مقالات مختارة

الجرح العِرقي ما زال مفتوحا: ابراهام بن تسفي

 

بالضبط قبل 23 سنة، في 29 نيسان 1992، ألقيت ظلال ثقيلة على روح الشعب وعلى الحلم الامريكي بالمساواة الكاملة لكل الطوائف العرقية، الذي أحرق الوعي القومي. عضو في هيئة المحلفين في لوس انجلوس التي تكونت من عشرة مواطنين بيض وواحد من أصل امريكي لاتيني وواحد من أصل آسيوي، برأ رجال الشرطة الاربعة البيض الذين قبل سنة ضربوا بصورة وحشية المواطن الاسود رودني كينغ. حقيقة إن الحادث الفظ تم توثيقه بكاميرا للفيديو من احد الجيران لم يؤثر على قرار حكم المحلفين وبهذا مهد الطريق لموجة اضطرابات واسعة النطاق التي قتل خلالها 53 مواطنا.

هذه الموجة من العنف التي ذكرت بالاضطرابات التي حدثت على خلفية العلاقات العرقية المتأججة في 1965 في لوس انجلوس وفي 1967 في ديترويت، أبقت ترسبات وندب، والتي في عهد الرئيس اوباما تندلع المرة تلو الاخرى نحو قلب الكيان الامريكي.

في ذروة الايام التي يجلس فيها في البيت الابيض الرئيس الاسود الاول يبدو أن هذا الصدع العرقي آخذ في الاتساع، وذلك حيث تكون اصابع رجال الشرطة البيض ـ ليس فقط في ولايات الجنوب ـ مستمرة في أن تكون سهلة على الزناد، وحيث تسارع قوات الشرطة واحيانا الحرس القومي في استخدام قوة غير متوازنة خلال المظاهرات واعمال الشغب.

من الصعب التصديق، ولكن خلافا للبلاغة المنمقة حول مجتمع أكثر تماسكا وعدلا من انتاج مصنع اوباما، ورغم عدد من الخطوات التشريعية المحددة التي أعدت لاغلاق فجوات في المجتمع الامريكي، تواصل طبقات الكراهية والاغتراب والعداوة العرقية الفوران والغليان بكل قوتها في ميادين وبلدات وقرى الولايات المتحدة. ايضا منظومة تطبيق القانون تواصل التصرف وفقا لقواعد منفصلة تماما عن الرسائل التشاركية التي يحاول الرئيس تمريرها.

على هذه الخلفية يمكن أن نرى في موجة العنف الحالية في بلتمور في اعقاب موت فيردي غري الداكن اللون والذي ضرب حتى الموت اثناء محاولته مقاومة اعتقاله، حلقة اخرى في السلسلة غير المنتهية للاضطرابات على خلفية عرقية والتي في السنوات الاخيرة تواصل المس بالنسيج الحساس جدا في شبكة العلاقات بين الاعراق. إن الاطواق البارزة في شبكة العنف هذه كانت قتل الشاب تريبور مارتن في شباط 2012 في سنفورد في كاليفورنيا من قبل المتطوع جورج تسمرمان (الذي والدته من أصل امريكي لاتيني). وموت الشاب مايكل براون في آب 2014، الذي أطلقت النار عليه من قبل الشرطي الابيض دارِن ولسون. في بلدة فرغوسن في ولاية ميسوري، والذي نتجت عنه سلسلة من احداث الشغب والنهب. فوق هذا، في الحادثين الاخيرين لم تتم معاقبة مطلقي النار. تسمرمان بُريء من كل تهمة، وفي الاسبوع الماضي قررت وزارة العدل عدم تقديم الشرطي ولسون للمحاكمة. ايضا في الحادث الاخير في هذا السياق والذي اثار الولايات المتحدة ـ اطلاق النار القاتل باتجاه المواطن الاسود وولتر لامار سكوت في الشهر الماضي، الذي ظهر كأنه قتل لمن حاول الهرب من شرطي ابيض ـ ليس واضحا حتى الآن اذا كان القرار بتقديم مطلق النار إلى المحاكمة سينتهي بادانته.

خمسة عقود بعد أن احتفل الرئيس لندن جونسون بسن القانون الذي استهدف منح حقوق سياسية كاملة للاقلية السوداء، لم يتم بعد اغلاق الدائرة على الايام السوداء والاقصاء لهذه الجالية. صحيح أن امريكا 2015 بعيدة بسنوات ضوئية عن الايام المظلمة لبداية الستينيات التي قامت فيها منظومة تطبيق القانون في الولايات الجنوبية باعمال قتل وعنف منهجية ضد السود، ولكن ايضا في هذه الايام من الانتعاش الاقتصادي يبدو أن الاقلية السوداء بقيت بعيدا في الخلف من ناحية مكانتها الاجتماعية ـ الاقتصادية.

رغم النوايا الحسنة لاوباما فان حقيقة أنه أراد الامتناع عن وسمه بأي وسم قطاعي ضيق، وبدلا من ذلك أن يعمل بصورة رسمية فخمة، أدت به إلى عدم وضع هدف تحسين مكانة الطائفة السوداء على رأس سلم أولوياته. كما أنه امتنع عن التدخل في الاجراءات البيروقراطية التي عملت مرارا وتكرارا باسلوب اليد القاسية (من خلال استخدام القوة العسكرية) في مواجهة خرق النظام في بلتمور وفي الحالات السابقة. الرئيس الذي يتحدث بمستويات عالية بشأن حقوق الانسان يبدو كمن يغمض عينيه تماما عندما يدور الحديث حول فرض النظام في ساحته الخلفية.

إسرائيل اليوم

                     

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى