مقالات مختارة

أثر الاتفاق النووي: اليكس فيشمان

 

لو كان لدى إيران اليوم صواريخ اس 300 تنفيذية، وقررت اسرائيل مهاجمتها صباح غد ـ لكانت هذه أوبيرا مختلفة تماما، وذلك لان هذا سيكون عائقا أعلى بكثير من ذاك الذي وقف امام سلاح الجو في «حملة اوبيرا» التي دمر فيها المفاعل النووي في العراق. غير أن ليس لدى الإيرانيين حاليا صواريخ كهذه، ويبدو أنه لن تكون لهم في السنتين ـ الثلاث سنوات القريبة القادمة. اما في اسرائيل، التي لم تهاجم إيران في السنوات العشرة التي كان يمكنها فيها أن تهاجمها- لا يبدو انه يوجد اليوم من يتخذ مثل هذا القرار في المستقبل المنظور. وبالتالي يمكن، ظاهرا، التحلي بالهدوء ـ غير أن الواقع اكثر تعقيدا بكثير: فنحن نوجد في ذروة ازمة دولية آخذة في التفاقم ونبدأ في احتمال آثارها.

قبل كل شيء، ثمة هنا قصة سياسية ترمز إلى انهيار نظام العقوبات على إيران. فلم يوقع بعد الاتفاق بين إيران والقوى العظمى، واذا بالروس يوجهون صفعة رنانة إلى الادارة الامريكية وحلفائها. فقد جاء البيان من الكرملين بالتوازي مع زيارة موسكو لوفد امني إيراني رفيع المستوى، برئاسة رئيس الجنة الخارجية والامن في البرلمان الإيراني علاء الدين بورجاري ورئيس المجلس الاعلى للامن القومي آية الله علي سمحاني. وهذا دليل آخر على أن للإيرانيين وللروس خططا بعيدة المدى لتوثيق العلاقات وللعودة إلى التعاون الامني، بما في ذلك بيع السلاح.

واذا لم يكن هذا بكاف، ففي موسكو يربطون توقيت الاعلان بالازمة في اليمن، حيث يقف الروس إلى جانب الإيرانيين والحوثيين ويديرون سياسة كدية تجاه الامريكيين. وفي روسيا يؤمنون بان المواجهة هناك ستؤدي في نهاية المطاف إلى صدام مباشر بين الإيرانيين والسعوديين، يؤدي إلى هجوم سعودي على المنشآت النووية الإيرانية ـ ولهذا فانهم يمنحون آيات الله منظومة دفاع جوي حديثة. من ناحية الاسطول الخامس الامريكي، فان امكانية ان يحوز الإيرانيون صواريخ اس 300 ويكون السعوديون مشاركين في مواجهة جوية هي تهديد اكثر ملموسا بكثير على حاملات الطائرات الامريكية التي في الخليج مما على اسرائيل.

وهكذا، بينما يحاول رئيس الوزراء نتنياهو هز سفينة الادارة الامريكية وبالكاد ينجح في احداث بعض الموج، جاء الروس ليذكرونا باننا نحن والامريكيين نبحر في ذات القارب ـ وعندما تدخل الماء اليه فاننا نكون اول من يبتل لاننا الادنى مرتبة. وبالتالي فلعل هذا هو الوقت للكف عن هز السفينة والشروع في الحديث بجدية مع القبطان. يبدو ان الإيرانيين لن يحصلوا على الـ اس 300 قريبا وذلك لان الطراز الذي طلبوه وتناسب مع احتياجاتهم العملياتية تفكك في 2011. فلم تعد الشركة الروسية تنتج هذا الطراز، وخطوط انتاجها تحولت لانتاج صواريخ اكثر تطورا من طراز اس 400. وهكذا فان الروس يعتزمون عمليا اخراج صواريخ اس 300 من جيشهم، منحها للإيرانيين واستيعاب صواريخ اس 400 مكانها ـ غير أن خط انتاج هذه الصواريخ بطيء وسيستغرق وقتا لتجميع المخزون اللازم. ومع ذلك يحتمل أن يكون لدى الإيرانيين منذ الان الصيغة الصينية لـ اس 300.

من ناحية عملياتية، يدور الحديث عن منظومة سلاح متطورة تعمل على مسافات وارتفاعات لم يتصدى سلاح الجو لها بعد. مسموح لنا الافتراض بانه في منتصف العقد الماضي، عندما كانت صفقة بيع الـ 300 لإيران وسوريا على جدول الاعمال، بدأوا في اسرائيل يستعدون من ناحية عقائد القتال ومن ناحية تكنولوجية للتصدي لهذا التهديد ـ ولكن طالما لم يروا هذا الصاروخ في العمل الحقيقي ولم يتعرضوا لنقاط ضعفه، ينبغي لنا أن نتوقع المفاجآت.

حتى اليوم كانت المنطقة المحمية في مدى ضيق نسبيا من 20 ـ 30كم. ولكن الـ اس 300 بالطراز المعروض للبيع للإيرانيين يوفر حماية لمسافة 150كم. وسيتعين على سلاح الجو ان يكون قادرا على العثور والتشويش للرادارات والصاروخ وان يطور عقائد قتالية مختصة. وهذا يتطلب وقتا ومالا، ولكن طالما يدور الحديث عن مسائل مهنية يفترض بالمهندسين والطيارين ان يحلوها، يبدو أنه ستوجد حلول. مشاكلنا هي في المجال الزعامي.

يديعوت

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى