لا يثق به، ولم نتحدث بعد عن الاهانات والعناء التي عانى منها نفتالي بينيت (حتى أول أمس)، أي احتمال لم يتم رفضه تماما.

هاكم مثالا: اسحق هرتسوغ تحدث أمس مع رجل بينيت القوي، شالوم شلومو، حول: لماذا لا نتعاون، وربما حتى نعقد تحالفا سياسيا؟ نعم، ما سمعتموه هو الحقيقة. هرتسوغ لم ينفِ هذا النبأ أمس ولكنه طلب وضعه في السياق: أنا أتحدث مع الجميع كل يوم، اعترف هرتسوغ. نعم، ايضا مع بينيت ومع شالوم شلومو.

أفكار في الـ «واتس آب»

حركة العمل والصهيونية الدينية هما حركتان تاريخيتان عرفتا كيف تعملان معا سنوات طويلة. أنا لا أرفض أي شيء رفضا قاطعا.

وكذلك في مجموعة «واتس آب» لرؤساء السلطات المحلية من حزب العمل طرحت أمس صباحا هذه الفكرة من قبل أحد المشاركين (اسمه محفوظ في هيئة التحرير حفاظا على سلامته الشخصية). «لا يجب الخوف من التعاون مع بينيت»، كتب ذلك الشخص. «اربعون سنة كان العمل ممتازا». اذا ماذا قصد هرتسوغ؟ كان يقصد محاولة اقامة «حكومة اجتماعية» بحيث يتم دفع الموضوع السياسي عمدا إلى الزاوية لصالح اصلاحات اجتماعية وغيرها. إن احتمالات نجاح خطوة كهذه تقارب الصفر. ولكن الآن علينا التخلص من بيبي، اذا ما السيء في الامر؟.

نعم في وضع كهذا حتى هرتسوغ عرض على بينيت حلفا سياسيا الامر الذي يبين أن كل الخيارات كانت موضوعة على الطاولة. في وقت كتابة هذه الكلمات يجلس شالوم شلومو مع المحامي ديفيد شومرون، المندوب المتعرق لنتنياهو. شلومو يطلب حقيبة العدل لاييلت شكيد. لو كان طلب كهذا قد طرح قبل يوم ونصف، لكان شومرون انفجر من الضحك. أمس مساء الامر الوحيد الذي كان شومرون يستطيع عمله هو أن ينفجر ويأمل ألا يكون الطلب القادم تعيين شالوم شلومو نفسه في منصب المستشار القانوني للحكومة القادمة.

بنيامين نتنياهو اقتنع في اليوم التالي للانتخابات من قبل المحللين السياسيين بأن اقامة حكومته الرابعة ستكون عملية سهلة مثل «سكين في الزبدة». الآن السكين مغروسة في ظهره والزبدة مسكوبة على جبهته، أمام الشمس المتقدة. كل هذا يمكن أن يسجله ليبرمان لصالحه، ما يعني أن أمس كان يوما غير سيئا له.

هذه قصة عن الزعامة. نتنياهو جنرال بدون جنود، ولنكون منطقيين يجب علينا أن نذكر أنه كان له ناخبين. لقد جلب 30 مقعدا، استخدم وسائل مرفوضة ومكيافيلية لكن هذه لا يتم احتسابها في صناديق الانتخابات أما المقاعد فنعم. مشكلة بيبي هي أنه في المنظومة السياسية فانه مكروه إلى درجة رهيبة والجميع، ما عداه، يتمنون اختفاءه. هذه بداية اشكالية لمن ينوي اقامة حكومة 61 نائبا.

نتنياهو زرع المطر ويحصد العاصفة. السرعة الكبيرة جدا التي تميزه مدعومة بـ 30 مقعدا مفاجئا، أدت به إلى اهانة الجميع وأن يأخذ وقته في أن يبدأ في تصديق أن ما يسمعه من زوجته وما تسمعه منه في المقابل هو امور الهية. وبهذا قال له افيغدور ليبرمان أول أمس: إلى هنا، يكفي.

لقاءات عصيبة

لقد تساءل البعض أمس كيف يمكن أن يحدث أن نفتالي بينيت قد تحول بين عشية وضحاها إلى شخص يحدد المصير السياسي لبنيامين نتنياهو. فقبل أن يستقيل ليبرمان لم يكن لنتنياهو حكومة بدون بينيت. اذا ماذا تغير في الحقيقة هنا؟ ومع ذلك تغير هنا أمر بسيط: افيغدور ليبرمان مهد الطريق. بينيت لم يكن بامكانه أن يكون الاول الذي يرجم نتنياهو بالحجارة.

هو ليس ناضجا حتى الآن بما يكفي لخطوة كهذه. لديه ناخبين، لديه جمهور، لديه ايديولوجيا ومسؤولية. ولكن في اللحظة التي فيها ليبرمان، الذي لا يوجد أحد يعرف نتنياهو اكثر منه في نصف الكرة الشرق اوسطية، غرس سكينه، فقد استبيح بذلك الدم السياسي لنتنياهو. ليس على بينيت القفز اولا إلى الماء أو أن يقيم رأس جسر. ولكن فقط أن يسير مع ليبرمان.

أمس أجريت لقاءات عصيبة ومكثفة بين الجميع مع الجميع، بهدف ايجاد وسيلة تُمكن نتنياهو من النزول عن المنصة، ويتولى المعسكر الصهيوني تشكيل الحكومة.

خطوة كهذه ستمكن بينيت من النظر في عيون ناخبيه والاعلان عن الفوز. بالمناسبة، لا يدور الحديث عن عملية معقدة. يجب انتخاب مرشح بديل من الليكود، تجنيد موافقة بينيت ودرعي وليبرمان وعدم الانضمام إلى ائتلاف نتنياهو. وكل ما تبقى سيحدث لوحده.

هل سيكون لنفتالي بينيت القوة للمضي في هذا الطريق؟ أنا لدي شك كبير في ذلك. نعم هذه حالة مجنونة، حيث يحتفظ فيها بينيت حتى منتصف هذه الليلة بالحياة السياسية لنتنياهو في جيبه.

من الجانب الآخر، في مكان ما عميقا في الداخل، بينيت يشجع نتنياهو. هل يمكن أن يتحول إلى بروتوس؟ كما يبدو لا. وإن كان كما خبرنا في هذا المكان المجنون كل شيء ممكن.

اذا ظننتم أن موشيه كحلون لم يكن يعرف عن هذه الاتصالات، فأنتم مخطئون. يوم طويل ومرهق ومليء بالمشكلات المستعصية مر أمس على كحلون. فهو يعرف أن حكومة 61 لبيبي ستكون اكثر من أي شيء آخر، حكومة دفنه. كل العالم، مستشاره ونائبه، تحدثوا معه أمس وضغطوا عليه من اجل قطع الخيوط وتخريب العرس على نتنياهو.

كحلون تألم. من بين المحيطين به هناك عدد لا بأس به من الاشخاص المقتنعين بأن الحكومة المتبلورة ستكون شركا مميتا لموشيه كحلون. ومع ذلك فقد تعهد لبيبي. لقد أعطى كلمة ووقع. ماذا سيفعل الآن؟ نفس المعضلة، وإن كانت أقل اشتعالا، كانت ايضا لاريه درعي. كل واحد من هذين السيدين كان مستعدا لأن يفعل كل شيء من اجل أن يقوم شخص آخر، وليس هو بغرس المسمار الاخير في نعش نتنياهو.

درعي ضغط على كحلون الذي ضغط على درعي. وكلاهما تحدثا مع بينيت، وكلهم ضغطوا على كلهم، ومن ضغط اكثر من الجميع هو نتنياهو. السطر الاخير: معظم الاحتمالات أنه في هذه الليلة سيقوم بابلاغ رئيس الدولة أن لديه حكومة. هذه الحكومة كان يتمناها لاعدائه.

معاريف

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى