مقالات مختارة

الاموال الاميركية تستخدم لضرب حكومات أميركا اللاتينية: بابلو فيفانكو

 

الحكومة والجيش الاميركي لهما تاريخ طويل في التدخل بشؤون العديد من الدول في أميركا اللاتينية ومنطقة بحر الكاريبي .

وبحلول نهاية القرن الـ19، كان هناك على الأقل 10 تدخلات عسكرية أميركية في نصف الكرة الأرضية: الأرجنتين (1890)، وشيلي (1891)، وهايتي (1891)، بنما (1895)، كوبا (1898)، بورتوريكو (1898 ) ونيكاراغوا (1894، 1896، 1898 و 1899).

من هنا وصاعدا، الإدارات الأميركية المتعاقبة تطبق استراتيجيات وتكتيكات مختلفة لتأمين وحماية مصالحها الجيوسياسية والاقتصادية. ومع ذلك، فقد تم مؤخرا الاعتراف بدور التمويل الأميركي للمنظمات غير الحكومية، وخاصة الصندوق الوطني للديمقراطية (NED) والوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID)، للعب الدور الابرز في تعزيز السياسة الخارجية الأمريكية.

على سبيل المثال، في العام 2012 حكومات التحالف البوليفاري لشعوب قارتنا الأمريكية (ألبا) وقعت مجتمعة على قرار طرد USAID من كل بلد من البلدان الموقعة. وتضمنت تلك البلدان بوليفيا وكوبا والإكوادور ودومينيكا ونيكاراغوا، وفنزويلا.

الصندوق الوطني للديمقراطية (NED)

صندوق الوطني للديمقراطية (NED) هو مؤسسة خاصة غير ربحية مكرسة لتحقيق النمو وتعزيز المؤسسات الديمقراطية في جميع أنحاء العالم. وفي كل عام، يقدم الصندوق الوطني للديمقراطية أكثر من 1000 منحة لدعم مشاريع الجماعات غير الحكومية في الخارج والتي تعمل من أجل الأهداف الديمقراطية في أكثر من 90 بلدًا. ومنذ تأسيسه في عام 1983، ظل الصندوق في طليعة النضال الديمقراطي في كل مكان، مع تطوره في الوقت ذاته إلى مؤسسة متعددة الجوانب تعد محورًا للنشاط والموارد والتبادل الفكري للنشطاء والممارسين والباحثين في مجال الديمقراطية في جميع أنحاء العالم.

بذل الصندوقجهودا مع وكالة الاستخبارات المركزية السابقة في العام 1950 و 60 و 70 لتوفير المال للعمليات السرية التي تهدف إلى تعزيز الحكومات الموالية للولايات المتحدة والحركات في الخارج. في أميركا الجنوبية على سبيل المثال، بين العامي 1975 و 1978 ساعد الولايات المتحدة في إنشاء وتنفيذ “عملية كوندور”. ودعمت الولايات المتحدة الديكتاتوريات اليمينية في الأرجنتين، بوليفيا، البرازيل، شيلي، باراغواي، أوروغواي وكولومبيا وبيرو وفنزويلا والاكوادور تقنيا وعسكريا بهدف مطاردة وقتل المعارضين السياسيين. فبعض التقديرات تشير إلى أن عملية كوندور ادت الى مقتل ما بين 60 و80 الف شخص.

في العام 1986، اوضح رئيسNED كارل جريشمان لصحيفة نيويورك تايمز، “نحن لا ينبغي علينا القيام بهذا النوع من العمل سرا … وسيكون من الرهيب للجماعات الديمقراطية في جميع أنحاء العالم أن ينظر إليها باعتبارها مدعومة من وكالة الاستخبارات المركزية، ورأينا أنه في الستينات تم وقف ذلك”.

مواطنو الولايات المتحدة لا يدركون انهم يمولون NED باموالهم. فكومة الولايات المتحدة تخصص جزء من ميزانية وكالة التنمية الدولية (USAID) في إطار وزارة الخارجية الأمريكية إلى NED، على الرغم من أن الصندوق يتلقى عمليا كل تمويله من الحكومة الأميركية، وNED هو في حد ذاته منظمة غير حكومية يرأسها مجلس إدارة. والمجلس الحالي يتضمن:

         السياسي والاقتصادي والكاتب فرانسيس فوكوياما

         إليوت أبرامز، نائب مستشار الأمن القومي في إدارة الرئيس جورج دبليو بوش في شؤون الشرق الأوسط

         مويسيس نعيم، وزير التجارة والصناعة الفنزويلي خلال العام 1990والمدير التنفيذي السابق للبنك الدولي

         نائب وزير الخارجية الاسبق في عهد جورج دبليو بوش (2005 – 2006) ونائب الرئاسة في مجموعة جولدمان ساكس، روبرت زوليك.

نشاط NED مثير للإعجاب حقا، فوفقا لموقع NEDهو يدعم أكثر من 1000 مشروع للمنظمات غير الحكومية في أكثر من 90 بلد.

في أوائل العام 1980، تم تخصيص 18 مليون دولار أميركي لعمليات التمويل، وبلغت الذروة في أواخر العام 1990وبداية 2000. وقد تمت الموافقة على الاعتمادات المخصصة لعامي 2014 و 2015 بمبلغ 103500000 $، في حين أن أكثر 7000000 $ كانت موجهة للمنظمات المعارضة في الإكوادور وبوليفيا وفنزويلا وكوبا في العام 2013.

من الواضح أن أولويات التمويل في أمريكا اللاتينية ومنطقة بحر الكاريبي تعكس استراتيجية NED الحديثة لتحقيق الأهداف الخفية القديمة.

وقال ميشيل شوسودوفسكي، الاستاذ في جامعة أوتاوا في كندا، ان هذا التمويل هو عنصر من عناصر “معارضة التصنيع” ضد الحكومات التي تكره الحكومة الاميركية. ومع ذلك، فإن هؤلاء الممولين لا يعملون لوحدهم، واضاف ان (NED) و (USAID) هي كيانات مرتبطة بوزارة الخارجية الأمريكية، وتعمل جنبا إلى جنب مع كل المنظمات الأخرى.

وفي مايو 2010 أصدرت مؤسسة العلاقات الدولية والحوار الخارجي تقييمها لمساعدة الديمقراطية في فنزويلا وكشفت بأنه إضافة إلى تمويل NED و USAID هناك مجموعة واسعة من المؤسسات الخاصة والمنظمات غير الحكومية التي تمول من مقرها الأوروبي المنحاز للمعارضة.

ووفقا لدانبيتون، مدير الاتصالات الدولية في مركز أبحاث الاقتصاد والسياسة (CEPR) في واشنطن DC، فقد توجهت الأموال الى أميركا اللاتينية مثل اتحاد نقابات العمال في فنزويلا (CTV)، الذي كان له دور أساسي في انقلاب 2002 في فنزويلا، وكذلك الأحزاب السياسية القديمة التي هي الآن قوات هامشية في المناظر الطبيعية السياسية في بلادهم على الرغم من التمويل الخارجي الكبير.

الوكالة الاميركية التابعة للتنمية الدولية

أنشئت في العام 1961 كبرنامج للمساعدات الخارجية في عهد الرئيس جون كينيدي، USAID تحصل على ميزانية أكبر بكثير واوسع نطاقا من NED بينما يشدد الدبلوماسيون الاميركيون على أن تمويل USAID لا أساس سياسي له، وثائق USAID تعترف بدورها في “تعزيز مصالح أميركا وللسياسة الخارجية من خلال تعزيز التقدم البشري على نطاق واسع في الوقت نفسه هي توسع دورها في المجتمعات الحرة، التي تخلق الأسواق والشركاء التجاريين للولايات المتحدة”، لكن المنتقدين يشككون في عمل الوكالة التبشيري، مشيرين إلى تغير الاستراتيجية على مر الزمن.

مهمة USAIDهي توفير مساعدات التنمية وتحقيق التعادل في مفاوضات الديون وهلم جرا، وقال شوسودوفسكي في وقت لاحق ان تطور برنامج مساعدات التنمية أعاد توجيه جهود التمويل للمنظمات غير الحكومية.

في حين أن مجموعة من الأنشطة التي تضطلع بها المنظمات غير الحكومية قد لا يكون لها نوايا سياسية، الا ان بيتون يرى أن هذا التمويل “في نهاية المطاف يمكن وغالبا ان يكون له فائدة سياسية وخاصة عندما تريد الولايات المتحدة منح مساعدتها لتحقيق أهدافها في هذه البلدان“.

لدى الولايات المتحدة طموحات سياسية ظهرت الى دائرة الضوء الدولي مؤخرا، فقد بلغت تمويل USAID سرا لشبكة التراسل الاجتماعية في كوبا 1.6 مليون دولار.

مسؤولو USAID متهمون بالتدخل السياسي النشط في شؤون الدول ذات السيادة ومن بينهم المدير الاقليمي مارك فايرستاين. ووفقا للمحققة الصحفية الفنزويلية إيفا كولينجير، التقى فايرستاين في العام 2013 بشخصيات المعارضة الفنزويلية بما في ذلك الساسة اليمينيين ماريا كورينا ماتشادو، خوليو بورخيس ورامون غييرموافيلادووكذلك السياسي الاستراتيجي خوان خوسيه ريندون لوضع خطة لتقويض الحكومة الفنزويلية.

في جلسة الاستماع الخاصة بالميزانية في وزارة الخارجية، أكد فايرستاين “ان البرنامج هو طويل الأمد وهو مجهز لدعم أولئك الذين يدافعون عن الديمقراطية وحقوق الإنسان في فنزويلا … ونحن على استعداد لمواصلة القتال تحت أي سيناريو“.

برقيات وزارة الخارجية التي كشفت عنها ويكيليكس تحدثت أيضا عن أنشطة سابقة قامت بها USAID / OTIفي فنزويلا، بما فيها تطوير استراتيجية مناهضة الحكومة من خمس نقاط، فضلا عن التأكيد على أن المنح كانت نشطة في تعزيز مظاهرات في الشوارع في العام 2009.

كان ماتشادو وهو عضو في جمعية وطنية مضادة لشافيز، من بين الموقعين على مرسوم “كارمونا” بعد الانقلاب الفنزويلي في العام 2002، الذي ألغى السلطتين التشريعية والقضائية، وكذلك الدستور. وكان أيضا من بين أبرز المروجين للعنف في العام الماضي الذي راح ضحيته 43 شخصا.

في بوليفيا، العمال الريفيين المحليين والحكومة استطاعوا طرد شركة كيمونكس الاميركية بعد برنامج التمويل من اجل الديمقراطية الذي وصل الى 2700000 $ واتهموا واشطن بمحاولة زعزعة استقرار التمويل ضد الحكومة. كيمونكس تعمل في حوالي 150 بلدا، وتقدم خدمات فنية واستشارات مختلفة.

وقالت الحكومة البوليفية علنا ان ​​ما قيل كان دليلا على البرامج الممولة من الوكالة الأمريكية للتنمية لتعبئة السكان الأصليين ضد الحكومة. وكانت البرامج الممولة من الوكالة الأمريكية للتنمية نشطة في هذه المجالات، ومولت بعض المنظمات الرائدة مثل(CIDOB).

USAIDرفضت الكشف عن الجهة التي مولت والحكومة البوليفية كان لها أسباب قوية للاعتقاد بأن جماعات المعارضة متورطة في أعمال العنف والأنشطة الهدامة التي تهدف إلى إسقاط حكومة موراليس وقال بيتون “نعرف الآن من خلال موقع ويكيليكس أن هذا ما كان يحدث حقا.”

كشف الرئيس ايفو موراليس نصوص مكالمات هاتفية بين منظمي المسيرة ومسؤولون في السفارة الامريكية. وأكدت السفارة الامريكية المكالمات، ولكن أوضحت أنها كانت مجرد محاولة للاستطلاع عن الوضع السياسي والاجتماعي في البلاد.

وقد ندد مسؤولون أيضا بعدم مساءلة الحكومة البوليفية أو الدوائر المستفيدة من أموال USAIDوأكد رئيس بوليفيا لازارو تاكو أنهم تلقوا “الدعم الخارجي لورش العمل”.

في شهر يونيو من العام 2012، كشفت صحيفة إكوادورية أن 4 منظمات غير حكومية مقرها في الإكوادور كانت مستفيدة بأكثر من 1.8 مليون دولار لمشروع يسمى “مواطنين فاعلين”، الذي كان ينتقد حكومة كوريا.

في نوفمبر 2013 أرسلت الحكومة الإكوادورية رسالة إلى السفارة الأمريكية في عاصمة البلاد كيتو، وطلبت أن توقف “USAID أي نشاط جديد” في الاكوادور، وإلغاءمساعداتها بعد فترة وجيزة.

وقال بيتون: انعدام الشفافية هو على الارجح اكبر مشكلة مع USAID فهي تمنع حقا الحكومات في البلدان المضيفة من العثور على شيء للاعتراض عليه”. كان هذا في جزء كبير منه يقوم على مبدأ “سيتكيالاكوادوري”.

في أعقاب الزلزال المدمر في العام 2010، أجريت CEPR تقييم واسع عن تمويل USAID لهايتي، بما في ذلك تاريخ التمويل، ووجدت ان التنسيق مع الحكومة المحلية هو مشكلة كبيرة، وخصوصا عندما شهدت الحكومة المحلية توترات مع السياسة الخاراجية الاميركية.

حكومة الولايات المتحدة سعيدة تماما لعدم التنسيق مع الحكومات، وراى [الرئيس الهايتي السابق] أريستيد ان الكثير من المساعدات لحكومة هايتي انتقل إلى المنظمات غير الحكومية، والى جماعات المعارضة وما يسمى جماعات المعارضة الديمقراطية.

وفي العام 2013، بلغت مخصصاتNED وUSAID لكوبا وفنزويلا والإكوادور وبوليفيا وحدها أكثر من 60 مليون دولار أميركي، الجزء الأكبر من هذه الأموال متجه كان إلى كوبا والاكوادور. للحكومة التقدمية والحركات الاجتماعية لهذه البلدان، هناك قلق متزايد من أن هذه الأموال يمكن استخدامها لإجراء “عملية لزعزعة استقرار الحكومة كجزء من الحرب غير التقليدية، من خلال ما يسمى الثورات الملونة أو التسلل“.

ترجمة: وكالة اخبار الشرق الجديد-ناديا حمدان

http://www.telesurtv.net/english/analysis/How-the-US-Funds-Dissent-against-Latin-American-Governments-20150312-0006.html

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى