مقالات مختارة

الصمت الصهيوني على الغارات: تخوفٌ من الردّ عامر نعيم الياس

 

كثّفت الطائرات الصهيونية غاراتها على سورية، فخلال الأسبوع الأخير شنّت طائرات الاحتلال عدّة غارات على مقرات للجيش السوري، وما قيل إنه شحنات أسلحة متجهة إلى حزب الله، كما استهدفت الصواريخ الصهيونية مقاومين سوريين أربعة كانوا على الشريط الحدودي الفاصل بين الجولان المحتل والجزء المحرر منه.

المنظمات غير الحكومية والمصادر المعارضة للدولة السورية والمتحالفة مع العدو الصهيوني تولّت نقل أخبار الغارات في ظل صمتٍ صهيوني رسمي، إذ لم يصدر أي تعليق عن رئيس الحكومة الصهيونية بنيامين نتنياهو ووزير حربه موشيه يعالون، فما الهدف من ذلك؟

التصعيد الصهيوني الأخير في جنوب سورية وفي منطقة الحدود اللبنانية ـ السورية جاء متزامناً مع إطلاق الهجوم التركي على شمال سورية وسط صمت دولي ـ إقليمي عن هذا الهجوم، وصمتٍ رسمي تركي عن تبنّي ما يجري في شمال غرب سورية وتحديداً في محافظة إدلب، ومن الواضح هنا أن الصمت الرسمي لأنقرة و«تل أبيب» يلتقي في جزء منه عند حيثية المناخ السائد لدى محور المقاومة وتحديداً إيران التي تحاول في الآونة الحالية تلافي أي تصعيدٍ مباشر في ساحات النزال المتعددة مع الغرب في المنطقة والتي تمثّل سورية أهمها، ولم يعد خافياً أن هذا الصمت وعدم الرغبة في التصعيد يرتبط بشكل مباشر بملف التفاوض بين إيران والدول الست الكبرى حول النووي الإيراني.

لكن ما يمّز الصمت الصهيوني عن التركي أمران أساسيان:

الأول، الاستراتيجية «الإسرائيلية» في إدارة غارات من هذا النوع، او بالأحرى عمليات اعتداء على المحور المعادي لها، والتي يمكن أن يطلق عليها «عدم التبني» للعدوان متّبعة في سورية تحديداً منذ السادس من كانون الثاني عام 2007 عندما شنّت الطائرات الحربية الصهيونية هجوماً على ما اصطلح عنه في الماكينة الإعلامية الغربية أنه «مفاعل نووي سوري» في محافظة دير الزور، واستمرت في غالبية ادعاءاتها حتى يومنا هذا.

الثاني، عدم الرغبة الصهيونية في تفجير المنطقة والدخول في مواجهة مباشرة مع دمشق وحلفائها في هذا التوقيت، والاكتفاء بمنع تقدم الجيش السوري والقوات الرديفة في مثلث ريف دمشق القنيطرة درعا، فضلاً عن القلق الصهيوني المتزايد من «المقاومة الشعبية» في الجولان والتي اندرج تبرير عملية اغتيال كوادر من حزب الله والحرس الثوري الإيراني في سورية في سياقها، بعد أن تمَّ الكشف عن العملية من قبل حزب الله، وهو ما استوجب الرد الذي امتصته الحكومة الصهيونية مرغمة، وفي هذا السياق تقول المراسلة العسكرية كارميلا ميناش «إذا تبنت إسرائيل هذه العمليات العسكرية، ستفرض على نظام دمشق وحزب الله الرد المؤلم، وبالتالي ستدخل المنطقة في دوامة عنف، لا تريدها لا تل أبيب، ولا دمشق، ولا حزب الله».

خلال الأيام الخمسة الأخيرة شنّت الطائرات الحربية الصهيونية غارات على سورية تعادل مجموع الغارات التي شنّتها على امتداد عام 2014، وهو ما يرتّب بدوره خسائر متزايدة في الأرواح في الجانب السوري، هاجمت ألوية نخبة مسؤولة عن السلاح الاستراتيجي الصاروخي السوري، وحاولت إحباط تجربة المقاومة الشعبية في سورية عبر عملائها على الأرض، لكنها تعي أن هذه الهجمات لن تؤثر لا على قدرة الردع السورية، ولا على تجربة المقاومة الشعبية التي يبدو أنها بدأت بالجانب العملي المقاوم، لكن صمتها وإن كان يستند إلى صمت المعتدى عليهم بالدرجة الأولى، إلا أنه يعكس مأزقها في مواجهة الإعلان المتوقع في اللحظة المناسبة عن الاعتداءات الصهيونية.

(البناء)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى